بدأ العالم يتّخذ خطوات عقابية ضد رافضي اللقاح والمروجين لعدم أخذه، وهو الحل الأخير لتحقيق مناعة القطيع التي تسعى الحكومات للوصول إليها في مواجهة وباء كورونا، بعد أن فشلت حملات التوعية في إقناع هؤلاء بوجوب التلقيح، ومن بينهم مشاهير. وبينما قررت السلطات الأسترالية ترحيل لاعب كرة المضرب نوفاك ديوكوفيتش لوحت اليونان بتغريم غير الملقحين من الذين يبلغون من العمر 60 عامًا فأكثر. وخسر الصربي نوفاك ديوكوفيتش، المصنّف أول عالميّا في كرة المضرب، محاولته الأخيرة لتفادي ترحيله من أستراليا الأحد، في نهاية مواجهة قانونية مثيرة حول عدم تلقيه اللقاح المضاد لفايروس كورونا عصفت بحلم إحرازه اللقب الحادي والعشرين القياسي في البطولات الأربع الكبرى الذي راوده قبل أن يواجه هذه المشكلة. وعبّر ديوكوفيتش عن “خيبة أمل شديدة” انتابته بسبب رفض محكمة عليا أسترالية استئناف قرار إلغاء تأشيرته، لكنه سيمتثل للقرار ويغادر البلاد. وقال “نولي” البالغ من العمر 34 عامًا في بيان عشية انطلاق بطولة أستراليا المفتوحة، أولى البطولات الأربع الكبرى، “أحترم قرار المحكمة وسأتعاون مع السلطات المعنية في ما يتعلّق بخروجي من البلاد”. وغادر ديوكوفيتش ملبورن في وقت متأخر الأحد في رحلة متجهة إلى دبي، حسب ما أفاد به صحافي في وكالة فرانس برس كان موجودًا على متن الطائرة. وقال الاتحاد الأسترالي للتنس (منظم بطولة أستراليا المفتوحة للتنس) في بيان إنه يحترم قرار المحكمة الاتحادية الذي يستبعد ديوكوفيتش حامل اللقب من البطولة. ويرفض العديد من المشاهير الذين لديهم الآلاف من المعجبين في بلدانهم وخارجها تلقي التلقيح ويجاهرون بعدم تلقيهم له متحدّين الحكومات، وهو ما عزز مقاطعة عمليات التطعيم ضد كوفيد – 19. وأربكت هذه المقاطعة الحكومات التي احتارت في كيفية التعامل معها، لاسيما أن ذلك تزامن مع بروز ضغوط من قبل منظمات وجمعيات حقوقية تصنف الرفض في خانة الحريات الشخصية. وكانت تصريحات أدلى بها الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي قد عكست حجم التحدي الذي يمثله رافضو التلقيح أمام الحكومات. وقال رودريغو في أكتوبر الماضي “أعلم أن الكثيرين لا يزالون يرفضون التطعيم. وهذه مشكلة، أولئك الناس”. وتابع “يجب عليكم البحث عنهم في حاراتكم ودعونا نقُمْ بتطعيمهم وهم نائمون. وهذا لتنتهي القصة”. وقالت السلطات الصحية التونسية الأحد إن أغلب المصابين بمتحور أوميكرون المقيمين في المستشفيات هم من غير الملقحين. وأضافت نائبة رئيس “قسم الإسعاف الطبي الاستعجالي” سعيدة زلفاني أن النتائج التي تمّ التوصل إليها تفيد بأنّ الأشخاص الذين التجأوا إلى المستشفيات لم يتلقوا أيّ جرعة تلقيح ويعانون من أمراض مزمنة. وقال المستشار النمساوي كارل نيهامر الأحد إن بلاده ستجعل التطعيم ضد فايروس كورونا إلزاميّا للبالغين اعتبارا من فبراير المقبل تحت طائلة فرض غرامة باهظة، مؤكدا أنه يدرك الطبيعة “الحساسة” لهذه السابقة في أوروبا والتي تثير انقساما في المجتمع النمساوي. وعلى مدى الأسبوع المنقضي جرت مناقشات حادة في البرلمان بشأن هذا المشروع، علما أن نحو 78.5 في المئة من السكان المؤهلين ملقحون بالكامل. وأوضح المستشار أنه “مشروع حساس” ولكنه “متوافق مع الدستور” ويتطلب “مرحلة تكيف” بالنسبة إلى من يرفضون تلقي اللقاح “حتى منتصف مارس (المقبل)”. وتعتزم اليونان ابتداء من الاثنين تغريم من يبلغون من العمر 60 عاما فأكثر من غير الملقحين ضد فايروس كورونا، وذلك من أجل تعزيز مستويات التطعيم المنخفضة وتخفيف الضغط عن نظام الرعاية الصحية. ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس قوله لكبار السن إن “أفضل طريق لتجنب الغرامة هو تلقّي اللقاح”. وأضاف السبت “أقول لعدد قليل من المواطنين الذين فوق 60 عاما والذين لم يتلقوا اللقاح بعد: أشجعكم اليوم على اتخاذ هذه الخطوة”. ومن المتوقع أن يعيد هذا التصعيد الذي تنتهجه الحكومات ضد غير الملقحين الجدل بشأن حرية تلقي التطعيم الذي كان قد أثير بعد فرض الحكومات الاستظهار بجواز التلقيح للدخول إلى الفضاءات العامة في العديد من الدول، وخاصة في فرنسا. ويواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتقادات شديدة بعد تلفظه بكلمات وصفت بالمسيئة والمثيرة للانقسام، إذ لجأ إلى استخدام تعبير عامي ليقول إنه يريد تضييق الخناق على الأشخاص غير الحاصلين على لقاح ضد فايروس كورونا. وقال ماكرون في مقابلة مع صحيفة “لو باريزيان” في الخامس من يناير الجاري “أريد حقا أن أنغص عليهم حياتهم، وسنواصل ذلك حتى النهاية”.
مشاركة :