الاستغلال الجنسي كابوس ثقيل يطارد الأطفال في تونس |

  • 1/19/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أعلنت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ أنه تمّ إصدار قرار غلق فوري لروضة أطفال خاصة بمنطقة القصيبة من محافظة سوسة (الساحل)، على إثر الإشعار الذي رفعه مندوب حماية الطفولة بسوسة حول وجود شبهة استغلال جنسي لطفلتين قاصرتين، حماية لأطفال الروضة المذكورة من كلّ أشكال التهديد. وكان مندوب حماية الطفولة بسوسة وبعد تلقيه إشعارا مفاده تعرض طفلتين تبلغان من العمر 10 و12 سنة مرسمتين بالفضاء المذكور للاستغلال الجنسي، قد تولى التدخّل العاجل والاستماع للطفلتين والتعهد بهما. كما تمّت إفادة وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بسوسة قصد فتح بحث في الموضوع والقيام بكافة التحقيقات المستوجبة في الغرض. وشهدت معدلات الاستغلال الجنسي للأطفال في تونس ارتفاعا ملحوظا. وكشف تقرير الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص عن تسجيل 907 حالات اتجار بالأشخاص على المستوى الوطني خلال السنة المنقضية أكثر من نصفهم أطفال (452 حالة). ورغم أن هذا العدد تقلص مقارنة بسنة 2019 (1313 حالة)، إلا أن الملاحظ هو ارتفاع معدلات الاستغلال الجنسي للأطفال بثلاث مرات بعد أن قفز من 103 حالات في 2019 إلى 289 حالة في 2020. العديد من مرتكبي جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال يمارسونه كنوع من الانتقام من المجتمع وبدافع التمتع بإيذائه وقالت روضة العبيدي رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر إن الاستغلال الجنسي للأطفال تنامى هو الآخر بنسبة تفوق الـ100 في المئة خلال سنة 2020 خاصة خلال فترة الحجر الصحي، وكذلك الحال بالنسبة إلى الاستغلال الاقتصادي لهذه الفئة. وبيّنت في حديث إلى وكالة الأنباء التونسية، أنّ نسبة الاستغلال الجنسي للأطفال ارتفعت سنة 2020 إلى 180.6 في المئة مقارنة بسنة 2019. وأضافت العبيدي أنّ نسبة الاستغلال الجنسي للأطفال خلال سنة 2020 ارتفعت بشكل مفزع وخطير جدا لم تشهده البلاد منذ سنوات، معبّرة عن استنكارها تقاعس الهيئات الحكومية في التعاطي مع هذه الجرائم المرتكبة في حقّ الأطفال. وقالت العبيدي خلال فترة الحجر المنزلي المرتبط بأزمة كورونا في عام 2020، “استغلّ عدد من العصابات تزايد إقبال الأطفال على استخدام وسائل التواصل عن بُعد لتنفيذ جرائمهم السيبرانية من خلال التغرير بالأطفال وحثّهم على إرسال صور لهم في وضعيات غير لائقة، ثمّ تهديدهم وابتزازهم للحصول على مبالغ مالية”. وأشارت العبيدي إلى أنّ هؤلاء الأطفال يضطرون إلى سرقة أموال العائلة ومجوهراتها لإعطائها لتلك العصابات، حتى لا تفضح أمرهم وتنشر صورهم غير اللائقةعلى شبكات التواصل الاجتماعي. وأكّدت أنّ عددا كبيرا من هؤلاء الأطفال باتوا يعانون من اضطرابات نفسية، نظرا إلى الضغوط التي يتعرّضون إليها، علما أنّ عددا منهم أقدم على الانتحار أو حاول وضع حدّ لحياته. عدم وجود إحصائيات دقيقة حول الاعتداءات الجنسية يرجع إلى صمت العائلة وتكتمها عند حدوث اعتداء جنسي