مصفاة الذهب تدعم تحوّل مصر إلى مركز إقليمي للمعدن النفيس |

  • 1/19/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تسعى مصر لأن تصبح أول مركز إقليمي للمعدن النفيس في منطقة الشرق الأوسط عبر تدشين “مصفاة الذهب” لتنقية ودمغ المعدن الأصفر المحلي والخارجي بالكود الدولي المعترف به في البورصات العالمية، فضلا عن تعظيم القيمة المضافة من موارد هذا المعدن. خطت القاهرة خطوة ضمن استراتيجيتها لتعزيز تجارة الذهب بعد إعلان وزير البترول والثروة المعدنية طارق الملا مؤخرا أن بلاده تعمل على إنشاء أول معمل لتقييم جودة الذهب في المنطقة والمعروف إعلاميا بـ”مصفاة الذهب”. ويتزامن ذلك مع تصريحات وزير التموين والتجارة الداخلية علي المصيلحي بأن المرحلة الحالية تشهد تحديد التصور النهائي لإنشاء مدينة الذهب العالمية في العاصمة الإدارية الجديدة، بشرق القاهرة، والتي أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي العام الماضي. وقال الملا في تصريحات لـ”العرب” إن “الفترة الحالية تشهد الاستعداد لتأسيس شركة لإنشاء وإدارة مصفاة الذهب، حيث تصل تكلفتها إلى 100 مليون دولار، وتقدر المرحلة الأولى منها بنحو 30 مليون دولار، وستكون معتمدة دوليا وصالحة لدمغ الذهب المستخرج من المناجم”. وأضاف أن “قطاع الثروة المعدنية المصري يشهد انطلاقة واعدة نحو المستقبل مع توقيع عقود خلال الفترة الماضية وصلت إلى نحو 25 عقدًا للبحث والتنقيب عن الذهب مع شركات محلية وأجنبية”. طارق الملا: نستعد لتأسيس شركة لإدارة المصفاة بتكلفة 100 مليون دولار وأوضح الملا أن تأسيس شركة إيقات لمناجم الذهب والإعلان عن بدء تنفيذ خطة طموحة للإنتاج المبكر من الكشف التجاري بمنطقة إيقات بالصحراء الشرقية مع إطلاق خطة طموحة لبدء الإنتاج المبكر يأتي في ظل الاحتمالات المرتفعة لنسبة استخلاص ذهب الاكتشاف. وأشار إلى أن متوسط تركيز الذهب يبلغ 1.5 غرام في الطن، وكلها عوامل تعزز من تدشين المصفاة الجديدة. ولجأت القاهرة إلى الخطوة الجديدة في ظل زيادة المخزون الاستراتيجي من الذهب خلال الأعوام الثلاثة الماضية، إلى جانب الرسوم الباهظة التي تتحملها السلطات لمعايرة الذهب بالخارج ليتطابق مع معايير بورصة المعادن العالمية. وسرّعت من تلك الخطوة زيادة حجم الاستثمارات في التنقيب والبحث عن الذهب بالبلاد، بعد أن اقتصر العمل طيلة السنوات الماضية على عدد محدود. وفازت نحو 11 شركة بامتيازات للتنقيب عن المعدن الأصفر خلال نوفمبر الماضي، كما وقعت القاهرة نحو خمس اتفاقيات مع شركات كندية ومصرية في فبراير الماضي. وقررت تلك الشركات الاستثمار بالسوق المصرية، بعد أن نفّذت وزارة البترول خطة محكمة لتحديث وتطوير التعدين، بهدف زيادة الجاذبية الاستثمارية لهذا القطاع الذي ظل طاردا لرؤوس الأموال على مدى عقود. وتمحورت الخطة في صدور قانون جديد للثروة المعدنية باللائحة التنفيذية منذ نحو عامين والذي تضمن بابا شمل تنظيم القواعد الخاصة بالمناجم وإجراءات البحث والتنقيب والقيمة الإيجارية السنوية للبحث، وغيرها من العوامل التي تسهل اكتشاف المعدن النفيس. وظهر الذهب بالبلاد منذ قرون واستخدمه المصريون القدامى في مختلف نواحي حياتهم حتى أن عدد المناجم التي يتم التنقيب والبحث عنها حاليا والتي تم طرحها في مزايدات عالمية، أفصح عنها الفراعنة في مخطوطاتهم على بعض جدران المعابد. وتشير التقديرات إلى أنه تم استخراج الذهب من 120 منجما قديما، ومع تطور عمليات الاستكشاف وصل عدد