القوة الذكية في صناعة المعارض والمؤتمرات بالإمارات

  • 1/17/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تشهد دولة الإمارات هذا الأسبوع افتتاح فعّاليتين دوليتين، هما القمة العالمية لطاقة المستقبل، ضمن أسبوع أبوظبي للاستدامة 2022، والمؤتمر التجاري للأمن والسلامة «إنترسيك» 2022، في دبي، فيما يواصل معرض إكسبو 2020 أنشطته التي تجذب أنظار العالم. وتُسلط هذه الفعاليات الضوء مرةً أخرى على دور دولة الإمارات البارز في صناعة المعارض والمؤتمرات على المستويين العربي والعالمي، وتثبت مصداقية وصفها بـ«العاصمة العالمية للمعارض والمؤتمرات». ففي أبريل 2021، كشف استبيان أجرته «جي آر إس إكسبلوري» لمصلحة «ميسي فرانكفورت الشرق الأوسط» عن تصدّر دولة الإمارات سائر أقطار العالم كواجهة لإقامة المعارض «الواقعية» بنسبة 83% من المشاركين، تلتها بفارقٍ كبير ألمانيا والولايات المتحدة والصين وإيطاليا وفرنسا. ومنذ أنْ أعطت دولة الإمارات للعالم إشارة البدء في انطلاق الفعّاليات «الواقعية» باستضافة أسبوع جيتكس للتقنية، في أكتوبر 2020 بمشاركة إقليمية وعالمية واسعة، حميت الصناعة المعرضية، وتتابعت المعارض والمؤتمرات الدولية التي أقيمت في مدن الدولة المختلفة. وكانت من قبل ذلك نشطة في تنظيم الفعاليات العالمية الافتراضية لترسخ تجربتها في الجمع بين الفعاليات الرقمية والواقعية التي ترسم ملامح صناعة الفعاليات في المستقبل. ومن أهم الفعاليات الدولية التي تستضيفها دولة الإمارات معرض ومؤتمر الدفاع الدولي «آيدكس»، معرض دبي للطيران، مؤتمر عالم الذكاء الاصطناعي، معرض آرت دبي، أسبوع أبوظبي للاستدامة، معرض ومؤتمر أبوظبي للبترول «أديبك»، معرض جلفود للأغذية، سوق السفر العربي، معرض أراب لاب الطبي، والقمة العالمية للحكومات. وتحفل أجندة هذا العام بعشرات الفعاليات الدولية، أبرزها المعرض الدولي للأمن القومي والمرونة، أسبوع الشرق الأوسط للبناء والتصميم، معرض الشرق الأوسط للطاقة، معرض الشرق الأوسط لصناعة وتشكيل المعادن وصناعة الصلب، والمنتدى الدولي للاتصال الحكومي. ونلاحظ أن تلك الفعاليات ترتبط بمعظم القطاعات الرئيسة في الاقتصاد الوطني، مما يسهم في خدمة الرؤية الاقتصادية للدولة ويدعم خطط النمو والتوسع الإقليمي والدولي حيث يقدم الموقع الاستراتيجي للإمارات فرصة لخلق شراكات والتكامل معها تحقيقاً للمنفعة المتبادلة، وإكسبو 2020 أقرب مثال يعكس هذا الفهم مع وجود ما يفوق 200 دولة ومؤسسة ومنظمة دولية مشاركة في هذا الحدث العالمي. ولهذا، فإن المتابع لابد أن يقدر ما تمثله هذه الصناعة من إضافة لقدرات القوة الذكية لأي دولة وخاصة دولة الإمارات. وتشتمل القوة الذكية، بحسب جوزيف ناي أحد أبرز الخبراء الدوليين المعاصرين، على مُركّب من مهارات القوة الناعمة وقدرات القوة الصلبة. وتتألف الأخيرة من عنصري القوة المادية، أي القوة العسكرية والقوة الاقتصادية. وترتكز القوة الناعمة على الدبلوماسية والقيم السياسية والثقافية والقدرات الإعلامية والمهارات الاتصالية والتبادل العلمي والفكري، والنموذج التنموي والقدرة على الاندماج