ظل قصر المويجعي ما يقرب من قرن شاهدا على تاريخ حكم آل نهيان في مدينة العين، فقد شيد هذا القصر على يد الشيخ خليفة بن زايد الأول، وبعد وفاته انتقلت ملكيته إلى الشيخ محمد بن خليفة والد الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية، والذي بدوره أهداه للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، بعد توليه حكم مدينة العين عام 1946، ليصبح ديوانا وبيتا للعائلة، ويشهد ولادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة ونشأته، وبعد مرور عقود من الزمن، افتتح قصر المويجعي كمتحف ومعرض، باعتباره صرحاً وطنياً يتمتع بتاريخ حافل وثري، حيث قامت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة بإعادة تأهيله وترميمه، ليتحول إلى متحف بمعايير عالمية رفيعة، ويضم المتحف معرضا دائما، يؤرخ نشأة وحياة وسمات القيادة الرشيدة التي يتمتع بها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، ويسلط الضوء على مراحل مهمة في تاريخ الإمارات ومسيرتها نحو الاتحاد والتنمية، ويفتح القصر أبوابه على مدار العام ،ليكون متحفاً تاريخياً ومعلماً سياحياً بارزاً، كونه الشاهد على العديد من الأحداث التاريخية المهمة في مسيرة الإمارات. بداية كان الحديث مع محمد النيادي، مدير إدارة البيئة التاريخية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، عن تاريخ قصر المويجعي، ليوضح قيمته التاريخية والتراثية، قائلا: قصر المويجعي يعتبر سجلاً مهماً وبارزا من السجلات التاريخية لدولة الإمارات، وتكمن أهميته في أنه شهد ولادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وعاش فيه طفولته مع والده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، حيث كان يضم مجلسه في مدة توليه مهام ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية في إمارة أبوظبي في مدة الأربعينات والخمسينات والستينات. ويضيف: منذ ذلك التاريخ لعب القصر دوراً مهماً في بداية مرحلة حكم الشيخ زايد للعين 1946، حيث أصبح ديواناً وبيتاً للعائلة، وأثناء مدة إقامة المغفور له الشيخ زايد في القصر أدخل عليه الكثير من الإضافات، بما يعكس أهميته المتزايدة، حيث تمت مضاعفة مساحة مبنى الديوان، وتوسيع المطابخ وغرف الضيوف، حتى تستوعب الأعداد المتزايدة من زوار القصر، الذي جمع في هذه المرحلة بين وظيفتين مهمتين، الأولى هي أنه كان سكناً للأسرة الحاكمة، حيث عاشت فيه الشيخة فاطمة بنت محمد بن خليفة، الزوجة الأولى للشيخ زايد، أما وظيفته الثانية، فهي أنه كان مقراً للسلطة والحكم، فقد كان مجلس الشيخ زايد مفتوحاً للجميع يلتقي فيه المواطنون وزواره. وتناولت سلمى عبد الله العامري، مديرة مشروع قصر المويجعي، البعد الثقافي والمعماري المتطور لمشروع قصر المويجعي، قائلة: هذا المشروع هو إحدى مبادرات هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة لإعادة الحفاظ على الموروث الثقافي للقصر، ليعود من جديد كوجهة سياحية تراثية، لها دور ثقافي في التعريف بالأهمية التاريخية للقصر، كونه شهد تسلسل حكام آل نهيان في مدينة العين، وولادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، ومراحل نشأته. وعن التداخل بين الطابع التراثي لمبني القصر وحداثة التصميم المعماري للمعرض، تضيف مديرة المشروع: صمم المعرض الذي أنشئ في ساحة الفناء داخل قصر المويجعي، برؤية خاصة تضمن المحافظة على روح المكان وأصالته، ومن هنا جاءت فكرة تأسيسه من مادة زجاجية، لا تحجب الرؤية عن القصر، فيمتد نظر الزائر للمبنى الأصلي خلال جولته في المعرض، ومن جماليات هذا المبنى أيضا، أنه يظهر البئر التي كشفت عنه عمليات التنقيب، وذلك من خلال النظر عبر أرضيته الزجاجية. وتولى