المواقع التي تحتوي على الذهب في مصر حاليا إلى نحو 270 موقعا. وبدأت القاهرة تعدين الذهب والسعي في استخدام تقنيات استخراجه من مناجمه منذ سبعينات القرن الماضي، ولكن لم تصل إلى تحقيق العائد الاقتصادي حتى بدء الإنتاج التجاري لمنجم السكري بالصحراء الشرقية في عام 2010. جمال القليوبي: فورة مرتقبة للاستثمار الأجنبي وتنقية معدن الأسواق المتاخمة وتمثل الإنتاج في الحصول على بلورات الذهب ثم طحنها وانتقاء الذهب منها ثم صهرها مرورا بعملية النسيج والصب، وبعد ذلك يتم جمع تلك العينات الذهبية ووضعها في صناديق مؤمنة وإرسالها جوًا إلى كندا لتنقيتها في معمل تقييم جودة الذهب (مصفاة الذهب)، ليتم صهرها وتنقيتها من الشوائب طبقًا لمعايير بورصة لندن العالمية. وتُكلّف عمليات التنقية التي تتم في كندا السلطات المصرية مبالغ طائلة، وتهدر العائد المنتظر من وراء اكتشاف الذهب، لما تحصل عليه كندا من رسوم ومزايا مقابل التنقية، وهي عملية مهمة لحصول الذهب المصري على الكود الدولي “9999” ويبرهن أن الذهب مطابق لمعايير البورصة العالمية. ويعزز من تدشين المصفاة الجديدة وصول إنتاج مصر من الذهب إلى 1.5 مليون أوقية سنويا، ومن ثم فالخطوة الجديدة توفر تكاليف التنقية التي كانت تتم بالخارج، فضلاً عن أن ذلك يجذب الاستثمارات الأجنبية للتنقيب عن الذهب في مصر. ومن الأسباب التي دفعت السلطات إلى الخطوة الحالية ما وصلت إليه من كشف تجاري للذهب في منطقة إيقات بالصحراء الشرقية باحتياطي يتجاوز مليون أوقية في الحد الأدنى، وبنسبة استخلاص 95 في المئة، والتي تعد الأعلى بالبلاد. وقدرت وزارة البترول إجمالي استثمارات هذا الكشف على مدار السنوات العشر المقبلة بأكثر من مليار دولار. وقال جمال القليوبي أستاذ الطاقة والتعدين بالجامعة الأميركية في القاهرة إن الخطوة المصرية بتدشين “مصفاة الذهب” هي الأولى في منطقة الشرق الأوسط، وتساعد على سهولة مطابقة الذهب لمعايير بورصة لندن. وأشار لـ”العرب” إلى أن مصر ستشهد فورة في جذب الاستثمارات الأجنبية للاستثمار في الذهب عبر البحث والتنقيب، كما أن المصفاة الجديدة تنتظرها فرص واعدة لتنقية الذهب للأسواق المتاخمة لمصر. وذكر القليوبي أن الدول المجاورة لمصر وكذلك بلدان المنطقة لا تملك معامل لتنقية المعدن النفيس من الشوائب، غير أنها تتعامل مع أحد المعامل في كندا أو أستراليا أو الولايات المتحدة أو الصين. وتكمن الأهمية الاستراتيجية للمصفاة في تحويل مصر إلى مركز إقليمي للمعدن النفيس، إذ تستقبل خام الذهب من بلدان شمال ووسط أفريقيا وبعض دول الشرق الأوسط لتنقيته ومعايرته وفقًا للبورصة العالمية. قطاع الثروة المعدنية المصري يشهد انطلاقة واعدة نحو المستقبل مع توقيع عقود خلال الفترة الماضية وصلت إلى نحو 25 عقدًا للبحث والتنقيب عن الذهب مع شركات محلية وأجنبية ومن شأن التوسع العربي في التنقيب عن الذهب أن يعزز من تسريع مصر في تدشين المصفاة الجديدة، لاسيما مع توقيع السودان أخيًرا نحو 9 اتفاقيات امتياز للتنقيب عن الذهب وعدد من المعادن الأخرى مع شركات أجنبية ومحلية. كما تعتزم السعودية تشغيل مشروع منصورة ومسرة للذهب بالكامل منتصف العام الجاري، ويعد البلدان من الأسواق الرئيسية التي تراهن عليها مصر لتعزيز دور المصفاة الجديدة. وتريد القاهرة من وراء خطوتها زيادة الاحتياطي من الذهب لدى البنك المركزي بالاعتماد على إنتاجها الفترة المقبلة ومطابقته للمواصفات العالمية عبر المعمل الجديد المزمع تدشينه.

مشاركة :