صراحة خالد الحسين : صدر عن معهد الإدارة العامة كتاب مترجم بعنوان خدمة العملاء الإلكترونية: استخدام أدوات التكنولوجيا ومبادئ خدمة العملاء لبناء حكومة مبدعة وريادية، وهو من تأليف كل من: بروس ماكليندون، وماك بيرتش، وراي كواي، وقام بترجمته للغة العربية كل من: د.محمد شحاته وهبي، وأ.درويش نايف عبدالهادي. وراجع الترجمة د.عبدالله بن خالد بن ربيعان. ويأتي هذا الكتاب ضمن الإصدارات العلمية لمؤتمر ( ثقافة خدمة العملاء في القطاع الحكومي ) الذي تعقده وزارة الخدمة المدنية وينظمه معهد الإدارة العامة، خلال الفترة من 5 -7 صفر الموافق من 17-19 نوفمبر 2015م، في مركز الملك سلمان للمؤتمرات بمقر المعهد بالرياض. والكتاب يقع في (528) صفحة من الحجم المتوسط، وقد تمت عمليات تصميم وإخراجه وطباعته في الإدارة العامة للطباعة والنشر في المعهد. يؤكد المؤلفون في مستهل الكتاب على ضرورة تطوير خدمات العملاء في القطاع الحكومي؛ وذلك في إطار تبني الحكومات المختلفة ثقافة خدمة العميل، وتحقيق أهداف التنمية الشاملة لتضمن رضا المواطنين. ومن بين الجوانب المهمة التي تُميز الكتاب أنه يوضح كيفية تطبيق أدوات التكنولوجيا، وكذا تطبيق المبادئ العشرة للخدمة العامة؛ حتى يمكن الإسهام في تطوير وتقديم خدمات ومنتجات أفضل، على مدار فصوله المتنوعة التي اهتمت بكيفية بناء ثقافة خدمة العملاء، واجتياز الموانع وتحطيم الحواجز، ومعاملة الأفراد على أنهم عملاء، وضمان موثوقية الخدمات، واستخدام تكنولوجيا المعلومات لتقديم خدمات الحكومة الإلكترونية، ودمج وسائل التواصل الاجتماعي والمشاركة المدنية؛ لتعزيز أنشطة الحكومة الإلكترونية. ويقدم كل فصل من فصول هذا الكتاب أمثلة موثقة لأفضل الممارسات والحكومات التي استطاعت أن تحسن من مستوى أدائها؛ بفضل استخدامها التكنولوجيا؛ وبفضل التزامها بالمبادئ العديدة التي ورد ذكرها في الكتاب والتي تُعنى بتقديم الخدمات العامة للمواطنين والعملاء. وترتكز جميع الفصول على المبادئ الأساسية للخدمة العامة والتي تتمثل في: كيفية الإنصات للعملاء والتعلم منهم ومن المجتمع ككل وذلك بهدف الارتقاء بمستوى الخدمة، كما تتمثل أيضاً في ضرورة استخدام مقاييس الأداء ذات التوجه نحو خدمة العملاء والمواطنين ومن ثم تحديد الميزانية بحسب الأولويات للحصول على النتائج المرجوة، ومن ثم اختيار الموظفين المناسبين لتقديم الخدمة العامة، وتطويع التكنولوجيا والبيانات الضخمة والتحليل التنبؤي لحماية الأمن العام. إذ أن التطور المستمر الذي تشهده وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات هذه الأيام تمهد الطريق أمام تبادل البيانات والمعلومات وتعزيز الفهم وتوفير مستوى أكبر من الشفافية وتسريع المعاملات وتحفيز المشاركة في اتخاذ القرار وتقليل كلفة توصيل الخدمات. فهناك أعداد متزايدة من الحكومات المحلية التي تستخدم الأدوات الإلكترونية مثل: مقابلات مجلس المدينة الافتراضي Virtual town hall meetings ، وشبكات التواصل الاجتماعي، خاصة الفيسبوك Facebook واليوتيوب YouTube والمتابعة الإلكترونية، وتطبيقات الهاتف المحمول؛ وذلك لزيادة نسبة مشاركة المواطنين أوالعملاء في أنشطة الحكومة المحلية باعتبارهم شركاء فعالين لهم دورهم في عملية الحوكمة وكذلك في عملية بناء المجتمع. ويركز المؤلفون على مبادئ خدمة العملاء وآليات تطوير ثقافة خدمة العملاء في القطاع الحكومي والتعامل مع المستفيدين، باعتبارهم شركاء ومواطنين، كما يتناول أهمية استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل المختلفة والتحليلات التنبؤية والمشاركة المجتمعية في تعزيز أنشطة الحوكمة الإلكترونية باعتبارها وسائل فريدة، يمكنها أن تلعب دوراً في تطوير آليات جديدة لتقديم خدمات حكومية بجودة عالية؛ فالتقدم التكنولوجي إذا ما تم استخدامه بالشكل الأمثل سيجعل من الأنظمة الحكومية أنظمة متصلة بالواقع، كما أن التحول إلى التكنولوجيا كفيل بتصحيح مسار هذه الحكومات، ويتأتى ذلك من خلال الإنصات إلى المواطنين واستخدام التكنولوجيا لتمكين الأفراد والمجتمع للمساعدة في تطوير وتوصيل الخدمات العامة للمواطنين. ويرى المؤلفون أن الدمج التام لمبادئ خدمة العملاء في عملية تطوير وتوفير الخدمات العامة، هي عملية مهمة، خلال