خفض بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) الاثنين سعر الفائدة الرئيسي لأول مرة منذ ما يقرب من عامين، في مسعى لتعزيز الاقتصاد الذي يفقد الزخم في مواجهة تداعيات الأزمة الصحية. وأعلن المركزي عن التخفيض بمقدار 10 نقاط أساس مع تعزيز السيولة في السوق قبل وقت قصير من ظهور البيانات التي أظهرت نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4 في المئة خلال الربع الأخير من 2021 بمقارنة سنوية. ويشكل هذا النمو أعلى من الارتفاع بنسبة 3.3 في المئة الذي توقعه الاقتصاديون، ولكنه أبطأ مما كان عليه في الأشهر الثلاثة السابقة. وجعلت بكين “الاستقرار” الاقتصادي أولوية هذا العام قبل اجتماع في الخريف حيث من المتوقع أن يتم تثبيت الرئيس شي جين بينغ كزعيم مرة أخرى، مما يشير إلى أن الحكومة ستتخذ المزيد من الخطوات التحفيزية لتحفيز النمو. ◄ الصين تعافت إلى حد كبير من الصدمة الأولى للوباء، لكن البؤر المتفرقة لكوفيد – 19 واصلت التأثير سلبا على الاقتصاد وتقول تشانغ شو وديفيد تشو من بلومبرغ إيكونوميكس “يُظهر التخفيض الأكبر من المتوقع من قبل المركزي لسعر تسهيل الإقراض متوسط الأجل لمدة عام واحد أنه جاد في وضع دعامة للاقتصاد”. وتشير هذه الخطوة إلى أن البنوك ستضع سعر الفائدة الرئيسي لديها لأجل عام عند مستوى أقل عند تثبيت السعر الخميس المقبل للشهر الثاني على التوالي، وهو ما يوفر المزيد من الدعم للاقتصاد المتباطئ. وقال المسؤول في المكتب الوطني للإحصاء نينغ جيزه في مؤتمر صحافي إن الاقتصاد الصيني يواجه “ضغوطا ثلاثية” ناجمة عن انكماش الطلب وضغوط على سلاسل التوريد وخفض التوقعات. وانخفض الإنفاق الاستهلاكي بشكل ملحوظ في ديسمبر الماضي حيث شددت الحكومة ضوابط مكافحة الفايروسات في عدة أجزاء من البلاد ومن المرجح أن يؤدي انتشار متحور أوميكرون في يناير الجاري، بما في ذلك في بكين الآن، إلى زيادة تلك الإجراءات. ونقلت تلفزيون بلومبرغ عن سيان فينر الاقتصادي الرئيسي لآسيا في أكسفورد إيكونوميكس قوله “سيستمر النمو في التراجع عن قطاع العقارات، وبالطبع سياسة صفر كوفيد التي ستستمر الصين في اتباعها”. وأضاف أن “أرقام مبيعات التجزئة لا تزال تخبرنا تماما أن سياسة صفر كوفيد لا تزال قائمة على المستهلكين، ولم نشهد الانتعاش الذي شهدناه في القطاع الصناعي”. وتعرض الاقتصاد الصيني لضربة من الصدمات المتكررة في النصف الأخير من العام الماضي من بينها نقص الكهرباء والتخلف عن السداد من أزمة الإسكان والممتلكات البطيئة وتكرار تفشي متحورات فايروس كورونا. وللعام بأكمله، توسع ثاني أكبر اقتصاد في العالم بنسبة 8.1 في المئة والذي يعد الأكبر منذ العام 2012، وهو أعلى بكثير من هدف الحكومة التي كانت تتوقع في أقصى الحالات ستة في المئة وأعلى من توقعات المحللين عند ثمانية في المئة. تشانغ شو: الخفض الأكبر من المتوقع يؤكد أن ثمة جدية لدعم الاقتصاد وساعد الارتفاع في التجارة العالمية، حيث أظهرت بيانات الأسبوع الماضي أن الصادرات من الصين ارتفعت إلى مستوى قياسي بلغ 3.36 تريليون دولار في عام 2021. ومع أنه ينبغي التعامل بحذر مع معدل النمو الرسمي، إلا أنه محل متابعة عن كثب من قبل المحللين نظرا لثقل الصين في الاقتصاد العالمي. وفي العام 2020 كانت الصين من الاقتصادات القليلة التي سجلت نموا إيجابيا بواقع 2.3 في المئة، فيما كانت الجائحة تضرب سائر أنحاء العالم، وإن كان هذا المعدل هو الأدنى منذ أربعة عقود. وتعافت البلاد إلى حد كبير من الصدمة الأولى للوباء، لكن البؤر المتفرقة لكوفيد – 19 واصلت التأثير سلبا على الاقتصاد. وترافقت سياسة “صفر كوفيد” التي سمحت بالقضاء على الوباء بسرعة في العام 2020، مع كلفة اجتماعية واقتصادية باهظة. ولم يعد نشاط قطاع الخدمات الذي يشمل الترفيه والسياحة والفنادق والمطاعم والنقل بعد إلى مستوى ما قبل الجائحة. وسجلت مبيعات التجزئة، المؤشر الرئيسي للاستهلاك، أسوأ أداء لها في ديسمبر الماضي حينما بلغت نحو 1.7 في المئة من سبتمبر 2020. وتأثر النمو سلبا كذلك بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية وأزمة العقارات مع مشاكل مجموعة ايفرغراند التي تواجه احتمال الإفلاس. وفي المقابل، انتعش الإنتاج الصناعي الصيني في ديسمبر الماضي بواقع 4.3 في المئة مقابل نحو 3.8 في المئة في الشهر السابق، أي بزيادة قدرها 9.6 في المئة بمعدل سنوي.
مشاركة :