يدخل السودان في عصيان مدني وإغلاق شامل الثلاثاء احتجاجا على سقوط سبعة قتلى في مظاهرة الاثنين، وذلك بالتزامن مع حراك دولي لكسر الجمود بين العسكريين والقوى المدنية من خلال مؤتمر "أصدقاء السودان" الذي تحتضنه الرياض، فضلا عن إرسال واشنطن مبعوثين أميركيين إلى الخرطوم لمطالبة السلطات "بوضع حد للعنف" ضد المتظاهرين. وأعلنت كيانات سودانية في بيانات منفصلة الدخول في عصيان مدني الثلاثاء، وزيادة التصعيد احتجاجا على سقوط قتلى في مظاهرات الاثنين بالخرطوم. ودعت لجان مقاومة ولاية الخرطوم، وشبكة الصحافيين، والهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم، وصحيفة "الجريدة" المستقلة مساء الاثنين، إلى تنظيم عصيان مدني شامل لمدة يومين، ردا على ما وصفته بـ"مجزرة 17 يناير" بحق المتظاهرين. وقالت لجان المقاومة في بيانها "ندعو كل الثوار والثائرات إلى أن يغلقوا الخرطوم إغلاقا شاملا ونصب المتاريس في كل مكان". وأضافت "وندعو كل المهنيين والموظفين والعمال إلى التنسيق الجيد مع لجان المقاومة، تحضيرا للإضراب العام وتنفيذ العصيان المدني يومي الثامن عشر والتاسع عشر من يناير الجاري". وأعلنت الهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم الدخول في عصيان مدني لمدة يومين اعتبارا من الثلاثاء. كما وجهت شبكة الصحافيين السودانيين نداء عاجلا إلى المنظمات العاملة في حقوق الإنسان دوليا وإقليميا، لحملة تضامن دولية "لوقف جرائم قوات السلطة ضد الإنسان السوداني"، وذكرت الشبكة أن الوقت قد حان للإضراب الشامل والعصيان المدني والتتريس (الإغلاق). وأعلنت صحيفة الجريدة المستقلة توقفها عن الصدور يومين، وقالت "في ظل هذه الأجواء الكارثية التي تعيشها البلاد وتضامنا مع روح الثورة السلمية ورفض القمع وانتهاك الحق في الحياة، تعلن أسرة الجريدة توقفها عن الصدور ورقيا لمدة يومين". وكانت قوى إعلان الحرية والتغيير بالسودان قد دعت الاثنين إلى العصيان المدني الشامل مدة يومين بدءا من الثلاثاء، ردّا على قتل متظاهرين بالخرطوم. وأعلنت ثلاث منظمات تمثل الأطباء في السودان الثلاثاء انسحابها الكامل من مستشفيات الشرطة والجيش، والإضراب بعموم البلاد عن الحالات غير الطارئة لمدة 3 أيام، في إطار احتجاجات تشهدها البلاد للمطالبة بـ"حكم مدني". وقال بيان مشترك صادر عن لجنة أطباء السودان (غير حكومية)، ونقابة أطباء السودان الشرعية (نقابية)، ولجنة الاستشاريين والاختصاصيين (غير حكومية) إن "استمرار الأطباء والكوادر الطبية في العمل في مؤسسات الجيش والشرطة والأمن، هو اعتراف بما تمارسه هذه القوات الانقلابية، وتطبيع معها ويجب أن تتم مقاطعتها اجتماعيا ومهنيا". وأضاف أنه "بعد نقاشات مستفيضة مع الأطباء في المستشفيات النظامية (التابعة للجيش والشرطة) من النواب والعموميين والاختصاصيين والاستشاريين، نعلن الانسحاب الكامل من المستشفيات النظامية في العاصمة والولايات". وأشار إلى أن الأطباء سيضربون كذلك عن العمل في بقية المستشفيات عن الحالات غير الطارئة أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس، لكن الإضراب لا يشمل الحالات الطارئة والعناية المكثفة والقلبية وغسيل الكلى ومرضى النزف المعوي والأورام. وفي وقت سابق، أفادت لجنة أطباء السودان بأنّ سبعة متظاهرين قتلوا في ما عُرف بـ"مليونية 17 يناير" التي دعت إليها لجان المقاومة. واستخدمت قوات الأمن في الخرطوم مرّة أخرى الرصاص الحيّ والمدافع الرشاشة لتفريق متظاهرين توجّهوا إلى القصر الجمهوري. ووجهت لجنة الأطباء في السودان نداء حذّرت فيه من استخدام القوات الأمنية الرصاص الحي والمدافع الرشاشة في مواجهة المتظاهرين العزل. ويأتي ذلك بينما يرأس رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان اجتماعا طارئا لمجلس الأمن والدفاع في البلاد. ووسط ذلك، يتواصل الحراك الدولي بهدف إنهاء الأزمة السودانية، حيث يعقد الثلاثاء بالعاصمة السعودية الرياض مؤتمر "أصدقاء السودان" لدعم دور بعثة الأمم المتحدة في السودان "يونيتامس" للحوار بين الأطراف السودانية. وتشارك في المؤتمر المجموعة الأوروبية ممثلة في بريطانيا وفرنسا والنرويج والسويد، وكذلك الولايات المتحدة، فضلا عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ودولة الإمارات العربية المتحدة. كما سيشارك سفراء دول أوروبية في الخرطوم في مؤتمر الرياض، الذي يبحث الدعم الكفيل بإنهاء حالة الاحتقان السياسي ودعم العملية الديمقراطية، وإيجاد أرضية للحوار بين المكونات السياسية. وسيحضر المبعوث الأميركي الخاص إلى القرن الأفريقي ديفيد ساترفيلد، ومساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية مولي في، المؤتمر الذي ينعقد ليوم واحد، قبل توجههما للخرطوم. وقال المتحدث باسم الوزارة نيد برايس عبر تويتر "نشعر بالقلق إزاء تقارير عن تصاعد العنف ضد المتظاهرين في السودان"، وذلك بعد مقتل سبعة متظاهرين مناهضين للانقلاب الاثنين في احتجاجات ضد السلطة العسكرية. وأضاف برايس أن مساعدة وزير الخارجية لشؤون أفريقيا والمبعوث الأميركي الجديد للقرن الأفريقي "في طريقهما إلى الخرطوم وسوف يجددان دعوتنا للقوات الأمنية لإنهاء العنف واحترام حرية التعبير والتجمع السلمي". ويفور السودان باحتجاجات ردّا على إجراءات استثنائية اتخذها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، أبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وهو ما أنهى ترتيبات اقتسام السلطة التي بدأ العمل بها عقب سقوط الرئيس عمر البشير بانتفاضة شعبية عام 2019. وأعاد القادة العسكريون رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في نوفمبر إلى منصبه، في محاولة للحفاظ على ما تحقق من إصلاحات اقتصادية، لكنه استقال في وقت سابق من الشهر الجاري. وبدأت الأمم المتحدة مشاورات الأسبوع الماضي لكسر الجمود بين قادة الجيش وجماعات مدنية مؤيدة للديمقراطية، وتفادي احتمال تفاقم حالة عدم الاستقرار. انشرWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :