القاهرة 22 يناير 2022 (شينخوا) رأى خبراء سياسيون واقتصاديون، أن زيارة رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن لمصر تعزز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وتمهد لمرحلة جديدة من الشراكة بينهما. ووصل مون جاي إن للقاهرة مساء (الأربعاء) الماضي، وعقد جلسة مباحثات مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي صباح اليوم التالي. وشهد الرئيسان، توقيع عدة وثائق ومذكرات تفاهم من بينها مذكرة تفاهم لإجراء دراسة مشتركة حول جدوى إبرام اتفاق شراكة تجارية واقتصادية بين البلدين، على أن يتم تقديم التقرير النهائي في غضون ستة أشهر من بداية الدراسة. كما تم توقيع مذكرة تفاهم أخرى بشأن التعاون المالي للأعوام 2022 – 2026 بقيمة مليار دولار، في ضوء إعلان كوريا الجنوبية اختيار مصر شريكا استراتيجيا لخطط التعاون الإنمائي بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ووقعت مصر أيضا اتفاقية مع كوريا الجنوبية للحصول على قرض ميسر بـ 251.6 مليون دولار لتمويل مشروع تحديث سكك حديد مصر، فضلا عن وثيقة خطابات متبادلة بشأن منحة لا ترد بقيمة 7.9 مليون دولار. وشملت الاتفاقيات الموقعة مذكرة تفاهم للتعاون في مجالات الآثار والمتاحف، على أن تكون باكورة التعاون البدء في أعمال ترميم الصرح الأول بمعبد الرامسيوم بالبر الغربي في الأقصر جنوب القاهرة. وخلال زيارته للقاهرة، تفقد الرئيس مون جاي إن أمس (الجمعة) الخط الثالث لمترو الأنفاق والقطارات الموردة من شركة هيونداي روتيم الكورية الجنوبية، وأطلع على مخطط التعاون المشترك لتوطين صناعة السكك الحديدية في مصر. وتعد هذه الزيارة الأولى لمون جاي إن إلى أفريقيا، وأول زيارة لرئيس كوري جنوبي للقاهرة منذ 16 عاما. وقال الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن العلاقات بين القاهرة وسول ستشهد "تطورا بشكل إيجابي كبير" بعد زيارة مون جاي إن لمصر. وأضاف غباشي لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن زيارة مون للقاهرة "تعد زيارة اقتصادية في المقام الأول"، مشيرا إلى التعاون المثمر بين مصر وكوريا الجنوبية في قطاعات النقل مثل السكك الحديدية ومترو الأنفاق. وتابع أن "مصر هي بوابة أفريقيا وكوريا الجنوبية تطمح أن تكون لاعبا مهما في الساحة الأفريقية، وترغب في الدخول لأفريقيا عبر البوابة المصرية، لأنها تعلم مدى أهمية مصر التي تتواجد في عدة تجمعات واتفاقيات أفريقية مثل الكوميسا". واعتبر أن الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقع عليها البلدان خلال زيارة مون جاي إن "جيدة"، مشيرا إلى أن مصر ستستفيد من هذه الزيارة بدرجة كبيرة جدا. وأكد غباشي أن اتفاق البلدين على استمرار آلية التشاور السياسي واللجان السياسية والاقتصادية سوف يعزز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين خلال المرحلة المقبلة. وأشار إلى وجود إرادة ورغبة في تطوير الاستثمارات الكورية الجنوبية في مصر في ظل اهتمام الأخيرة بتوطين الصناعة. وشهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تطورا ملحوظا، حيث بلغ حجم التبادل التجاري خلال الفترة من يناير حتى نوفمبر 2021 حوالي 2.2 مليار دولار بنسبة ارتفاع 53.5%، بينما بلغت الاستثمارات الكورية في مصر أكثر من 700 مليون دولار. من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور وليد جاب الله إن زيارة رئيس كوريا الجنوبية لمصر تعد ردا لزيارة السيسي إلى سول في عام 2016، وتعكس رغبة كوريا في تنشيط أوجه التعاون مع القاهرة. وأضاف جاب الله، وهو عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، لـ ((شينخوا)) أن "الزيارة فرصة تاريخية لدفع العلاقات بين البلدين، والقاهرة جاهزة بشكل تام بأن تكون طرفا فاعلا في مجال تطوير علاقاتها مع سول". واعتبر أن"الزيارة بمثابة إعلان عن رغبة سول في تطوير العلاقات التجارية والاستثمارية باعتبار مصر بوابة لأفريقيا، واتصور أن تلك الزيارة سوف يكون لها نتائج كثيرة على أرض الواقع خلال المرحلة القادمة". وأشار إلى أن العلاقات التجارية بين مصر وكوريا الجنوبية تشهد نموا والقاهرة لديها الرغبة في الاستفادة من التكنولوجيا والمنتجات الكورية، والأمر محل تقدير من الجانب الكوري الذى سيقوم بتدبير قروض لتمويل مشروعات كورية في مصر. ومع ذلك، أقر جاب الله بأن العلاقات الاقتصادية بين البلدين لا تتسم بنفس قوة العلاقات السياسية، لكنه أشار إلى أن هناك تحسنا كبيرا في العلاقات الاقتصادية خلال الفترة الماضية. ورأى أن اختيار حكومة كوريا الجنوبية لمصر كشريك استراتيجي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "يعبر عن نجاح السياسات الاقتصادية منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي في تأهيل مصر للدخول في شركات استراتيجية دولية وأيضا يدل على نجاح مصر في تطوير علاقاتها التجارية والاقتصادية مع دول أفريقيا والشرق الأوسط، بحيث أصبح الاستثمار في مصر والمنتجات التي يتم إنتاجها في مصر تفتح أمامها أسواق عديدة في المنطقة". بدوره قال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة إن "زيارة الرئيس الكوري الجنوبي مهمة بالتأكيد، ومصر من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال كوريا الجنوبية في عام 1948، وبالتالي لدينا إرث كبير للتعاون يتذكره الكوريون لمصر جيدا". وأوضح فهمي لـ ((شينخوا)) أن "هناك مجالات تعاون مشتركة بين البلدين.. وبعد الزيارة أصبحنا أمام تعاون شامل بين القاهرة وسول". وأكد أن اختيار سول للقاهرة كشريك استراتيجي "أمر مهم جدا، واعتقد أن العلاقات المصرية الكورية الجنوبية ستشهد تطورا وزخما كبيرا في الفترة المقبلة، ونقلة نوعية في مجال توطين التكنولوجيا الكورية في مصر"./نهاية الخبر/
مشاركة :