أثارت اعتداءات فرنسا، ولا سيما عملية احتجاز الرهائن في "مسرح باتاكلان"، والتي خلفت نحو مئة قتيل ودفعت الرئيس االفرنسي إلى إعلان حال الطوارئ، الرأي العام العالمي. لكن العملية لم تكن الأولى في السنوات الأخيرة، فقد شهدت دول عدة عمليات مماثلة. ففي كانون الثاني (يناير) من العام 2013، حررت قوات الجيش الجزائري أكثر من 600 رهينة كانت قد احتجزتهم جماعة تابعة لتنظيم "القاعدة" في منشأة "تيقنتورين" النفطية في جنوب شرقي الجزائر، بعدما قتل في العملية 34 شخصا من الأجانب و15 مسلحا من الخاطفين. وفي تموز (يوليو) من العام ذاته، قتل 67 شخصاً على الأقل خلال عملية احتجاز رهائن استمرت 4 أيام في مركز "ويست غيت" التجاري في العاصمة الكينية نيروبي. وكانت "حركة الشباب" الصومالية أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم وبررته بأنه ردّ على التدخّل العسكري لكينيا في الصومال المجاور الذي يشهد فوضى منذ عقدين. وفي أستراليا، احتجز رهائن في مقهى بسيدني في الـ15 من شهر كانون الأول (ديسمبر) العام 2014، لمدة 16 ساعة، قبل أن تقتحم الشرطة الأسترالية المكان وتفك أسرهم، بعدما قتل ثلاثة أشخاص كان من بينهم محتجز الرهائن المسلح. وكشفت الشرطة أن محتجز الرهائن لاجئ ، منح حق اللجوء في أستراليا ودين بتهم الاعتداء الجنسي، وسبق ان بعث برسائل كراهية لأسر جنود أستراليين قتلوا في الخارج. وفي الشهر ذاته، سقط 140 قتيلا على الأقل و122 جريحاً، غالبيتهم من تلاميذ مدرسة تابعة للجيش الباكستاني في اقليم خيبر القبلي، شمال غربي البلاد، بعدما هاجمت 9 عناصر تابعة لحركة "طالبان باكستان" المدرسة وهم مدججون بالسلاح والأحزمة الناسفة. وجاءت العملية ردً على حملة اطgقها الجيش الباكستاني ضد الحركة في حزيران من العام نفسه، أسفرت عن مقتل 1600 من المتمردين. وتمكنت السلطات التونسية في آذار (مارس) من العام 2015، من قتل منفذي عملية احتجاز أكثر من 90 رهينة في "متحف باردو" المجاور لمبنى البرلمان التونسي، وراح ضحية الحادث 19 شخصاً، بالإضافة الى سقوط عشرات الجرحي. وتعد أزمة احتجاز الرهائن الاميركيين في ايران أحدى أشهر عمليات إحتجاز الرهائن في التاريخ الحديث وأطولها، عندما اقتحمت مجموعة من الطلاب الإسلاميين السفارة الأمريكية في طهران، دعما للثورة الإيرانية، واحتجزوا 52 مواطنا أمريكيا لمدة 444 يوما، من 4 تشرين الثاني (نوفمبر) العام 1979 حتى 20 كانون الثاني (يناير) العام 1981. وفشلت محادثات الولايات المتحدة لإطلاق سراح الرهائن، كما فشلت في انقاذهم عبر عملية عسكرية في 24 نيسان (إبريل) العام 1980، راح ضحيتها ثمانية جنود أميركيين وايراني مدني واحد، وانتهت الأزمة بالتوقيع على اتفاق في الجزائر يوم 19 كانون الثاني (يناير) العام 1981، وأفرج عنهم رسميا في اليوم التالي، بعد دقائق من أداء الرئيس الأميركي الجديد رونالد ريغان اليمين الدستورية. يذكر أن اختطاف الرهائن واحتجازهم يعتبر من أهم الجرائم التي يلجأ إليها الإرهابيون بصورة مستمرة، لما له من تأثير كبير على الرأي العام، وما يحقّقه من نتائج سياسية ومنافع مادية للخاطفين. وجرم المجتمع الدولي أخذ الرهائن تحت أي ظرف ولأي سبب كان منذ العام 1949، حيث منع أخذ الرهائن في اتفاقات جنيف الأربعة، كما منع استخدام أسرى الحرب أو المعتقلين دروعاً بشرية، سواء أكان صريحاً أم ضمنياً، بناء على فقرات تحظّر على أي طرف إيذاء من "لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية" ويقعون تحت سيطرته. ومن جهة الشريعة الإسلامية، قال علماء أزهريون إن خطف الرهائن المدنيين على اختلاف دياناتهم نوعا من "البغي" المحرّم في الإسلام، مؤكّدين أن المسلمين الذين يلجأون الى الخطف "خارجون بذلك على الحدود الشرعية"، ولا يعرفون آلية التفقّه في دين الله. واتفق العلماء على أنه لا يجوز احتجاز المدنيين، حتى ولو كانوا من الأعداء، ولا يجوز تهديدهم بالقتل، بسبب عمل ارتكبه غيرهم وليسوا مسؤولين عنه ولا يمكنهم منعه، مؤكدين أنه على امتداد التاريخ الإسلامي كلهّ لم يثبت أن ارتكب أحد من المسلمين حادثة اختطاف رهائن واحتجازهم.
مشاركة :