إكراهات أوميكرون تبدد آمال انتعاش السياحة المغربية |

  • 1/12/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

وجد العاملون في القطاع السياحي أنفسهم في وضع لا يحسد عليه بعد أن تشبثت السلطات بمواصلة إغلاق الحدود أمام الزوار في ظل الانتشار السريع لمتحور فايروس كورونا أوميكرون في أوروبا وأفريقيا. ودخل قرار تعليق الرحلات حيز التنفيذ في أواخر نوفمبر الماضي، وتم تمديده لشهر إلى غاية نهاية يناير الجاري ما أرخى بظلال قاتمة على القطاع خاصة، واقتصاد البلاد بصفة عامة، وسط مخاوف من تلقي السياحة المغربية “ضربة قاضية” خلال العام الجاري. وكان عاملون في وكالات السفر قد تظاهروا في وقت سابق هذا الشهر بالرباط للضغط على الحكومة للعدول عن قرارها وطالبوا بفتح حوار معهم، واتخاذ إجراءات دعم لإنقاذهم من “حالة من الانهيار الخطير منذ بداية الجائحة” و”توقف نشاطهم نهائيا”. مهدي فقير: تمديد الإغلاق انعكس بشكل سلبي على كافة مرافق السياحة وتعد السياحة مصدرا رئيسيا للنقد الأجنبي للمغرب إلى جانب الصادرات وتحويلات المغتربين. وقد ساهم القطاع في الفترة بين عامي 2017 و2019 بأكثر من 223.9 مليار درهم (24.36 مليار دولار). ويرى الخبير الاقتصادي المغربي مهدي فقير أن توقف نشاط المرافق السياحية وكل القطاعات المرتبطة به بشكل كلي أثر بشكل كبير على القطاع. وقال فقير لوكالة الأناضول إنه “في بعض الأحيان كانت هناك فترات من التوقف، وانفراج بين الفينة والأخرى، لكنها مع الأسف فترات محدودة، وكانت تمس بالأساس السياحة الداخلية”. وأضاف “اليوم الإغلاق الذي يستمر لشهرين، خلق نوعا من التذبذب والاضطراب، انعكس بشكل كبير على البنى التحتية الإنتاجية ذات العلاقة بالسياحة”. واعتبر أن القيمة المضافة للقطاع تتأثر اليوم نتيجة الإغلاق، ولا يمكن مستقبلا التدارك، حيث من المرتقب أن تشهد السياحة تركيزا لدى بعض الفاعلين الذين سيسيطرون عليه بالفعل. وحتى بعد الانتعاش التدريجي للقطاع، فإن المستفيد الأكبر هي الدول الكبرى التي ستصمد. ومن المتوقع أن يأتي فاعلون أجانب للاستقرار في المغرب، بينما ستتضرر الشركات المحلية الصغيرة. ومع ذلك، يرى الخبراء أنه من السابق لأوانه الحديث عن أرقام تتعلق بمدى تأثر نسبة نمو الاقتصاد المحلي من شلل قطاع السياحة. وتبلغ مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي 10 في المئة، وقد تكون أكبر، وتأخذ بعين الاعتبار السياحة غير التقليدية والاقتصاد غير المنظم وما يتعلق بنشاط المغتربين وأيضا الصناعة التقليدية. ويؤكد الكاتب العام لوكالات السفر المغربية خالد مفتاح أن قطاع السياحة، التي يعمل فيها أكثر من نصف مليون شخص، بصفة عامة ووكالات السياحة خاصة تكبدوا خسائر مادية كبيرة منذ بداية الجائحة. وقال مفتاح إن “نشاطنا توقف نهائيا إثر غلق الحدود وإقرار إجراءات تسببت في نسف القطاع برمته”. وأضاف “للأسف لا توجد آذان صاغية من طرف القطاع الحكومي الوصي على السياحة في المغرب”. ودعا مفتاح إلى تدخل الدولة من أجل خطة شاملة لإنقاذ القطاع من الإفلاس، وقال “لدينا مطالب مشروعة، في مقدمتها الإعفاء من الضرائب، والاستمرار في دعم شغيلة القطاع”. وتطالب وكالات الأسفار بتأجيل أداء القروض من طرف البنوك، وإلا ستعلن إفلاسها كما أن القطاع سيعاني مستقبلا من أزمة ثقة، وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها وتتدخل قبل فوات الأوان. وكان تجمع مهنيي النقل السياحي قد راسل البنك المركزي المغربي من أجل تقديم مقترحات الحلول للخروج من الأزمة ومن أجل الوساطة مع المؤسسات البنكية. وقال التجمع في بيان له، عقب قرار السلطات إغلاق الحدود مجددا، إن “الأزمة التي يمر بها القطاع اليوم هي نتيجة لقوة قاهرة فرضتها الجائحة”. وأضاف “معظم شركات النقل السياحي كانت قبل الجائحة تسدد قروضها بشكل مستمر، ولم تتوقف عن الأداء إلا بعد التوقف عن العمل بسبب القيود الاحترازية”. وأعلنت وزارة السياحة في وقت سابق “التزامها بتفعيل مخطط واسع لدعم مهنيي السياحة في أقرب الآجال”. كما وعدت بمنح دعم مالي يناهز 190 يورو شهريا للعاملين في القطاع يغطي الأشهر الأربعة الأخيرة من العام الماضي. وقدر أحد مهنيي السياحة في تصريحات نقلتها محطة “ميديا 24” المحلية خسائر القطاع خلال فترة رأس السنة الماضية بأكثر من 100 مليون دولار. ولا توجد معطيات دقيقة من قبل السلطات عن تلك الخسائر. وقال رئيس فدرالية الفندقيين المغاربة لحسن زلماط في تصريحات صحافية سابقة إن “الجميع يعلم أن الوضع كارثي، لكن ماذا تفعل الحكومة؟”. وشدد على ضرورة “فتح الحدود لكي نتمكن من العمل”، مشيرا أيضا إلى المطالبة “بتأجيل سداد الديون المتراكمة لدى البنوك”. وبحسب مديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، شهدت عائدات السياحة تراجعا بنسبة 0.7 في المئة خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي لتصل 28.5 مليار درهم (3.07 مليار دولار). وأوضحت المديرية في مذكرة نشرتها بموقع الوزارة أن إيرادات القطاع انخفضت بنسبة 57.4 في المئة، أي 38.5 مليار درهم (4.15 مليار دولار) مقارنة مع مستواها قبل الأزمة.

مشاركة :