توظيف التكنولوجيا في هذا الصدد. ورغم أن خدمة العملاء لاتزال من وجهة نظر معظم الحكومات دون الطموحات، إلا أن هناك نماذج للعديد من الموظفين الحكوميين الأكفاء الذين يتسمون بالحرص والتحفز، ويشعرون بالفخر والرضا عن عملهم، كما أنهم مهتمون بتعلم كل ما من شأنه أن يطور من قدراتهم؛ حتى يتمكنوا من تقديم خدمة أفضل للعملاء والمواطنين الذين يخدمونهم. كما يوجد عدد ضخم من المسئولين المنتَخبين المفعمين بالحماس، أيضاً هناك عدد من المواطنين الساخطين الذين يتوقعون من الحكومة أن تعامل العامة باعتبارهم عملاء لهم قيمتهم. وعلى جانب متصل، فقد أكد الكتاب على مبادئ وممارسات وأساليب خدمة العملاء من منظور عملي، وليس على أساس النظريات الأكاديمية والنماذج المثالية؛ وذلك بفضل خبرة مؤلفيه في العمل بمجال خدمة العملاء، فالكتاب حافل بالعديد من الأمثلة والممارسات من مختلف الدول والمدن والمقاطعات التي عُرفت بإبداعها وأدائها المتميز في تقديم أفضل الخدمات. ويشدد المؤلفون على ضرورة معاملة المواطنين باعتبارهم عملاء، وكذا التواصل معهم وبناء العلاقات مع أفراد المجتمع، في إطار من الثقة المتبادلة، كما يؤكدون على أهمية وضع العملاء في المرتبة الأولى، والعمل على تمكينهم؛ حتى تتوفر لديهم القدرة على مساعدة أنفسهم في الالتزام بالعديد من المبادئ التي تُعنى بخدمة العملاء العامة المشار إليها في هذا الكتاب، فهناك طلب متزايد ودعم عام، ومن ثم فالمستقبل واعد لحكومة إبداعية وريادية. ويظهر الكتاب أهمية تطوير معايير الجودة ومقاييس الأداء التي تلبي احتياجات العملاء وتوقعاتهم، فما يتم قياسه يتم إنجازه؛ حيث أن الأداء الذي يتم قياسه يتحسن بالتأكيد. فإذا لم تُقاس النتائج يصبح التمييز بين النجاح والفشل أو حتى معرفة ما يمكننا التخلي عنه عند أخذ أي قرار بشأن الميزانية المالية مسألة مستحيلة. فالالتزام بتطوير الخدمة العامة دون التزام مماثل باستخدام المعايير والمقاييس لا يعد من أسس خدمة العملاء الصحيحة. وتتمثل الفائدة الوحيدة الأكثر أهمية والتي تأتي نتيجة لاستخدام مقاييس الأداء في أن الحكومة المحلية يتاح لها الفرصة لقياس جودة الخدمة من منظور العملاء الذين يحصلون على الخدمة ويدفعون مقابلها، ومن ثم فإنه لا مجال للخطأ حينئذٍ. وتجدر الإشارة هنا إلى ضرورة إعداد الموظف وتأهيله بالشكل المناسب، بحيث يكون معنياً بثقافة خدمة العملاء، إذ يمكن تحديد ثقافة المنظمة من خلال سلوكيات موظفيها والتي تعكس قيم المنظمة ومواقفها ودوافعها ومعتقداتها وأدوارها وعلاقاتها مع موظفيها، فضلاً عن أنه يمكن معرفة طبيعة وخصائص العلاقة بين موظفي المنظمة وعملائها. وتتحكم ثقافة المنظمة في شتى نشاطاتها؛ فهي التي تؤكد على السلوكيات الأساسية وغير الأساسية، والسلوكيات المقبولة وتلك المرفوضة، وهي التي تحدد إمكانية تمكين الموظف من عدمه، حيث أن هذا النمط من الثقافة سيكون هو المسيطر على المنظمة، ومن ثم فهو الذي يحدد أساسيات التعامل مع الموظفين، كما سيحدد الطريقة التي سيتعامل بها الموظفون مع بعضهم البعض، ومن ثم مع عملائهم. ومن شأن هذه العلاقات أن تحدد وتصف قدرة أي منظمة على التطور بنجاح، ومن ثم تحقيق رضا العملاء عن منتجاتها وخدماتها. وبصفة عامة، فإنه من الضروري تخطي الحواجز وكسر القيود التي تعد الخصم الأول لخدمة العملاء الجيدة في القطاع الحكومي، فتلك الحواجز هي بلا شك نتاج لسلطة المديرين التي تحمي وتعزز بقاءها؛ حيث يعتمد المديرون الذين يمارسون سلطات مطلقة على تلك الخاصية في بناء تلك الحواجز، وهم يعتمدون أيضاً على السلطة الرأسية في التحكم في موظفيهم. وتختلف الإدارة في هذه الأيام عما كانت عليه في السابق؛ حيث اهتمت بإزالة الحواجز واستخدام الموارد الخارجية ودعم الموظفين وتحفيزهم لتحطيم الحواجز وتقديم خدمة متميزة لعملائهم، فهي تدعم الموظفين للعمل في مختلف المنشآت، متحملين في سبيل ذلك المسئولية عن تقديم الخدمات وحل المشكلات فور حدوثها وعند إبلاغ العميل عنها، وهو أمر مهم وضروي لتحقيق خدمة عملاء مرضية. وفي الختام، يعرض المؤلفون سلسة من المقالات القصيرة حول موضوعات محددة مثل: أهمية العدالة والمساواة في تقديم الخدمات العامة، والوقوف على مدى وحجم الأزمة المالية المحدقة.
مشاركة :