بعدما أوصدت السلطة كل نوافذ الأمل، وآخرها نافذة «معاً للإنقاذ» التي أحكم حزب الله وحركة أمل إغلاقها وختمها بـ«شمع أحمر قضائي» ممنوع نزعه عن قاعة مجلس الوزراء إلا بعد تنحية المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، فإنّ لا صوت يعلو في مجالس السلطة فوق صوت المعركة المحتدمة بين أركانها. وعلى المقلب الآخر من الصورة، لا يزال رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، يواصل إبراز تجليات العجز عن التملّص من عباءة استعداء العرب التي دثّر بها حزب الله حكومته، وأثقل كاهلها بأحمال وأوزار لا قدرة لأكتافها على حملها وتحمل تبعاتها الهدامة لعلاقات لبنان الخارجية، وذلك منذ تعميدها بالمازوت الإيراني يوم ولادتها، مروراً بتلطيخها بالوحول الحوثيّة على يد وزير إعلامها، ووصولاً إلى إغراقها في مستنقع الحرب الدعائية العدائية التي يشنّها الحزب ضد المملكة العربية السعوديّة، والتي تسلك منحى تصعيدياً تصاعدياً ممنهجاً. وثمّة إجماع على أنّ رد الفعل الحكومي لم يتجاوز حتى الآن عتبة التلويح باتخاذ إجراءات مانعة لأي تصريحات تعكّر صفو العلاقات اللبنانية - الخليجيّة، فيما لا يزال حزب الله يسعى متعمّداً لتعكير هذه العلاقات، عبر محاولة إظهار الساحة اللبنانية كمنصة معادية للعرب، وتسخيرها في خدمة «بروبغندا» تستهدف العرب، لتضج القراءات السياسيّة بالإشارة إلى أنّ الأزمة الخانقة التي يتخبّط فيها لبنان ليست بين لبنان وعمْقه العربي، بل بين «منطق الدولة» و«لا منطق الدويلة»، وسببها المباشر أنّ الدولة المتراخية استسهلت ومنذ عام 2005، شراء سلْمها الأهلي وأمنها وعدالتها وعلاقاتها مع محيطها والعالم من خلال التنازل لحزب الله، وصغّرت إمكاناتها وكبرت متطلّباته بحيث لم تعد قادرة على تسديد «الجزية»، فخسرت كل مقوّماتها، معنوياً ومادياً وبشرياً وأمنياً، كما علاقاتها مع العرب والعالم. «منتدى الضاحية» وفيما لا تزال الحكومة تواجه وضعاً يزداد تخبّطاً وإرباكاً، وتتلقّى صدمات متعاقبة لا تقوى على صدها، فإنّ آخر ما سُجّل من انتكاسات مفتعلة في وجهها الخطوة التصعيديّة الجديدة لحزب الله ضد دول الخليج العربي عموماً، والمملكة العربيّة السعوديّة بشكل خاص، من خلال تنظيمه، منتدى خطابياً تجرأ المتحدثون فيه على السعودية ودول خليجية. وتم تنظيم المنتدى بحماية حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، التي باتت تشهد طفرة تسميات ويافطات ومجسّمات إيرانيّة في شوارعها، وتحديداً في محلّة حي الأمريكان التي لا تبعد أكثر من أربعة كيلومترات عن القصر الجمهوري في بعبدا، رمز الشرعيّة اللبنانية. وفي مقابل هذا التحدي الجديد من قبل حزب الله لسلطة الدولة اللبنانية، جاءت تغريدة السفير السعودي في لبنان وليد بخاري، عبر حسابه في «تويتر»، لتؤكد أنّ «القفز فوق آلام وآمال الشعب اللبناني الشقيق ما هو إلا تغاضٍ عن الحقيقة الساطعة أمام أَعيْن اللبنانيين أَنفسهم، وإنكار مقصود لحقيقة مؤلمة سببُها لَوْثة استعلاء حزب الله على منطِق الدولة وفشل خياراته السياسية»، وأرفقها بتغريدة ثانية، أكد من خلالها أن «لا شرعيّة لخطاب الفتنة والتقسيم والشرذمة، ولا شرعيّة لخطاب يقفز فوق هوية لبنان العربي». تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :