تستمر الاحتجاجات في السودان الاثنين بالتوازي مع الجهود الدبلوماسية الأممية لكسر الجمود بين العسكريين والقوى المدنية، عقب إجراءات قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان التي وصفت بالانقلاب. وقد قُتل سبعة متظاهرين خلال الاحتجاجات اليوم الاثنين، حيث قالت لجنة أطباء السودان المستقلة "تأكد قبل قليل ارتقاء أرواح أربعة شهداء لهذا اليوم (الاثنين) في المجزرة التي ارتكبتها السلطة الانقلابية لفض مواكب شعبنا السلمية، ليصبح العدد الكلي سبعة شهداء في مليونية السابع عشر من يناير". وأضافت اللجنة في بيان على صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك "بهذا يرتفع عدد الشهداء الذين حصدتهم آلة الانقلاب إلى 71 شهيدا خالدين في ذاكرة أمتنا". وأعلنت "لجان المقاومة" بالسودان مساء الأحد أن المظاهرات المرتقبة بالعاصمة الخرطوم الاثنين، ستتوجه نحو القصر الرئاسي لمناهضة "الانقلاب" الذي نفذه الجيش في أكتوبر الماضي. وذكرت اللجان المتكونة من ناشطين وتنظم المظاهرات، في بيان، أن ثمة عشرة أماكن لتجمع المتظاهرين وسط الخرطوم، قبل التوجه إلى القصر الرئاسي في الساعة الواحدة ظهرا بالتوقيت المحلي (11:00 بتوقيت غرينتش). ودعت اللجان المتظاهرين إلى تتريس الشوارع (إغلاقها بالحجارة) للحماية من قوات الأمن. ودعت السفارة الأميركية في الخرطوم رعاياها إلى توخي الحذر بمناسبة المظاهرات المرتقبة الاثنين في الخرطوم وعدة ولايات في البلاد. ومنذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي يشهد السودان احتجاجات، ردا على إجراءات استثنائية اتخذها قائد الجيش، أبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وهو ما تعتبره قوى سياسية انقلابا عسكريا، في مقابل نفي الجيش. والأحد نظمت مجموعات من الكوادر الطبية وقفة احتجاجية أمام مقر النيابة العامة في الخرطوم، للمطالبة بحكم مدني وإبعاد العسكر عن السلطة. وندد المحتجون بحوادث الاعتداء على المستشفيات والكوادر الطيبة خلال المظاهرات الشعبية، وناشدوا المنظمات الدولية الضغط على السلطات للحد من استخدام العنف خلال المظاهرات السلمية. وكانت منظمة الصحة العالمية قالت إن هجمات وقعت على مرافق الرعاية الصحية والعاملين فيها منذ نوفمبر الماضي في الخرطوم ومدن أخرى، وقد تأكدت المنظمة من وقوع 11 هجوما. كما نفذت أسر وأصدقاء المعتقلين السياسيين وقفة احتجاجية الأحد أمام النيابة العامة بالخرطوم، وطالبوا بإطلاق سراح المعتقلين أو تقديمهم للمحاكمة. وفي شمالي البلاد، تظاهر مواطنون الأحد احتجاجا على غلاء المعيشة، وذلك عقب إعلان وزارة المالية الأسبوع الماضي أنها ستضاعف سعر الكهرباء، لكنها واجهت سخطا واسعا دفعها إلى تجميد القرار. لكن التجميد لم يقنع الجميع، فقد أغلق المئات من المتظاهرين طرقا شمالي البلاد تربطها بمصر للمطالبة بإلغاء الزيادة نهائيا. وبالتوازي مع الاحتجاجات، تواصل بعثة الأمم المتحدة المتكاملة في السودان "يونتاميس"، مشاوراتها مع أطراف الأزمة السياسية في البلاد. وقالت البعثة في بيان "تستمر المشاورات مع أصحاب المصلحة حول العملية السياسية في السودان"، مشيرة إلى أنها "عقدت حتى الآن لقاءات هامة مع الحزب الشيوعي، وقوى إعلان الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم سابقا)، وحزب المؤتمر السوداني وعدد من ممثلي لجان المقاومة بالخرطوم، ومجموعات نسائية ومجتمع مدني". وذكرت أن رئيس البعثة فولكر بيرتس حضر اللقاءات عن بعد بسبب إصابته بفايروس كورونا، دون تفاصيل أكثر عن فحوى المشاورات. وقال السفير البريطاني في الخرطوم جايلز ليفر مساء الأحد خلال اجتماع مع عضو مجلس السيادة الطاهر حجر، إن بلاده تدعم مبادرة بعثة الأمم المتحدة لإجراء مشاورات بين أطراف الأزمة السياسية، ووصف الدبلوماسي البريطاني المبادرة الأممية بخطوة في الاتجاه الصحيح لمعالجة الوضع السياسي في السودان. وأشاد حجر بمبادرة بعثة الأمم المتحدة "يونتاميس" لدعم التوافق السياسي في البلاد، واعتبرها "خطوة في الاتجاه الصحيح لمعالجة الوضع السياسي الراهن في البلاد". وأفاد السفير الإيطالي لدى الخرطوم جينالوبجي فالسو بدعم روما لحكومة الفترة الانتقالية في السودان، بحسب بيان لإعلام مجلس السيادة. وقال فالسو، خلال لقائه في الخرطوم مع عضو مجلس السيادة أبوالقاسم محمد أحمد برطم، إن بلاده تواصل "دعمها ومساندتها لحكومة الفترة الانتقالية لإنجاح عملية التحول الديمقراطي بالسودان". ودخلت موسكو على خط المشاورات لحل الأزمة في السودان، حيث أكد السفير الروسي في السودان فلاديمير جيلتوف، خلال لقاء مع عضو مجلس السيادة الانتقالي أبوالقاسم محمد برطم بالقصر الجمهوري، مساء الأحد أن بلاده تدعم قيادة وشعب السودان، لافتا إلى أن روسيا تعمل على مساعدة السودانيين لتجاوز الحالة الراهنة، بما يخدم المصلحة العليا للسودان. وأعلنت "يونتاميس" الاثنين بدء مشاورات "أولية" منفردة مع كافة الأطراف السودانية بهدف حل الأزمة السياسية في البلاد، في ظل استمرار الاحتجاجات المطالبة بـ"الحكم المدني". وكان رئيس مجلس السيادة البرهان ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك وقّعا في الحادي والعشرين من نوفمبر الماضي، اتفاقا سياسيا تضمن عودة الأخير إلى منصبه بعد عزله، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين. لكن في الثاني من يناير الجاري، استقال حمدوك من منصبه، في ظل احتجاجات رافضة لاتفاقه مع البرهان ومطالبة بحكم مدني كامل، لاسيما مع سقوط 64 قتيلا خلال المظاهرات منذ أكتوبر الماضي، وفق لجنة أطباء السودان.
مشاركة :