عادت الحركة المرورية إلى وضعها الطبيعي في معظم شوارع جدة وإن كانت متسخة وهو أمر يقبل في ظل التقصير المفرط في التعامل مع مشاريع تصريف مياه الأمطار والسيول. بالأمس خرجت أمانة جدة مبررة غرق سبعة أنفاق بسبب انقطاع التيار الكهربائي من المصدر الرئيسي عن محطة تجميع ورفع المياه الرئيسية بحي الزهراء ما نتج عنه تجمعات للمياه في هذه المواقع، ولكن الواقع أن نفق تقاطع طريق الأمير ماجد مع شارع فلسطين ظل إلى يوم أمس الأربعاء غارقاً، و"الوايتات" تسعى جاهدة لشفط المياه منه حيث لم تنجح المضخات الموجودة في النفق ولا المضخات الإضافية في تصريف المياه التي تجمعت داخل النفق. متطوعون يسعفون المتضررين ويؤمنون 2000 وجبة للعالقين وفي جانب آخر تسربت المياه إلى اثنين من المشاريع الجديدة والتي ينتظرها سكان جدة بفارغ الصرب، أحدها المشروع العملاق مطار الملك عبدالعزيز الدولي الجديد، وهو ما أكدته هيئة الطيران المدني على موقع "توتير" وبررت ذلك بأن المشروع لا يزال تحت التنفيذ وأن الأعمال الإنشائية للسقف والعزل بالمنطقة الخاصة بالقطار الداخلي لم ينته بعد، وأن المشروع لم يتم استلامه من المقاول. أما المشروع الآخر الذي تسربت إليه المياه بكميات كبيرة هو مجمع الملك عبدالله الطبي شمال جدة الذي استلم من المقاول وتم عليه عدة تعديلات قبل التشغيل وهو الآن في مرحلة تشغيل جزئي. وكالعادة الجانب المشرق من هطول الأمطار على جدة هو ظهور الشباب المتطوعين في خدمة المتضررين والعالقين في الشوارع وتنظيم حركة السير، ومن ضمن الجهات المنظمة للعمل التطوعي جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، حيث استنفرت نوادي التطوع بالجامعة جهودها على نطاق واسع لتقديم مساعدات وخدمات للمتضررين والعالقين بالشوارع المحيطة بالجامعة، كما تمت إتاحة المستشفى الجامعي لإسعاف وإيواء المتضررين، وقد تم تخصيص ست غرف طوارئ لإسعاف أي حالات طارئة، وكذلك تخصيص مركز للإيواء بالمستشفى الجامعي، كما يوجد تنسيق وتعاون مباشر بين إدارة الجامعة والدفاع المدني. ووزع عدد من طلاب وطالبات نادي التطوع أكثر من 2000 وجبة للعالقين بسبب الأمطار سواء من داخل الجامعة أو خارجها. كما باشر مجموعة شباب متطوعين في جدة التواجد في الأحياء المتضررة من الأمطار، حيث شكل 80 شاباً لليوم الثاني على التوالي فريقاً للإنقاذ والمساندة للدفاع المدني في أعمال الإغاثة. وقال طارق العبدالله قائد فريق التطوع ل"الرياض" إنه تم العمل على مسارين بعد تحديد رقم للتواصل، خصص المسار الأول لتلقي طلبات الراغبين في التطوع ممن يملكون سيارات دفع رباعي تستطيع الوصول للمواقع المتضررة بحيث يبقى الشاب المتطوع في حالة استعداد دائم لتلقي الاتصال من المنسق الذي يحدد له طبيعة الحالة والموقع المطلوب التوجه له، في حين خصص المسار الثاني لاستقبال طلبات الإغاثة من المتضررين، ويتم تمرير البلاغات ومواقع الاستغاثة التي من خلالها يتم توجيه أقرب مركبة للموقع لمساعدة وإنقاذ المتضررين. وتلقى الفريق أكثر من 200 اتصال، وكانت دوار الفلك وشارع فلسطين ومنطقة إبرق الرغامة وحي الحمراء أبرز المواقع التي شهدت طلباً للإغاثة. ومن أبرز المواقف لحالات