حذرت صحيفة «بوركينا» من تصاعد النزاع المائي بين مصر وإثيوبيا إلى حرب مياه إقليمية.وبحسب مقال لـ «أوريل أروجو»، الباحث المتخصص في النزاعات الدولية والعراقية، فإن التوترات بين مصر وإثيوبيا متأججة منذ فترة.وأضاف: لا تزال القاهرة تعتبر برنامج المياه الإثيوبي تهديدا لأمنها القومي ويتضمن نزاعا على جزء من مياه النيل، لكنه ليس النزاع المائي الوحيد في العالم اليوم.وأضاف: قال وزير الري المصري محمد عبدالعاطي هذا الأسبوع «إن السلطات الإثيوبية في أديس أبابا ترفض قبول آلية تنسيق عمليات سد النهضة الإثيوبي مع السد العالي المصري».وأشار إلى أن عبدالعاطي يزعم أن بلاده لا تعترض على سد النهضة بحد ذاته، حيث إنها وافقت على مشاريع السدود الأخرى من قبل دول حوض النيل مثل أوغندا، ولكن مصر ترى أن هناك حاجة إلى اتفاق.وأردف: على أي حال، المحادثات متوقفة وإثيوبيا تملأ السد دون التوصل إلى حل وسط مع مصر فيما يتعلق بشروط الاحتفاظ بالمياه، وهي قضية خلافية.طموح إثيوبيومضى الباحث أوريل أروجو يقول: كان سد النهضة هدفا إثيوبيا منذ الخمسينيات، وأصبح مسألة شرف واعتزاز وطني لإثيوبيا، التي تطمح لأن تصبح أكبر منتج للكهرباء في أفريقيا.واستطرد: من المتوقع أن ينتج المشروع أكثر من 6000 ميغاواط من الطاقة، وبالتالي مضاعفة إنتاج الكهرباء في البلاد ورفع مستويات المعيشة.وتابع: من أجل القيام بذلك، فإنه، مثل جميع السدود، سيحتفظ بكميات هائلة من المياه التي لن تتدفق بعد الآن في اتجاه مجرى النهر، مما قد يتسبب في انخفاض منسوب مياه النهر.وأضاف: في حين أن مصر قلقة من الجفاف، حيث تعاني بالفعل نقص المياه، فإن السودان بدوره قلق من أن يفيض السد الإثيوبي إلى حد إغراق الأراضي المنخفضة داخله، إضافة إلى ذلك، قد تشجع المبادرة الإثيوبية دول حوض النيل الأخرى على بناء المزيد من السدود في نوع من السباق المائي.وبحسب الكاتب، ليس من المبالغة القول: إن دبلوماسية المياه كانت جوهر السياسة الخارجية لمصر.وأضاف: وصف هيرودوت في القرن الرابع قبل الميلاد مصر نفسها بأنها «هبة النيل»، وكان النهر هو الهواء الذي تتنفسه الحضارة المصرية، حيث يعيش نحو 90% من سكانها في مناطق الحزام الخصب المحيط بها.وتابع: ذات يوم، كانت مصر هي القوة المهيمنة الإقليمية في حوض النيل لفترة طويلة، من خلال عدد من الإجراءات القسرية وإستراتيجيات الاحتواء، لكن هذه الهيمنة يتم تحديها الآن.وأشار إلى أن حوض نهر النيل يمتد عبر إريتريا وكينيا والكونغو وبوروندي ورواندا وتنزانيا وأوغندا، إلى جانب مصر والسودان وجنوب السودان وإثيوبيا.الإستراتيجية المصريةومضى أروجو يقول: لكن بالنسبة للقاهرة، فإن إستراتيجيتها الهيدرولوجية هي مسألة وجود وطني، حيث يتم تلبية 97% من احتياجات المياه المصرية من خلال نهر النيل.وأضاف: يقدر تقرير التنمية البشرية للقاهرة لعام 2021، والذي تم إصداره بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن ملء سد النهضة يمكن أن يؤثر بشكل خطير على توافر المياه في مصر، وبالتالي تقليل نصيب الفرد من المياه والتأثير على العديد من الأنشطة الاقتصادية.