سجل حجم التجارة الخارجية للصين رقما قياسيا جديدا في 2021، حيث تجاوز ستة تريليونات دولار أمريكي للمرة الأولى، على الرغم من التأثيرات المستمرة الناجمة عن جائحة كوفيد - 19 على التجارة العالمية. وبلغ إجمالي حجم تجارة السلع 6.05 تريليون دولار أمريكي، بزيادة 1.4 تريليون دولار مقارنة بالعام السابق، وفق ما أظهرت نتائج بيانات رسمية أصدرتها الهيئة العامة للجمارك. ونما حجم التجارة المقومة باليوان بنسبة 21.4 في المائة على أساس سنوي، ليبلغ 39.1 تريليون يوان، وعلى وجه التحديد، زادت الصادرات 21.2 في المائة، لتبلغ 21.73 تريليون يوان، وارتفعت الواردات 21.5 في المائة، لتبلغ 17.37 تريليون يوان. وقال لي كوي ون، المتحدث باسم الهيئة، "ظلت الصين في طليعة التنمية الاقتصادية والاستجابة للجائحة على الصعيد العالمي، وحافظت على نمو سريع في التجارة الخارجية، التي سجلت رقما قياسيا في الحجم وتقدما ثابتا في الجودة". وشهدت البلاد نموا ثابتا في التجارة مع جميع شركائها التجاريين الخمسة الكبار، بحسب وكالة أنباء شينخوا الصينية. وقفزت واردات وصادرات الصين مع "الآسيان" والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة 19.7 في المائة و19.1 في المائة و20.2 في المائة على التوالي، بينما زادت تجارتها مع اليابان وكوريا 9.4 في المائة و18.4 في المائة. وفي الوقت نفسه، سجلت تجارة البلاد مع الاقتصادات المشاركة في مبادرة "الحزام والطريق" زيادة بنسبة أعلى من المتوسط حيث نمت بمقدار 23.6 في المائة. وبحسب "رويترز"، أظهرت البيانات أن الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة في 2021، 396.58 مليار دولار. وبلغ الفائض في كانون الأول (ديسمبر) وحده، 39.23 مليار دولار. وارتفعت صادرات الصين 20.9 في المائة في كانون الأول (ديسمبر) على أساس سنوي، كما قفزت الواردات 19.5 في المائة خلال نفس الفترة. وكان محللون قد توقعوا في مسح أجرته "رويترز" زيادة الصادرات 20 في المائة الشهر الماضي، بعدما ارتفعت 22 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر). كما توقعوا نمو الواردات 26.3 في المائة، بعدما ارتفعت 31.7 في المائة في نوفمبر تشرين الثاني. وسجلت الصين فائضا تجاريا 94.46 مليار دولار الشهر الماضي، مقارنة مع توقعات في المسح بفائض قدره 74.50 مليار دولار. كانت الصين قد سجلت فائضا بلغ 71.72 مليار دولار في تشرين الثاني (نوفمبر). وارتفعت الصادرات الصينية 2021، بسبب طلب عالمي قوي مع رفع البلدان تدابير الإغلاق، التي فرضتها لمواجهة الجائحة، كما أظهرت بيانات الجمعة، ما أدى إلى ارتفاع الفائض التجاري الإجمالي إلى مستوى جديد وتقديم دفعة يحتاج إليها الاقتصاد المتعثر بشدة، لكن مسؤولين حذروا من ظروف غير مواتية. وشهد ثاني أكبر اقتصاد في العالم انتعاشا سريعا بعد الأزمة، التي تسبب بها فيروس كورونا في العامين الماضيين، بعد ظهور الإصابات الأولى في مدينة ووهان أواخر 2019، ما سمح للمصانع بالعمل وتلبية حاجات العالم إلى الإلكترونيات والإمدادات الطبية. وزيادة الصادرات العام الماضي، أسهم في دفع الفائض التجاري السنوي إلى 676 مليار دولار، وقد أوضح الناطق باسم الجمارك لي كوي ون، أن هذه الزيادة تعود إلى ارتفاع شحنات المنتجات الميكانيكية والإلكترونية. لكن فيما قدمت الصين "تقارير مبهرة" في مواجهة التحديات، قال لي للصحافيين أمس: إن الاقتصاد "يواجه ضغوطا ثلاثية من انكماش الطلب وصدمة العرض وتراجع التوقعات". وقال