الحياةُ رِواية، وبعْضُ الأحْداث التّي تحْصُلُ فيها ــ مُفْرحة كانتْ أمْ مُحْزنة ــ لا تكادُ تُصدّق أحْيانا لغرابتِها على غِرارِما حصل للأمركيّة "أنجلينا غونساليفس"،فقدْ سلّمتْها إدارة البريد رسالة من زوْجها تمّ إرْسالها منذ76 عاما بأكْملِها ! وقدْ أوردتْ أهمّ وسائلُ الإعلام الأمركيّة المكتُوبة منْها والمسْموعة والمرئيّة على غرارC.N.N.هذا الخبر وتناقلتْه عنها مُختلف الصّحف الأوروبيّة،وذكرت جريدةُ "الباريزيانْ"(البارِيسيّ)اليوميّة الفرنسيّة في هذا السّياق أنّ "جونْ غنْسالفيس "كان رقيبا في صُفوف الجيش الأمركي مُتمرْكزا في ألْمانيا عنْدما حرّر هذه الرّسالة إلى أمِّه المُقيمة في ولاية "ماساتشوستر" وبعث بها إليها بواسطة البريد سائلا عنْ أحْوالها ويُبشّرها بقُرب عودته إلى بلادِه. كان "جونْ" شابّ أمركيّ في الثّانيّة والعشرِين من العُمر عندما هبّت الولايات المُتحدة الأمركية لنجدة الحلفاء في الحرب العالميّة الثانيّة (1939 ـ 1945 )لمُقاومة دُول" المحْور" فأرسلتْ فيالق من جيشها إلى أوروبّا لدعْم دول الحلفاء. انهزمت ألمانيا النّازيّة وانتصر" الحلفاء "،وكان الرّقيب "جون" يستعدّ إلى العودة إلى بلاده بعد مُضيّ ستّة أشهر على نهاية الحرب. في تلك الفتْرة كتب الرّسالة إلى أمّه وهي مُؤرّخة في 6 ديسمبر 1945 يُعلمها فيها بأنّه مُتواجد في "ووبرن" قرْب مدينة "فرانْكفورت" ،وهي رسالة في صفْحتين وصف فيها وضْعه ويتحدّث عن الأكل والإقامة والطقس ،وبثّ في سطورها حنينه إلى أمه وحبّه لها ولبقيّة أفراد العائلة. عاد "جون" إلى وطنه وتزوّج منْ" أنْجلينا" وأنْجب منها 5 أبْناء وعاش حياته إلى عُمر 92 عاما، وتُوفّي عام 2015 وماتتْ أمُّه قبله، وهذه الأيّام وبعْد 76 عاما بأكْملها عثرتْ إدارة فرْز البريد الامركي ب"بيسبورغ" على رسالة "جُون "إلى أمّه وأدرك المسؤولون أهميّتها من خلال الظرف المكتوب عليه اسم المُرسل والمرسل اليه وتاريخ الإرسال، وتبيّن لهم رمْزيّتها لتاريخ الأسرة وتمّ إجراء بحث أمكن بفضله الوصول الى أرملة "جون " وسلّموا لها الأمانة. ويبقى السُّؤال: أيْن اختفتْ هذه الرّسالة طيلة هذه الأعوام؟ إنّ الجواب جاء من البريد غير واضح، و المؤكّد أنّهم أردُاوا عدم الكشْف عن السرّ !