الخرطوم - (وكالات الأنباء): قتل ضابط سوداني فيما أطلقت قوات الأمن أمس الخميس قنابل الغاز المسيل للدموع مجددا على آلاف المتظاهرين المناهضين للانقلاب قرب القصر الرئاسي في الخرطوم، ليعود العنف بعد أيام فقط على إطلاق حوار تحت إشراف الأمم المتحدة. وقال المكتب الصحفي للشرطة السودانية في بيان رسمي نشره على صفحته على فيسبوك إن العميد علي بريمة حمد قتل أثناء «حمايته مواكب» المتظاهرين. وأكد المتحدث باسم الشرطة السودانية للتلفزيون الرسمي أن العميد «تلقى عدة طعنات قاتلة من مجموعة من المتظاهرين». ومع حلول المساء، اقتحمت قوات الأمن السودانية مقر محطة «التلفزيون العربي» في الخرطوم و«اعتقلت المراسل التيجاني خضر والفريق العامل معه أثناء التغطية»، بحسب ما قالت المحطة ومقر في لندن عبر تويتر. من ناحية أخرى، قتل متظاهر امس الخميس أثناء التظاهرات المطالبة بتنحي العسكريين عن السلطة بعد تدخل قائد الجيش عبدالفتاح البرهان قبل أكثر من شهرين، بحسب ما أفادت لجنة الأطباء المركزية (نقابة مستقلة). وقالت اللجنة في بيان على فيسبوك أن مواطنا يدعى الريح محمد قتل «اثر اصابته برصاصة في البطن» من قبل قوات الأمن خلال مشاركته في التظاهرات في منطقة بحري بشمال الخرطوم. وبذلك يرتفع عدد ضحايا قمع قوات الأمن للتظاهرات الى 64 قتيلا بينما لقي ضابط برتبة عميد حتفه الخميس «بعدة طعنات قاتلة»، وفق الشرطة. وفي نيويورك، أعرب الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن الدولي خلال اجتماع مغلق يوم الأربعاء الماضي عن دعمهم للجهود التي يبذلها مبعوث الأمم المتّحدة إلى السودان فولكر بيرثيس في مسعى لإجراء مفاوضات غير مباشرة بين المكوّنين المدني والعسكري في البلد الغارق في أزمة سياسية حادّة، بحسب ما أفادت مصادر دبلوماسية. وقال دبلوماسي طالباً عدم نشر هويته إنّ الجلسة «تخلّلتها أسئلة» من جانب كلّ من روسيا والصين والأعضاء الأفارقة في المجلس وهي كينيا والجابون وغانا، «لكن لم تكن هناك معارضة فعلية». وقال دبلوماسي آخر مشترطا بدوره عدم الكشف عن اسمه إنّه خلال الجلسة «كان هناك دعم واسع للمبعوث بيرثيس وجهوده». وأضاف: «ومع ذلك، فقد طُرحت أسئلة كثيرة أيضاً حول كيفية جعل العملية شاملة وكيفية ضمان مشاركة جميع الأطراف الرئيسيين». وأوضحت المصادر الدبلوماسية أنّه خلال الجلسة أسهب الألماني بيرثيس في عرض مقاربته للأزمة وسبل حلّها، مؤكّداً أنّ «الطرفين نفسيهما يريدان مفاوضات غير مباشرة» للمساعدة في حلّ الأزمة. وتأتي هذه التظاهرات الجديدة بعد بضعة أيام من إطلاق الأمم المتحدة محادثات تشمل كل الفصائل السودانية في محاولة لحل الأزمة الناجمة عن تدخل الجيش. ويرفض الشارع السوداني من جهته الحلول الوسط مصرا على مطلبه المتمثل برحيل الفريق أول البرهان كما سبق أن أرغموا البشير على الرحيل في 2019. ورغم صعوبة المهمة بسبب المواقف المتناقضة، تحاول الأمم المتحدة إعادة كل الفاعلين على الساحة السودانية إلى مائدة المفاوضات. وإذ أكد بيرثيز أن «لا اعتراض» مطلقا من جانب العسكريين، فإن عددا من الفصائل المدنية رفض فكرته. لكن تجمع المهنيين السودانيين، الذي قام بدور رئيسي في الاحتجاجات التي أطاحت البشير، «رفض تماما» مثل هذه المحادثات في حين طلبت قوى الحرية والتغيير، الكتلة السياسية المدنية الرئيسية، ضمانات كي لا يتحول هذا الحوار إلى وسيلة «لإضفاء الشرعية» على «النظام العسكري». وتعبر هذه المواقف عن توجهات المتظاهرين الذين ينزلون إلى الشوارع رافعين شعار «لا تفاوض ولا شراكة» مع الجيش. وفي مصر، الجار الشمالي للسودان، بدا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي يدعم مبادرة الأمم المتحدة. وقال: «الاستقرار لن يأتي إلا بالتوافق بين كل القوى الموجودة». وأضاف: «كوننا لم نتحدث عما يحدث هناك لا يعني أننا غير داعمين للحوار والتوافق بين كل القوى». ولكن يبدو من الصعب اقناع الشارع السوداني بالمبادرة الأممية. ويقول عوض صالح (62 عاما) لوكالة فرانس برس: «لا نقبل بهذه المبادرة مطلقا ولم يقل لنا أحد ما هي النقاط الواردة فيها، ولذلك فهي مرفوضة بالنسبة إلينا رفضا تاما». وقبل الاجتماع قالت السفيرة البريطانية لدى الأمم المتّحدة باربرا وودوارد إنّه بالنظر إلى التطوّرات الأخيرة في السودان فإنّ «الديمقراطية باتت الآن على المحكّ». وأضافت أنّ «مطالب الشعب السوداني بالديمقراطية التي رأيناها بشغف كبير لا يمكن حقّا أن تُدفن».
مشاركة :