عمر الكعبي، باحث مبان تاريخية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة الحديث عن عمليات التنقيب التي أجريت في قصر المويجعي، واستمرت من العام 2008 إلى 2009، قائلاً: بدأت عمليات التنقيب بإجراء مسوحات جيوفيزيائية، تظهر ما في باطن الأرض، واعتمدنا أيضاً في الحصول على معلومات عن تاريخ القصر على الروايات الشفهية لشخصيات عاصرت تلك المرحلة، بالإضافة إلى الصور القديمة الجوية والفردية التي التقطت في فترة الأربعينات والخمسينات والستينات، وأظهرت عمليات التنقيب أدلة على الأنشطة الزراعية في واحة المويجعي منذ القرن الثامن عشر، وعملات إسلامية تعود للقرن السادس عشر والثامن عشر، ما يدلل على أن الحياة في منطقة المويجعي ربما يعود تاريخها إلى هذه الفترة، أيضا وجدنا بقايا فخاريات، وبئر ماء حديثة العهد، كما تم العثور على معالم أثرية، تعود إلى فترات أقدم عهدا من هذه البئر. ويضيف: بدأ البرنامج الشامل والمتكامل لترميم قصر المويجعي وإعادة تأهيله في أواخر سبعينات القرن العشرين، ثم توسَّع نطاق البرنامج في عام 2009 ليشمل الحفريات الأثرية وأعمال صَوْن معالمه الرامية إلى إظهار حالته الأصلية وإبراز سماته الأثرية، متزامنة مع عمليات التنقيب الأثري، خصوصاً أن موقع قصر المويجعي غني بالآثار، ويعتبر هذا القصر أحد أهم معالم العين المدرجة على قائمة اليونيسكو لمواقع التراث الإنساني العالمي، حيث يعكس عراقة وتاريخ الإمارات وثراء تقاليدها الأصيلة، ودوره كحصن تاريخي في قلب واحة المويجعي، كما تزامنت مع ذلك عملية إنشاء مبنى جديد داخل قصر المويجعي، ليتحول إلى متحف بمعايير عالمية رفيعة. تصميم متطور يتوسط القصر مبنى زجاجي، يحتوي على صور تفاعلية في جدرانه، تحكي قصة الحكم للأجيال المتعاقبة من أسرة آل نهيان، في تصميم معماري رائع وحديث، وتزين جدرانه في وسط المبنى قصيدة مهداة إلى صاحب السمو رئيس الدولة، من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبجانبها مقتنيات لصاحب السمو رئيس الدولة، حينما كان ولياً للعهد وممثل الحاكم في المنطقة الشرقية، وخلال الفترة التي قضاها في القصر، وهي عبارة عن بشت عباءة رجالية، و غترة غطاء رأس وخنجر يعود تاريخه إلى عام 1967، وأقلام ذهبية استخدمها سموه في توقيع الوثائق الرسمية. جولة يحتوي قصر المويجعي على مجموعة من المحطات التي يمكن استكشافها والاستمتاع بها، تبدأ من بوابة الدخول، حيث يظهر الجزء الخارجي للقلعة والمنطقة المحيطة بها، وبعدها ينتقل الزائر إلى ساحة المعرض، ليرى مجموعة من الصور الفوتوغرافية النادرة، تسرد لحظات فارقة في مسيرة الدولة، منها صور نشأة وحياة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ولحظة تقلّده منصب ولي عهد أبوظبي، والكثير من إنجازاته الوطنية، وكذلك التسلسل الزمني لأسرة آل نهيان، أيضاً يرى الزائر بعض مقتنيات رئيس الدولة، حينما كان ولياً للعهد وممثل الحاكم في المنطقة الشرقية. وفي البرج الشمالي الغربي للقلعة، كان يسكن المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وعائلته أثناء إقامته في قصر المويجعي، أما البرج الجنوبي الشرقي فتم بناؤه لأغراض دفاعية، ويضم القصر أيضاً برجاً في الجهة الشمالية الشرقية للقلعة، كان مخصصاً للسكن، وتم ترميم غرف الأبراج، بحيث تصبح بالحالة نفسها التي كانت عليها في الأيام الأولى للقصر. وفي فناء القصر يشعر الزائر بأصالة قصر المويجعي، من خلال اكتشاف ملامح العمارة التقليدية وأعمال الحفظ والترميم الدقيقة التي حافظت على القلعة وعملت على إعادة إحيائها. وبجانب القصر سيرى الزائر مسجداً اكتشفه علماء الآثار، كان موجوداً منذ إنشاء القصر، وتمت إعادة بنائه في الموقع وبالخامات نفسها.
مشاركة :