على طفلها خوفا من تفشي الخبر وبين شهاب اليحياوي، الباحث في علم الاجتماع أن الاعتداء الجنسي يعتبر شكلا من أشكال التعبير عن انسداد الآفاق وموت الأمل والحقد تجاه الغير المتمثّل في محيطه العائلي ومحيطه الاجتماعي. وأشار اليحياوي إلى أن العديد من مرتكبي جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال يمارسونه كنوع من الانتقام من المجتمع وبدافع التمتع بإيذائه وإيلامه كتنفيس عن الحقد والكره له. وبخصوص إقدام أشخاص يشتغلون ولهم مكانة في المجتمع على مثل هذه الاعتداءات، اعتبر الباحث أن هؤلاء الأشخاص يعانون من كبت جنسي وتربية جنسية عقيمة ومغلوطة تتم في العائلات التونسية التي تتجنب في غالبيتها الحديث عن الجنس أمام أبنائها أو الحوار حول ذلك معهم بشكل يقدم لهم فهما سلسا ومستساغا للجنس. وبين التقرير الإحصائي السنوي لنشاط مندوبي حماية الطفولة، الصادر في فبراير 2017، أن حالات التحرش الجنسي تمثل 50.5 في المئة من مجموع إشعارات الاستغلال الجنسي للأطفال خلال سنة 2016، تليها حالات ممارسة الجنس مع الطفل بنسبة 35.5 في المئة. وتجاوزت حالات التحرش الجنسي 80 في المئة في بعض الجهات إذ بلغت 83.3 في المئة في محافظتي جندوبة وقفصة، في حين تجاوزت حالات ممارسة الجنس مع الأطفال 73.3 في المئة في محافظة بن عروس. ومن أنواع الاستغلال الجنسي الأخرى التي سجلها مندوبو حماية الطفولة، مثلت الإشعارات الخاصة بزنا المحارم 13.8 في المئة من مجموع حالات الاستغلال المسجلة، واستأثرت محافظة تونس بتسجيل 9 حالات. وفي قراءته للإحصائيات الرسمية حول الاستغلال الجنسي للأطفال، اعتبر معز الشريف رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل، أن هذه الإحصائيات لا تعكس حقيقة وحجم استغلال الأطفال جنسيا في تونس. Thumbnail ولفت الشريف، إلى أن الوضعية أسوأ بكثير إذا علمنا أن 80 في المئة من ملفات الاعتداءات الجنسية الواردة على الطب الشرعي تخص اعتداءات واقعة على الأطفال. ويرجع عدم وجود إحصائيات دقيقة حول هذه الاعتداءات، حسب المتحدث ذاته، إلى صمت العائلة وتكتمها عند حدوث اعتداء جنسي على طفلها خوفا من تفشي الخبر. وأكد سامي نصر المختص في علم الاجتماع الإجرامي، أن حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال المبلغ عنها أقل بكثير من الحالات الفعلية إلا أن الخوف من الفضيحة يجعل العائلة تتكتم عن كشف الواقعة. وأضاف أنه رغم غياب الإحصائيات الدقيقة تعتبر الاعتداءات الجنسية على الأطفال سلوكات فردية وجبت معالجتها قبل أن ترتقي إلى مستوى الظاهرة ومن ثمة تصبح ثقافة سائدة. ومن الأسباب التي أدت إلى انتشار حالات استغلال الأطفال جنسيا، ذكر الشريف الإفلات من العقاب في مثل هذه الجرائم. وأوضح أن الإثباتات البيولوجية التي تمكن من معرفة المعتدي تنتفي بعد سويعات من الحادثة، وتكتم الأسرة عن الإبلاغ وتقديم شكوى في وقت وجيز يجعل إمكانية التتبع والإثبات معدومة. وأشار الشريف إلى أن المدة الزمنية بين الواقعة والتصريح بها والعرض على الطبيب الشرعي تستغرق في تونس من 3 أيام إلى عامين وهي مدة طويلة لإثبات الجريمة.

مشاركة :