جوليان إيفنز - بريتشارد من شركة كابيتال إيكونوميكس البريطانية للبحوث الاقتصادية في مذكرة: إن الأسعار المرتفعة أسهمت في تعزيز الصادرات. من جانبها، أوضحت الخبيرة الاقتصادية في مجموعة "آي إن جي" الهولندية للخدمات المالية إيريس بانغ لـ"الفرنسية": إن العامل الآخر، الذي أسهم في زيادة الشحنات الخارجية هو "تخفيف إجراءات التباعد الاجتماعي في الولايات المتحدة والغرب عموما". وقال تشيوي تشانغ، كبير الاقتصاديين في شركة "بينبوينت أسيت مانجمنت" الصينية لإدارة الاستثمارات، إن أرقام الصادرات في كانون الاول (ديسمبر) قد "تعكس الضرر الذي ألحقته المتحورة أوميكرون بسلسلة التوريد العالمية" مع تحول طلبات التصدير من دول أخرى إلى الصين. وأضاف، "في الوقت الراهن، قد تكون الصادرات القوية هي المحرك الوحيد الذي يساعد الاقتصاد الصيني". وتضرر قطاع الصناعة في الصين جراء عمليات الإغلاق في كل أنحاء البلاد، مع انتهاج بكين إستراتيجية "صفر كوفيد" الصارمة والتي تشمل عمليات إغلاق واختبارات شاملة وإغلاق الحدود لمكافحة انتشار المتحورة أوميكرون. وتهدد التفشيات الأخيرة والإجراءات الحكومية بتوجيه ضربة جديدة إلى الاقتصاد بعد معاناته في الأشهر الستة الماضية. ويتوقع أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي للعام الماضي 8 في المائة عند إصدار البيانات الإثنين، لكن محللين حذروا من عام صعب مقبل مع مواجهة قطاع العقارات تباطؤا. وظهرت بؤر لكوفيد - 19 في عديد من المدن الصينية الرئيسة من بينها شينزن (جنوب) وتيانجين قرب بكين وداليان (شمال). ومع استمرار تراجع طلبات التصدير الجديدة وتباطؤ نمو الطلب الأجنبي، بعدما بلغ ذروته العام الماضي، قال لويس كويجس من "أكسفورد إيكونوميكس" للبحوث الاقتصادية: إنه يتوقع أن يتراجع زخم الصادرات في 2022. وقال إيفنز - بريتشارد: "هناك مجال محدود لزيادة حجم الصادرات هذا العام، نظرا إلى أن الموانئ استنزفت بالفعل". ومن المرجح أن ينخفض الطلب الأجنبي مع تخفيف حدة العوامل المرتبطة بالوباء. وأضاف الخبير، أن "القيود المفروضة على التمويل في القطاع العقاري تعني أن تباطؤ إنشاء العقارات من المرجح أن يستمر في التأثير في واردات الصين من السلع لبعض الوقت". وقالت وزارة التجارة الصينية، إن حجم التجارة في الخدمات كثيفة المعرفة الصينية ارتفعت خلال الأشهر الـ11 الأولى من العام 2021، حيث تواصل البلاد تعميق الإصلاح وتعزيز التنمية الرقمية. وأضافت شو جيويه تينج، المتحدثة باسم الوزارة، إن التجارة في الخدمات كثيفة المعرفة سجلت خلال الفترة ما بين شهري يناير ونوفمبر الماضيين، 2.04 تريليون يوان (نحو 321.5 مليار دولار أمريكي)، بارتفاع 13.5 في المائة على أساس سنوي. وقالت شو، إن صادرات خدمات كثيفة المعرفة ارتفعت بنسبة 18.1 في المائة مقارنة بالعام الأسبق، بينما زادت الواردات المعنية 8.3 في المائة. وجاء النمو المستقر في القطاع وسط التنمية السريعة، التي تحققها الصين في صناعة الخدمات الناشئة على مدار الأعوام الماضية، بحسب شو، التي لفتت إلى تحسن مستوى التنافسية في إمدادات الخدمات في البلاد بشكل ملحوظ. وقاد الطلب الرقمي المتزايد أيضا اتجاه الارتفاع في الخدمات كثيفة المعرفة، حيث سجلت الخدمات والاستهلاك عبر الإنترنت، بما فيها الرعاية الطبية، والتعليم، وتجارة التجزئة عبر الإنترنت، سجلت نموا مُعتبرا، بحسب المتحدثة. وفي ذات الوقت؛ أسهمت أكثر من 90 في المائة من الإجراءات والتدابير المتخذة، لتعزيز