كثيرا نسمع عن المستكشفين الأوروبيين، لكن لا نسمع عن مستكشف أعظم منهم وهو "ما هي" الصيني. وُلِد في عائلة صينية مسلمة عام 1371م، وعلى طريقة الأسماء الصينية فإن الاسم الأول هو اسم العائلة، فلو رتّبناه كالأسماء العربية فإن اسمه "هي ما"، واسم العائلة "ما" مستوحى من النطق الصينية لكلمة "محمد" عليه الصلاة والسلام، واختاره الامبراطور لقيادة أسطول استكشافي ضخم، أكبر من أي أسطول غربي حتى في حجم السفن، 62 سفينة وقرابة 30 ألف رجل، وأبحر في أول رحلة عام 1405م، فزار جنوب فيتنام، وتايلند، وملقا الماليزية، وجافا الإندونيسية، ثم اتجه لكالكوتا في الهند، وسري لانكا، ورجع للصين بعد عامين من الاستكشاف. في 1408م مضى في رحلته الثانية، فبدأ بمدينة كوتشي الهندية، لكن ملك سري لانكا غدر به، وثارت معركة انتهت بانتصار هي، وأرسل الملك المهزوم أسيراً إلى نانجينغ الصينية، الرحلة الثالثة عام 1409م رأت هي يبحر إلى مضيق هرمز، وفي عودته مر بسومطرة الإندونيسية. أتى 1413م وخاض هي البحار للمرة الرابعة، فزار ظفار العمانية وعدن اليمنية، وانطلق وفد صيني منهم فزار مكة، ثم اتجهوا إلى مصر، وزاروا عدة مدن على الساحل الإفريقي تقع اليوم في كينيا والصومال، وقد صحبه 30 وفدا من تلك الدول التي زارها راغبين أن يلتقوا بالامبراطور الصيني ويقدموا له تحيات دولهم، حلّ عام 1417م وأتى هي مرة أخرى للخليج العربي وساحل إفريقيا الشرقي، والرحلة السادسة عام 1421م أخذ فيها هي المبعوثين الدبلوماسيين ليرجعهم إلى دولهم. عام 1431م ترك الصين في رحلته السابعة الأخيرة، فزار جنوب غرب آسيا، ساحل الهند، الخليج العربي، البحر الأحمر، ساحل إفريقيا الشرقي. عام 1433م توفي هي في كالكوتا الهندية، ورجع الأسطول إلى الصين. رحلة أخّاذة، والخرائط التي استخدمها هي موجودة إلى اليوم، وعكس المستكشفين الغربيين مثل ماجلان وفاسكو ديغاما الذين ذهبوا يمهدون الطريق لأنواع مريعة من المذابح على يد الكونكيستادور وفرض الدين الغربي ونهب خيرات الأمم فإن الصين طالما امتازت بثقافة مسالمة، ولم يقاتل هي أحداً إلا دفاعاً عن النفس، ولم يأمر امبراطور الصين بغزو ونهب ثروات البلدان الأخرى، وحتى لو كان أقل شهرة من هؤلاء فسيظل "هي ما" أسطورة خالدة.
مشاركة :