بعد زوال "عجاجة" رسوم الأراضي البيضاء في مجلس الشورى، والتي انتهت قبل يومين بإقرار مشروع نظامها ورفعه إلى مجلس الوزراء، بدأ الحديث عن ضرورة إنشاء هيئة عامة تعنى بالتنظيم العقاري. وبحسب التقرير الاقتصادي الذي نشرته "الوطن" أمس الخميس، فإن ملف الهيئة العقارية وصل إلى مراحله النهائية، وهو قيد الدراسة الآن، ويتوقع أن يرى النور قريبا لأهميته. وبما أنه سيكون ضمن مسؤوليات تلك الهيئة فرض رسوم الأراضي البيضاء ومتابعتها والإشراف عليها، ونظرا للمساحة الشاسعة من صنف تلك الأراضي، أعتقد أن الهيئة الوليدة ستكون بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهبا، ومن يدري فقد تنافس إيراداتها إيرادات النفط إن لم تتفوق عليه! لذا، لم يكن مفاجئا سباق بعض الجهات الحكومية، كوزارة الإسكان ووزارة التجارة للظفر بها. فـ"الإسكان" ترى أنها أحق بأمومتها من منطلق أنها المعنية بقطاع الإسكان في المملكة. فيما تطالب بها "التجارة" لتكون مظلة شاملة لملفات عقارية تتولى حاليا مسؤوليتها، مثل لجنة المساهمات العقارية، ولجنة البيع على الخارطة، وهيئة التثمين العقارية. ليس حسدا لوزارة الإسكان، إن كنت أفضل تبعية الهيئة العقارية لوزارة الحج مثلا، أو الخدمة المدنية، أو حتى مناصفة بين "الصحة" و"التعليم". المهم ألا تتولى "الإسكان" الإشراف عليها، وذلك من باب "أخف الضررين"، لأننا إن أفلسنا كمواطنين من حلم الحصول على المسكن، فلا نريد إفلاس خزينة الدولة من رسوم الأراضي البيضاء! فوزارة الإسكان كمن يجمع الدراهم ثم يدفنها تحت بلاط بيته دون الاستفادة منها، وبذلك يحرم نفسه ومن يعولهم خيرها. ولا أدل من الـ250 مليار ريال التي في جعبتها منذ إنشائها قبل 5 سنوات. لذا، لسنا في حاجة إلى من يكنز 250 مليارا أخرى لتلحق بسابقاتها! ثم إنه من غير المعقول زيادة عبء وزارة الإسكان وتحميلها فوق طاقتها، خصوصا وهي مشغولة حاليا بحل "مشكلة الفكر" التي يعاني منه مستحقو السكن من المواطنين. أيّا ما تكون لاحقا مرجعية الهيئة المعنية بالتنظيم العقاري، يكفي أني سجلت موقفي من تبعيتها إلى وزارة الإسكان في وضعها الراهن، وإن كنت أشعر بأنها ستظفر بها، ولن يلتفت لرأي مواطن يعاني أزمة فكر في ثقافة المسكن!
مشاركة :