تنمية الإبداع في تنفيذ تجارة الخدمات، وتعميق الإصلاح والانفتاح في مناطق تجارة الخدمات، أسهم ذلك في ضخ زخم جديد إلى تنمية المجالات المذكورة. وقالت شو: إنه وعلى الرغم من البيئة الدولية المعقدة نسبيا في 2022، إلا أن التحسن العام في تجارة الخدمات، بما فيها تجارة الخدمات كثيفة المعرفة، لم يتغير. وذكرت وزارة التجارة الصينية، أن حجم الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) في البر الرئيس الصيني ارتفع 14.9 في المائة على أساس سنوي، ليصل إلى مستوى قياسي عند 1.15 تريليون يوان في العام الماضي 2021. ومن حيث الدولار الأمريكي، زادت التدفقات 20.2 في المائة على أساس سنوي، إلى 173.48 مليار دولار أمريكي. وقالت شو جيويه تينج: إن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في صناعات التكنولوجيا الفائقة زادت 17.1 في المائة على أساس سنوي. وارتفع الاستثمار الأجنبي في الصناعات التحويلية فائقة التكنولوجيا، وقطاع الخدمات ذات التكنولوجيا الفائقة في الصين 10.7 في المائة و 19.2 في المائة على أساس سنوي، على التوالي. وفي العام الماضي، بلغ إجمالي حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع الخدمات 906.49 مليار يوان، بزيادة سنوية قدرها 16.7 في المائة. وأظهرت بيانات وزارة التجارة، أن الاستثمار في البر الرئيس الصيني من دول على طول مبادرة "الحزام والطريق" ورابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان" ارتفع 29.4 في المائة و29 في المائة على التوالي. إلى ذلك، تهدف الصين إلى زيادة 200 ألف شركة جديدة صغيرة ومتوسطة الحجم قائمة على العلوم والتكنولوجيا بنهاية 2025، حيث تسعى البلاد جاهدة إلى إيجاد بيئة مواتية لدعم نمو مثل هذه الشركات، وفقا لإشعار أصدرته وزارة العلوم والتكنولوجيا أخيرا. وعلى وجه الخصوص، ستدعم الصين تطوير قدرة البحث والتطوير للشركات صغيرة ومتوسطة الحجم قائمة على العلوم والتكنولوجيا التي تتمتع بتكنولوجيات رئيسة والعاملين في مجال البحوث وحقوق الملكية الفكرية عالية القيمة ومدخلات عالية للبحوث، وفقا للإشعار. وأضاف الإشعار، أنه سيبذل مزيد من الجهود لدعم الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم قائمة على العلوم والتكنولوجيا لإيجاد الابتكار وإدخال المواهب المحلية والعالمية من خلال تحسين السياسات ذات الصلة وضخ موارد متنوعة. من جهة أخرى، ذكرت خطة خمسية زراعية أصدرتها وزارة الزراعة والشؤون الريفية، أن الصين ستثبت إنتاجها السنوي من الحبوب عند أكثر من 650 مليار كيلوجرام، وستسعى جاهدة لتحقيق هدف 700 مليار كيلوجرام بحلول 2025 لضمان الأمن الغذائي. وتابعت الخطة، أن البلاد تتعهد بالحفاظ على أراضيها المزروعة بالحبوب فوق 1.75 مليار مو (حوالي 117 مليون هكتار) بحلول 2025. وينبغي أن تبقى مساحة زراعة الحبوب فوق 1.4 مليار مو، في حين يجب أن تتجاوز مساحة زراعة الحبوب الأساسية 800 مليون مو. وأضافت الخطة، أنه يتعين إحراز تقدم كبير في الصناعة الزراعية بحلول 2025، مع تعزيز قدرة البلاد على توفير منتجات زراعية رئيسة وتحقيق إنتاج أخضر. ويجب أن تبقى مساحة زراعة الأرز، وهو أهم الحبوب الأساسية في الصين، مستقرة عند 450 مليون مو، بحيث يصل المحصول إلى حوالي 215 مليار كيلوجرام بحلول 2025. كما يجب أن يكون إنتاج القمح، وهو نوع آخر من الحبوب الأساسية الرئيسة، أكثر من 140 مليار كيلوجرام، بينما سيتجاوز إنتاج الذرة 265 مليار كيلوجرام.
مشاركة :