تواصلت الاحتجاجات الشعبية، أمس، في شمال لبنان وجنوبه بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مع هبوط سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية إلى قاع جديد. واعتصم عدد من المحتجين أمام سرايا مدينة حلبا شمال لبنان، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية والارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار، وانهيار العملة اللبنانية وانعدام القدرة الشرائية. وطالب المحتجون بـ«حقهم في الكهرباء وكل مقومات الحياة في محافظة عكار، أسوة بغيرهم من البلدات اللبنانية»، وسط إجراءات أمنية مشددة. وقطع المحتجون الشوارع في مدينة طرابلس وطريق البداوي الدولي شمال لبنان وفي مدينة صيدا جنوب البلاد ومدينة بعلبك وفي محلة جديتا شرقا. وأغلق متظاهرون لبنانيون عدداً من الطرق في مدينتين بجنوب وشمال البلاد، احتجاجاً على الانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي. وأقدم عدد من السائقين على إغلاق طرق رئيسة في صيدا بسياراتهم وباستخدام العوائق الحديدية، احتجاجاً على الارتفاع المستمر في أسعار المحروقات، بينما قطع عدد من الأشخاص السير بمنطقة حلبا في عكار شمال لبنان. ويبلغ الحد الأدنى للأجور في البلاد 675 ألف ليرة لبنانية. وهبطت الليرة اللبنانية إلى قاع جديد أمس أمام الدولار، وهو ما زاد الضغط على المواطنين بعد أكثر من عامين من أزمة عصفت بالبلاد وأدت إلى سقوط كثيرين في براثن الفقر وتأجيج المظاهرات. ونزل المتظاهرون إلى الشوارع في مناطق من لبنان، مساء الأول، وأحرقوا إطارات سيارات، وأعربوا عن غضبهم من الوضع الاقتصادي المتردي وسط الجمود السياسي. واصطفت السيارات في طوابير أمام محطات البنزين قبل ارتفاع متوقع في الأسعار. لكن عبد الرحمن الشعار، الذي يدير متجراً للكمبيوتر في وسط بيروت، اعتبر الوضع مأساوياً، وقال: نريد أن نصدق أنفسنا بأن هناك أملاً، لكن الناس يموتون من الجوع، والدولة في غيبوبة، والدولار إلى ارتفاع، ولا نعرف إلى أين سنصل. وهبطت الليرة اللبنانية خلال التداول، أمس، إلى مستوى قياسي مسجلة ما يزيد على 33000 مقابل الدولار الأميركي، انخفاضاً من نحو 30 ألفاً خلال عطلة نهاية الأسبوع، ونحو 27400 في 31 ديسمبر. وقبل الأزمة الاقتصادية، التي اندلعت في أكتوبر عام 2019 بسبب تراكم الديون كان يتم تداول الليرة بسعر 1500 أمام الدولار. وأدى التصلب السياسي بين الزعماء في لبنان إلى إحباط عام في ظل سياسات اقتصادية غير مستدامة، وانخفاض تدفقات العملات الأجنبية الحيوية لاقتصاد البلاد. وشكل نجيب ميقاتي حكومة في سبتمبر، بهدف التفاوض على برنامج دعم من صندوق النقد الدولي، وبدء التعافي الاقتصادي. لكنه لم يتمكن من عقد أي اجتماع لمجلس الوزراء منذ 12 أكتوبر، وسط مطالب من ميليشيا «حزب الله» بالحد من التحقيق في الانفجار الدامي في بيروت في أغسطس 2020. من جانبها، أكدت سفيرة فرنسا لدى لبنان آن غريّو، ضرورة عودة مجلس الوزراء إلى الانعقاد، مشددة على وقوف فرنسا إلى جانب لبنان وشعبه. واستقبل الرئيس اللبناني ميشال عون، السفيرة غريّو، في قصر بعبدا، أمس، بحسب بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية. ونقلت السفيرة غريّو خلال الاجتماع: «رسالة دعم من فرنسا رئيساً وحكومةً وشعباً إلى لبنان وشعبه بأن باريس تقف إلى جانبهما». وأشارت السفيرة الفرنسية «إلى ضرورة عودة مجلس الوزراء إلى الانعقاد، وأهمية تقدم المفاوضات المالية والاقتصادية لما فيه مصلحة لبنان، إضافة إلى وجوب استمرار التحضيرات لإجراء الانتخابات النيابية في أجواء سليمة». ورحبت غريو بالدعوة إلى الحوار التي وجهها الرئيس عون، وتمنت أن يتمكن لبنان من العمل على تخطي كل الأزمات التي يواجهها، من خلال تضامن اللبنانيين ووحدتهم. وعقد عون سلسلة اجتماعات، خلال اليومين الماضيين، في محاولة لحشد الدعم لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني، لمناقشة الأزمة الاقتصادية في البلاد من بين قضايا أخرى، لكنه لم يحصل حتى الآن إلا على دعم الحلفاء المقربين. وفي وقت لاحق من هذا العام تنتهي مدة ولاية عون في الرئاسة والبالغة ست سنوات مما يزيد تعقيد المشهد السياسي البلاد.
مشاركة :