الإغاثة، ورد اتصال للفريق من موظفات احتجزن داخل مقار عملهن بعد تسرب الموظفين وبقائهن لوحدهن، وتم الطلب منهن البقاء في أماكنهن وعدم المخاطرة بالخروج إلى حين تحسن الأحوال الجوية. وأشار المتطوع عبدالقادر كتوعة إلى مباشرتهم حالات استغاثة في مناطق شرق جدة والتي ما زالت محاصرة بمياه الأمطار، لافتاً إلى تواجدهم ومساندتهم لفرق الدفاع المدني، ومسح الأحياء المتضررة ميدانياً، مشيداً بالعمل المتواصل للجهات الرسمية والمتطوعين الذي أسهم في إعادة الحياة إلى طبيعتها في كثير من المواقع داخل وخارج مدينة جدة. وقال المواطن عبدالرحمن العتيبي إن المأساة تتكرر مع كل زخة مطر، ورغم مشروعات السيول والأمطار التي ينتظرها سكان جدة لتخليصهم من هذا الخوف مازالت المحافظة تشكو من هذا الواقع الأليم، والغريب أن يغرق نفق وهو بجانب قناة تصريف السيول الجديدة وهو النفق الواقع على تقاطع طريق الأمير ماجد مع شارع حراء. وأضاف العتيبي: "هذه المرة نقول لهيئة الأرصاد وحماية البيئة ألف شكر على أنكم قمتم بعملكم على أكمل وجه، وجاءت التحذيرات مبكرة، وجنبت جدة مأزقاً كبيراً لو كان الطلاب في مدارسهم في ظل الشلل التام الذي أصاب شوارعها يوم أمس الأول". وأكد فهد المطيري أنه في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لن يمر ما حدث في جدة مرور الكرام، فالحساب منتظر وسيكون كفيلاً بأن يعاقب المتسبب، فالحكومة أنفقت وأعطت ميزانية مفتوحة لحل المشكلة في جدة ولكن للأسف ومع كمية أمطار قليلة غرقت جدة مجدداً، وهذا لا يقره أي منطق. وبحسب الدفاع المدني فإن هطول الأمطار كان على كافة محافظة جدة، وكانت من متوسطة إلى غزيرة. وورد لغرفة عمليات جدة بلاغاً، تم التعامل معها بحسب طبيعة البلاغ منها جرت مباشرتها من قبل فرق الإنقاذ. وتسببت الأمطار في وفاة ثلاث حالات، فيما تم إنقاذ حالة، كما سجلت غرفة عمليات جدة 18 حالة سقوط أشجار ولوحات إعلانية وبعض المواقع لتجمعات المياه جرى التعامل معها من قبل الجهات المعنية. وفي جانب الشؤون الصحية بالمحافظة، أوضحت المديرية العامة للشؤون الصحية بجدة أنه تم الوقوف والمتابعة وبشكل مباشر على مواقع الحدث بمستشفى الولادة والأطفال بالمساعدية والذي شهد بعض التسريبات للمياه في بعض الأقسام ومنها الطوارئ وقسم الحضانة لحديثي الولادة، وقد تم تنفيذ خطة الطوارئ فور وقوع التسربات وأخذ الاحتياطات اللازمة، وتمت السيطرة على الموقف ولا توجد أي اضرار. وفي مستشفى العيون بجدة كان هناك انسداد في فتحات تصريف المياه وتسريبات حدثت داخل قسم تنويم النساء، ما دعاه لفصل الكهرباء بشكل احترازي ونقل المرضى باستحداث قسم داخل قسم الرجال منفصل تماماً وبشكل مؤقت لحين إصلاح الجزء المتضرر، وتمكن المستشفى من حل المشكلة بشكل سريع. كما تم رفع جاهزية المستشفيات بالمحافظة وعددها 14 مستشفى حكومي بالإضافة إلى 15 مستشفى بالقطاع الصحي الخاص بجدة وجميعها موصولة بغرفة عمليات طوارئ صحة جدة، التي من خلالها يتم إيصال كافة بلاغات الدفاع المدني إلى جميع المستشفيات ومسؤولي صحة جدة، وجهزت 18 فرقة ميدانية جاهزة للتحرك وقت الحاجة إلى مناطق الإيواء والإسناد حسب خطة الطوارئ.
مشاركة :