يسجل كتاب عن عمر الشريف، أن النجم المصري امتد به العمر حتى قدم كل ما يرغبه من أدوار سينمائية، طوال أكثر من 60 عاماً، وأنه ظل محتفظاً بجاذبيته كنموذج لرجل الشرق الوسيم المحاط بالشهرة والنساء والأضواء، ويعزو ذلك، إلى موهبته وحضوره القوي وقدرته على الإقناع وتنوع الأدوار التي قدمها. وأصدر مهرجان «القاهرة السينمائي الدولي» في دورته الحالية، كتاب «وجوه عمر الشريف» الذي ألفه الكاتب المصري محمود قاسم، وقدم فيه بانوراما شخصية وفنية للشريف منذ الطفولة، حين كان الملك فاروق يحل ضيفاً على الأسرة، وصولاً إلى دخوله عالم التمثيل وزواجه من النجمة الراحلة فاتن حمامة. ويحتفل مهرجان «القاهرة السينمائي» الـ37، بالشريف، بعرض عدد من أشهر أفلامه ومنها، »الأراغوز« و»لورانس العرب« و»دكتور زيفاغو« و»مسيو إبراهيم ايه ليه فلير دو قورآن»، ويقام حفل ختام المهرجان في المسرح الكبير بدار «الأوبرا» المصرية مساء غد (الجمعة). ويقسم المؤلف الذي ترجم وألف كتباً، وأعد موسوعات عن الأدباء وكتاب السيناريو والأفلام والمخرجين والممثلين في السينما العربية، الكتاب الذي يقع في 264 صفحة كبيرة القطع إلى قسمين، أولهما وجوه الشريف في السينما المصرية مع مخرجين، منهم يوسف شاهين وصلاح أبو سيف وكمال الشيخ، وثانيهما وجوهه في السينما الأميركية والأوروبية. وقام الشريف ببطولة أفلام عدة، منها »فتاة مرحة« و»سقوط الإمبراطورية الرومانية« و»تشي« و»المحارب 13«، وأدى دور «القديس بطرس» في الفيلم الإيطالي »القديس بطرس« العام 2005. ويلفت قاسم الانتباه، إلى أن «الشريف لم يقم بعمل سينمائي إلا التمثيل، فلم يشغله الإخراج أو كتابة السيناريو أو الإنتاج »، سوى مرة واحدة في فيلم كان سيقوم ببطولته، وهو «لا تطفئ الشمس» الذي أخرجه صلاح أبو سيف في العام 1961. ويقول قاسم في كتابه الذي يضم صوراً فوتوغرافية للشريف في مراحل عدة ، بداية من صورة زفافه على حمامة في شباط (فبراير) في العام 1955، ومع ابنهما طارق ومع بيتر أوتول، إن «عمل الشريف مع مخرجين معروفين، من بينهم البريطاني ديفيد لين والفرنسي هنري فرنوي والأميركي هنري ليفن، والبولندي أندريه فايدا والايطالي فرانشيسكو روزي والألماني رولاند إيمريش، لم يكن مسألة حظ، لأن الكثير من هؤلاء بحثوا عنه أكثر من مرة للعمل معه». ويضم الكتاب قسماً ينقل فيه المؤلف أجزاء من سيرة الشريف التي أملاها على الصحافية الفرنسية ماري تيريز غينشار، وصدرت في منتصف السبعينات بعنوان »الرجل الخالد»، وفيها استعراض لحياته منذ ولادته بمدينة الاسكندرية في 10 نيسان (أبريل) العام 1932، وانتقالهم إلى غاردن سيتي. ويذكر قاسم، أن «زواجه من حمامة نجمة مصر الأولى، ساعده ووضعه في بؤرة الأضواء، ولكن عمله معها كان يضايقه»، إذ صرح الشريف أن «في أعماقي شيء دفين بأن شمسها تخسف وجودي»، وإنه «كان يتحرر كثيراً إذا عمل مع ممثلات أخريات»، إذ يقول الشريف «عندها فقط أشعر أني ملك نفسي، وأني البطل فعلاً». ويرصد الشريف بذكاء، جانباً من نتائج ما يسميه «المواجهة بين السينما والتلفزيون» والتي نجا منها قليلون في مقدمتهم مارلون براندو، إذ «صنع ما لم يصنعه غيره، وفرض على هوليوود بأسرها أسلوبه وعبارته وإشاراته وطريقة لبسه، فكان المؤسس لمدرسة سبقت زمانها، ولا نظير له في السينما». ولا يفوت الشريف قرءاة السياق السياسي الذي يحكم صناعة السينما في هوليوود، إذ يذكر في تلك السيرة، إن «آراء براندو السياسية المخالفة للاتجاه العام، كادت في بعض الفترات أن تقضي عليه سينمائياً، فليس يجدي الممثل إذا كان مجرد ممثل، أن يعتنق آراء ومعتقدات تخالف ما درجت عليه الغالبية في بلدان الصناعة السينمائية». وتوفي الشريف في تموز (يوليو) الماضي، بعد إصابته بمرض «الزهايمر» في الفترة الأخيرة، وغادر مصر نجماً في بداية الستينات، وعاد إليها نجماً في منتصف الثمانينات، وحظي بتقدير في غالبية العواصم السينمائية بالعالم، خصوصاً في الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا
مشاركة :