رغم تجاوز الكتل السياسية العراقية مخاض الانتخابات وما تبعها من خلافات امتدت أكثر من شهرين، عاد الانسداد السياسي إلى المربع الأول بعد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد في دورته الخامسة، وعاد الحديث عن تقديم الطعون إلى المحكمة الاتحادية مرة أخرى، في وقت حذرت الفصائل المسلحة من أيام عصيبة مقبلة. واستبق المسؤول الأمني لكتائب «حزب الله العراق» أبو علي العسكري اجتماع قادة الإطار التنسيقي الذي يضم أبرز القوى الشيعية المحسوبة على إيران لبحث هزيمته الأولى في أولى جلسات البرلمان الصاخبة وتداعياتها السياسية، وحذر من «أيام عصيبة ستمر على العراق سيكون الجميع فيها خاسراً». وكتب العسكري، في تدوينة له على موقع «تليغرام» ليل الاثنين- الثلاثاء: «بُحت أصواتنا وهي تنادي بإرجاع الحقوق لأهلها، وحذرنا مراراً وتكراراً من خطورة مصادرة حق الأغلبية، والسير وراء الإرادة الخارجية، خصوصا البريطانية والإماراتية». في هذه الأثناء، بحث قادة الإطار التنسيقي للقوى الشيعية في مكتب رئيس المجلس الإسلامي همام حمودي أمس، تداعيات الجلسة الأولى لمجلس النواب، التي شهدت شداً وجذباً مع غريمهم التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر والمتحالفين معه، وناقشوا الرد على خسارتهم منصب النائب الأول، وخطواتهم تجاه مخرجات الجلسة على المستويين القضائي والسياسي، ومواجهة محاولات فرض الإرادات والتفرد بالقرار. وعشية الاجتماع، رفض «الإطار» مخرجات الجلسة الأولى، التي انعقدت الأحد التاسع من الشهر الجاري، معتبراً أنها باطلة دستورياً وغير قانونية لغياب رئيس السن محمود المشهداني عنها، وأنه سيلجأ للطعن في انتخاب محمد الحلبوسي لرئاسة البرلمان لولاية ثانية، والقيادي الصدري حاكم الزاملي والنائب الكردي شاخوان عبدالله نائبين له. وبينما قررت رئاسة البرلمان «إحالة المشهداني إلى لجنة السلوك النيابي لمخالفته الدستور والنظام الداخلي للمجلس»، أكد النائب الثاني لرئيس البرلمان شاخوان عبدالله أمس، أن جلسة انتخاب هيئة رئاسة مجلس النواب عقدت بكل مراحلها وتفاصيلها وفق المادة 54 من الدستور العراقي، وشملت أداء اليمين وما رافقه من خطوات قانونية ودستورية، ولم تشُبْها أية خروقات أو مخالفات. وأوضح النائب عن الحزب الديموقراطي الكردستاني أن مفوضية الانتخابات أدرجت 3 رؤساء للسن لإدارة الجلسة وتم استبدال المشهداني لعدم حياديته وفق تسجيل صوتي داخلي يؤكد ترشحه لرئاسة البرلمان، وهذا لا يؤهله لإدارة الجلسة، وتمت إناطة الإدارة للاحتياطي الثاني الأكبر خالد الدراجي، وتم انتخاب هيئة الرئاسة بإجراءات قانونية محكمة بحضور وإشراف الدائرة القانونية والمستشارين. وقبيل رفع الجلسة الافتتاحية، التي فجرها المشهداني بطلب ترشحه ومنحه الكلمة لنواب الإطار التنسيقي والتيار الصدري، قدم رئيس الكتلة الصدرية حسن العذاري قائمة بأسماء وتواقيع الكتلة الأكبر عدداً إلى الحلبوسي، الذي فتح بدوره باب الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، خلال 15 يوماً، وفقاً للتوقيتات الدستورية. وفي حين قرر المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني صاحب 17 مقعداً نيابياً إعادة ترشيح الرئيس برهم صالح لدورة ثانية، عارض الحزب الديموقراطي الكردستاني، الذي حصل على 31 مقعداً في الانتخابات التشريعية، ذلك، رغم أن حصوله على منصب النائب الثاني لرئيس البرلمان إشارة واضحة إلى ذهاب منصب الرئاسة للاتحاد الوطني. وأكدت المستشارة السياسية للاتحاد الوطني ريزان شيخ دلير أن حزبها، الذي جرى العرف خلال الدورات المنصرمة تقديمه المرشح للمنصب، قرر اعتماد صالح مرشحاً وحيداً للرئاسة، وأن وفداً برئاسة بافيل طالباني سيتوجه إلى بغداد لإقناع الأطراف الشيعية والسنية بهذا الأمر.
مشاركة :