مالت أسعار النفط الخام أمس إلى الارتفاع نسبيا محافظة على تعاف محدود بعدما تلقت دعما من توقف صعود الدولار وتزامن ذلك مع ارتفاع أقل من المتوقع في مستويات المخزونات النفطية الأمريكية. واستمرت حالة وفرة المعروض في التأثير بشكل واسع في السوق لتحد من محاولات السوق التعافي والحفاظ على مكاسب متنامية وقد ساعد على استمرار هذه الحالة ارتفاع الصادرات السعودية في الشهر الماضي واعتزام إيران ضخ مستويات مرتفعة من الصادرات النفطية في محاولة لاستعادة حصتها السوقية التي فقدتها بسبب العقوبات الاقتصادية. وما زالت السوق في حالة ترقب مع بدء العد التنازلي لعقد الاجتماع الوزاري لمنظمة أوبك في 4 كانون الأول (ديسمبر) المقبل الذي من المرجح أن تكون له تأثيرات واسعة في السوق وأن يشهد حالة من الجدل الواسع من المنتجين بشأن قضية خفض الإنتاج التي أصبحت مصدراً للانقسامات بين الأعضاء في ضوء رغبة عدد من المنتجين خفض الإنتاج دعما للأسعار. ويترقب المعنيون نتائج مؤتمر الأمم المتحدة حول قضية تغير المناخ الذي سيعقد في نهاية الشهر الحالي في باريس وستكون له تأثيرات واسعة في سوق الطاقة وظروف إنتاج الطاقة التقليدية في العالم. ويقول لـ "الاقتصادية"، أمبرجيو فاسولي مدير مركز دراسات الطاقة في مدينة لوزان السويسرية، إن ارتفاع الصادرات النفطية السعودية يعكس تنامي الطلب عليها مشيرا إلى نجاح النفط السعودي في الوصول إلى أسواق جديدة خاصة في شرق أوروبا. وأضاف فاسولي أن سياسات البيع السعودية تتسم بالمرونة حيث تركز المملكة على فكرة تنمية الحصص السوقية وليس على مستوى الأسعار وفقا لما قررته أوبك من سياسات للدول الأعضاء في ضوء ظروف السوق الراهنة التي تتسم بتخمة المعروض. وأشار فاسولي إلى أنه من الطبيعي أن تزداد حدة المنافسة بين كبار المنتجين وأن يسعى المنتجون إلى زيادة حصصهم وتسويق نفطهم بأفضل شكل ممكن باعتبار أن هذا الأمر هو أفضل أسلوب في ظل تراجع الأسعار الحاد على مدى العام الماضي. ويعتقد فاسولي أن المنافسة بين دول أوبك وخارجها ستنمو على نحو واسع في العام المقبل وقد شهدنا أخيرا أن العراق يقوم أيضا بتخفيض أسعار البيع رغبة في زيادة الصادرات وتعتزم إيران فعل الشيء نفسه. ومن جهته، أوضح دييجو بافيا رئيس شركة "إينو إنرجى" الهولندية للطاقة، أن المحادثات الدولية بشأن قضية تغير المناخ في باريس في آخر تشرين الثاني (نوفمبر) وأوائل كانون الأول (ديسمبر) المقبل نأمل أن تساعد على التوصل إلى معاهدة عالمية جديدة تحقق مستقبلا اقتصاديا أفضل في ظل تحديات قضية تغير المناخ. وأوضح بافيا أن دول العالم النامي خاصة في آسيا وإفريقيا تعاني بالفعل آثارا سلبية واسعة على التنمية جراء أضرار تغير المناخ أكثر من بقية دول العالم. وقال بافيا إن المرحلة الحالية تتطلب تحركا جريئا وقيادة استباقية للموقف والاستفادة من الفرص المتاحة حاليا للانتقال إلى اقتصاد عالمي منخفض الكربون. وشدد بافيا على ضرورة التنسيق والتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص لتطوير منظومة الطاقة وتفاعلها بشكل جيد مع قضية تغير المناخ وزيادة فرص التنمية خاصة في الدول النامية التي قد لا تعطي قضية تغير المناخ الأهمية المطلوبة في ضوء كفاحها لعلاج قضية فقر الطاقة وتوفير الاحتياجات الاساسية للقطاع الأكبر من السكان لافتاً إلى أهمية إعادة النظر في العلاقة بين الطاقة والتنمية في كل العالم وأن نطور هذه العلاقة بشكل جيد بما يوازن بين حماية البيئة واحتياجات التنمية. وأشار إلى "الاقتصادية"، أندرياس جيني مدير ماكسويل كوانت للخدمات النفطية، إلى أن النفط وتجارته دخل كعنصر رئيس في الصراعات الدولية الراهنة خاصة مع بدء روسيا والتحالف الدولي توجيه ضربات عسكرية لصهاريج النفط التي يسيطر عليها تنظيم داعش في إطار السعي لتجفيف مصادر تمويل الإرهاب في العالم. وأضاف جيني أن هذه الخطوة سيكون لها تأثيرات وانعكاسات واسعة على السوق بالقضاء على التهريب والتجارة غير المشروعة في النفط الخام كما أن الأعمال العسكرية تزيد التوتر في السوق وترفع الأسعار بسبب القلق على الإمدادات. وأكد جيني أن دول الخليج تراهن بقوة على نمو الطلب الذي سيمتص فائض المعروض النفطي في الأسواق كما أنها تتمسك بالحفاظ على الاستثمار تحت أي ضغوط وفى ظل أي انخفاضات سعرية بينما نجد المعروض الأمريكي يتجه بالفعل إلى التقلص كما تتباطأ الاستثمارات حول العالم. من ناحية أخرى، ارتفعت أسعار النفط في آسيا أمس لكنها ما زالت تقاوم كي تبتعد عن حاجز 40 دولارا للبرميل حيث عززت وفرة الإمدادات والمخزونات استمرار تخمة المعروض في الأسواق. وبحسب "رويترز"، فقد جرى تداول خام غرب تكساس الوسيط في العقود الآجلة بسعر 40.91 دولار للبرميل بزيادة 16 سنتا عن سعر آخر تسوية. وهبط العقد دون 40 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ آب (أغسطس) أمس الأول وقال متداولون إن تغطية المراكز المكشوفة يرجع لها الفضل في المكاسب المحدودة التي تحققت وليس المعنويات الإيجابية في السوق. وبلغ سعر خام برنت العالمي في العقود الآجلة 44.50 دولار للبرميل بزيادة 36 سنتا، وبشكل عام ما زالت أسواق النفط متخمة وأبرز الأدلة الظاهرة على ذلك زيادة المخزونات الأمريكية. وكانت وكالة الطاقة الأمريكية قد أعلنت ارتفاع مخزونات الخام في البلاد بمقدار 0.3 مليون برميل للأسبوع المنتهي في 13 تشرين الثاني (نوفمبر)، في حين توقع المختصون ارتفاع مليوني برميل، في ثامن زيادة أسبوعية على التوالي، لتصل إجمالي المخزونات 487.5 مليون برميل وهو أعلى مستوى منذ نيسان (أبريل) الماضي. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" إن سعر السلة التي تضم 12 خاما من إنتاج الدول الأعضاء تراجع نسبيا بعدما كان قد ارتفع على نحو محدود في التعامل السابق مشيرا إلى أن السلة فقدت نحو6 دولارات مقارنة بالسعر الذى سجلته في بداية الشهر الجاري الذي بلغ 43.95 دولار للبرميل.
مشاركة :