انتهت ثلاث جولات من مباحثات أمنية غير مسبوقة بين روسيا والغرب دون تحقيق الهدف المنشود منها، حيث صرّح المسؤولون من الجانبين، بأنه لم يتم إحراز تقدم كبير. ويقول الباحث الأميركي، مارك إيبسكوبوس، في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية، إن المباحثات التي بدأت في العاشر من الشهر الجاري، بين وفدي موسكو وواشنطن في جنيف، بقيادة نائبة وزير الخارجية الأميركي، ويندي شيرمان، ونائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريباكوف، دار الجدل فيها حول أوكرانيا ومستقبل حلف شمال الأطلسي (ناتو). وقد رفضت شيرمان مطالب روسيا الخاصة بالحصول على ضمانات رسمية بعدم انضمام أوكرانيا وجورجيا للناتو مطلقاً، مضيفة أن واشنطن لن تسمح لأي أحد بإغلاق سياسة الباب المفتوح التي يتبعها «الناتو». ومع ذلك أبدى الجانب الأميركي استعداده لبحث فرض قيود على أنظمة الصواريخ الغربية والتدريبات العسكرية في أوكرانيا وحولها. لكن ريابكوف أكد موقفه السابق بأن مطالب روسيا في مواجهة الولايات المتحدة و«الناتو» ليست قائمة طعام، وإما أن تُقبل كلياً أو تُرفض كلياً. كما رفض ريابكوف مجدداً الاثنين الماضي، فكرة التوصل لتسوية أقل قدراً، وأكد أنه من المهم تماماً لروسيا التأكد من أن أوكرانيا لن تكن، أبداً، أبداً، ومطلقاً، عضواً في حلف شمال الأطلسي (الناتو). وبدا أن اجتماع الأربعاء الماضي بين روسيا و«الناتو» لم يشهد جديداً، حيث عرض الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرغ، إجراء مباحثات في المستقبل بشأن الحد من التسلح، بينما رفض طلب روسيا الحصول على ضمانات قانونية ملزمة ضد المزيد من توسع الحلف شرقاً. وبدأت جولة ثالثة من المباحثات بين «الناتو» ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا في فيينا، الخميس الماضي. ووصف المسؤولون الروس اجتماع المنظمة بأنه استعراض جانبي إلى حد كبير. ولم يلتزم الجانب الروسي بإجراء مباحثات لاحقة، حيث ألمح ريابكوف إلى أن واشنطن وموسكو وصلتا إلى طريق مسدود، أو اختلاف في المواقف، بشأن قضية توسع «الناتو». وقد أجريت المفاوضات الأخيرة على خلفية تزايد التوتر العسكري بين روسيا وأوكرانيا. وأعربت مصادر المخابرات الغربية والخبراء العسكريون الغربيون عن انزعاجهم إزاء ما تردد عن حشد القوات الروسية وتحركاتها غير العادية على طول الحدود الروسية الأوكرانية. وكان جون هيربست، وهو سفير سابق للولايات المتحدة في أوكرانيا، وأحد كبار مديري مركز أوراسيا، التابع للمجلس الأطلسي، قد قال في وقت سابق لشبكة «إن بي سي»، إن «موسكو متموضعة بشكل جيد للغاية، ويمكنها التحرك بسرعة بالغة.. ومن المؤكد أنهم يمثلون تهديداً. وهم في وضع يمكنهم القيام بما يريدونه إذا أرادوا». ويضيف إيبسكوبوس أنه مع ذلك يواصل المسؤولون الروس تأكيدهم على أنه ليست لدى روسيا خطط لمهاجمة أوكرانيا، وأن لهم الحق غير القابل للتفاوض في نشر القوات ونقلها إلى حدودها حسبما يتراءى لها. وقالت مندوبة أميركا في الأمم المتحدة، ليندا توماس- جرينفيلد: «أتمنى أن أصدق ذلك، وأتمنى أن يكون حقيقياً، أنه ليست لديهم خطط، ولكن كل ما شاهدناه حتى الآن يوضح أنهم يقومون بتحركات في هذا