وأوضح أنه في هذه الحالة، فإن الشفافية هي المفتاح لتهدئة التوترات والأمر متروك لأديس أبابا للسماح بإجراء دراسات مستقلة حول تأثير السد، كما أن هناك حاجة ماسة إلى اتفاقية إطارية تعاونية منقحة.وتابع: في غضون ذلك، تواجه إثيوبيا توترات داخلية خاصة بها بشأن نزاع مع جبهة تحرير تيغراي، في ديسمبر 2021، أفادت وكالة «فانا برودكاستينغ» الإثيوبية الحكومية أن السودان يدعم بنشاط الجبهة، وهي تهمة نفتها حكومة الخرطوم، ومع ذلك، في وقت سابق من 2021، ألمح السودان عدة مرات إلى أنه يمكنه تقديم دعمه اللوجستي والعسكري للمتمردين الإثيوبيين كنوع من الإجراءات الانتقامية ضد سياسات المياه في أديس أبابا.ومضى يقول: تجدر الإشارة إلى أن الحرب الأهلية السودانية نفسها اندلعت بسبب قرار الحكومة بناء سد كجبار على النيل.وبحسب الكاتب، أصبحت فكرة أن الحروب المستقبلية قد تكون على الماء توقع سليم، حيث تتزايد النزاعات على المياه في جميع أنحاء العالم، ومعظمها على المستويات المحلية داخل البلدان، ولكن غالبًا على المستوى الدولي أيضًا.ومضى يقول: من 1950 إلى عام 2000، كان هناك 1831 صراع بشأن المياه، بحسب البرنامج الهيدرولوجي الدولي لليونسكو.صراعات المياهوأردف: في العراق، على سبيل المثال، هناك صراعات قوية متعلقة بالمياه بين المجموعات القبلية في المحافظات، في حين أن بغداد قلقة دائمًا من بناء السدود من قبل كل من إيران وتركيا.وأضاف: في آسيا الوسطى، هناك توترات مستمرة حول حوض بحر آرال تشمل قيرغيزستان وطاجيكستان وإيران وأفغانستان وكازاخستان وتركمانستان وأوزبكستان.وأردف: في أبريل 2021، وقع أسوأ اشتباك حدودي منذ استقلال عام 1991 بين قيرغيزستان وطاجيكستان بسبب نزاعهما على المياه.وأضاف: لا تقتصر حروب المياه على شمال إفريقيا وآسيا الوسطى والشرق الأوسط، في سياق الصراع الروسي الأوكراني، في عام 2020، أغلقت كييف قناة شمال القرم، مما تسبب في مشكلات إنسانية خطيرة وأزمة مياه، حيث توفر القناة نحو 85% من مياه الشرب في شبه جزيرة القرم.وأردف: هناك علاقة واضحة بين الماء والطاقة وحتى الطعام، حيث يتوقف على استمرار تدفق المياه العديد من الأنشطة بصيد الأسماك والزراعة والسياحة والملاحة وعدد من الأنشطة البشرية الأخرى، في الواقع يمكن اعتبار المياه ذات قيمة مثل النفط، أو حتى أكثر من ذلك، حيث إنها ضرورية من قبل كل صناعة تقريبًا.ومضى يقول: بصرف النظر عن الكثافة السكانية أو حتى الجوانب الفنية المتعلقة بمستوى التنمية، يمكن العثور على مفتاح منع نشوب النزاعات المائية على المستوى المؤسسي عبر المعاهدات وهيئات التعاون والإدارة، وبالطبع الدبلوماسية الجيدة، إلى جانب الشفافية، وبالتالي، تعد إدارة المساواة في الحصول على المياه أحد التحديات الكبرى في القرن 21، وينبغي أن نتوقع ظهور المزيد من النزاعات والصراعات، الداخلية والدولية على حد سواء، على هذا المورد.
مشاركة :