الدولي، والصورة الدولية الإيجابية، ووجود رؤية استشرافية للدولة. وعليه، فإنّ تراكم الفعّاليات التي تستضيفها الإمارات يسهم في زيادة مهارات الابتكار في التصميم والتنظيم، ما من شأنه أن يشكل نموذجاً لمجتمع الأعمال في تصميم الفعاليات المقبلة، وترسيخ دور الإمارات منصة رئيسة للابتكار والتكنولوجيا وصناعات المستقبل في المنطقة. كما أنّ المعارض والمؤتمرات الدولية التي استضافتها الدولة في ظلال جائحة كوفيد-19 تقدم نموذجاً غير مسبوق في إجراءات السلامة والوقاية والترتيبات اللوجستية، تُعزز مكانة الدولة في العالم. كما تُمثل المعارض والمؤتمرات فرصةً أمام المسؤولين الإماراتيين للقاء مسؤولين رسميين أجانب، وعرض وجهات نظرهم في القضايا ذات الأهمية بالنسبة لهم. وتُعد الفعّاليات الدولية أفضل فرصة لصنع صورة إيجابية عن دولة الإمارات، والترويج لنموذجها التنموي الذي يتسم بالتنافسية والسعي لتحقيق الصدارة على المستويين الإقليمي والعالمي، ويؤمن بالانفتاح على العالم، ويحترم التعددية الثقافية والعرقية. وفي الحقيقة، فإن مجرد الانخراط التعددي مع دول العالم المختلفة هو مظهر من مظاهر القوة الناعمة. علاوة على ذلك، فإنّ تنظيم هذه الفعاليات يزيد من جاذبية النموذج التنموي الإماراتي. كما أنّ المعارض الدولية تمثل نافذة معرفة لا تضاهى، من حيث أنها تتيح للشركات الوطنية الاطلاع على أحدث ما وصلت إليه الصناعة والتكنولوجيا في العالم. وإلى ذلك، توفر هذه الفعاليات منبراً «عولمياً» للقاء العقول وتلاقح الأفكار والحوار المثمر بين خبراء وقادة الصناعة والتكنولوجيا والاقتصاد. كما تُسهم صناعة المعارض في نقل التكنولوجيا الحديثة وتوطينها في دولة الإمارات وتوفير فرص عمل للمواطنين وتأسيس وتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة مما يدعم بقدر كبير هذا القطاع المهم من الاقتصاد الوطني، وتعدّ مصدراً من مصادر تنويع الناتج المحلي غير النفطي ويعزز قطاعات أخرى مثل قطاع السياحة وقطاع الضيافة والأعمال. وتتيح المعارض والمؤتمرات الدولية للشركات الوطنية فرصة مثالية للترويج لمنتجاتهم، والاحتكاك بالخبرات والتطورات العالمية في مجالاتها، وتتيح للشركات العالمية مجالاً للتعرف على إمكانات وقدرات الشركات الوطنية، ما يمهد السبيل لإقامة شراكات التعاون. وقد أصبحت الصناعة المعرضية حافزاً للتطور الكمي والنوعي في الاقتصاد الوطني. والدليل على ذلك أنّ حجم إنفاق سياح الأعمال في الإمارات بلغ نحو 38.2 مليار درهم عام 2019، وأنّ مساهمة شركة أبوظبي الوطنية للمعارض في اقتصاد الإمارة بلغ نحو 37 مليار درهم، منذ تأسيسها عام 2005 حتى نهاية 2019. إلى ذلك، فإنّ أحد المبادئ العشرة في وثيقة مبادئ الخمسين، الصادرة في سبتمبر المنصرم، وهي المرجع لجميع مؤسسات الدولة خلال الخمسين عاماً المقبلة، يؤكد على «التفوق الرقمي والتقني والعلمي لدولة الإمارات سيرسم حدودها التنموية والاقتصادية، وترسيخها عاصمة للمواهب والشركات والاستثمارات في هذه المجالات سيجعلها العاصمة القادمة للمستقبل». *سفير سابق وخبير في الشؤون السياسية والاقتصادية الدولية

مشاركة :