الاتجاه». وألمح البيت الأبيض يوم الجمعة الماضي، إلى احتمال قيام موسكو بتدبير عملية سرية في شرق أوكرانيا كمبرر لغزو كل البلاد أو جزء منها. وجاء في رسالة بالبريد الإلكتروني، أرسلها مسؤول أميركي لم يذكر اسمه، أن روسيا تمهد لأن يتوافر لديها خيار تلفيق مبرر للغزو، بما في ذلك من خلال أنشطة تخريبية وعمليات معلوماتية، باتهام أوكرانيا بإعداد هجوم وشيك ضد القوات الروسية في شرق أوكرانيا. وأضاف المسؤول أن العناصر الروسية يجري تدريبها على حرب المدن واستخدام المتفجرات لتنفيذ أعمال تخريب ضد القوات التي تعمل بالوكالة لمصلحة روسيا. ووصف المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي، التقييم بأنه قابل للتصديق للغاية، وذلك عند سؤاله عنه في مؤتمر صحافي يوم الجمعة الماضي، ووصف المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، المزاعم التي أوردتها شبكة «سي إن إن»، بأنها لا أساس لها من الصحة. وقال إيبسكوبوس إنه رغم نفي موسكو لأي نية هجومية تجاه أوكرانيا، فإنها تقول إنها تعتزم الرد بقوة إذا ما رفض الغرب مطالبها الأمنية. وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في حديث هاتفي مؤخراً، مع الرئيس جو بايدن من أن فرض أي مزيد من العقوبات الأميركية على روسيا يمكن أن يؤدي إلى قطيعة كاملة في العلاقات الثنائية. وقال ريابكوف إن الكرملين يستعرض مجموعة من الخيارات العسكرية في حالة فشل المباحثات. وأضاف لشبكة تلفزيون «آر تي في آي» أنه لا يستبعد نشر تجهيزات عسكرية روسية في كوبا أو فنزويلا. وكان المسؤولون والمعلقون الروس قد ألمحوا في وقت سابق إلى أن الكرملين، قد يبحث أيضاً إمكانية نشر أنظمة أسلحة تكتيكية واستراتيجية في بيلاروسيا وصربيا. وكان كبار المسؤولين الروس قد أكدوا طوال المفاوضات أن الكرملين، لن يسكت على الوضع الراهن، فيما يتعلق بوجود «الناتو» في شرق أوروبا. وقال ممثل روسيا في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أليكسندر لوكاشيفيتش، يوم الخميس الماضي، «إن روسيا دولة محبة للسلام، لكن لا نحتاج السلام بأي ثمن، وإذا لم نسمع رداً بناء على مقترحاتنا في خلال إطار زمني معقول، واستمر السلوك العدائي تجاه روسيا، فإننا سنتخذ الإجراءات الضرورية لضمان التوازن الاستراتيجي، والقضاء على التهديدات غير المقبولة بالنسبة لأمننا القومي». من ناحية أخرى، أعلن وزير الخارجية البولندي، زبيغنيو راو، في أعقاب المباحثات أن «خطر الحرب في منطقة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أكبر الآن من أي وقت مضى خلال الـ30 عاماً الماضية». وقد استبعد البيت الأبيض وضع جنود أميركيين على الأرض في حالة أي سيناريو لغزو أوكرانيا، ولكنه يقول إنه على استعداد للرد على أي عدوان روسي محتمل بمجموعة كبيرة من العقوبات، وتقديم المزيد من المساعدات العسكرية لكييف، وإجراء تغييرات بالنسبة لوضع قوات «الناتو» في منطقته الشرقية. • أبدى الجانب الأميركي استعداده لبحث فرض قيود على أنظمة الصواريخ الغربية والتدريبات العسكرية في أوكرانيا وحولها. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share طباعة فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :