كل منا لديه مورد محدود يملكه في هذه الحياة (24 ساعة من الوقت) بلا زيادة أو نقصان، وكثيرًا ما نسمع أن السر في الإنجاز والإنتاجية الشخصية يكمن في إدارة الوقت، ولكن الحقيقة أن الوقت لا يحتاج إلى إدارة، وإنما القضية هي إدارة النشاطات والأعمال اليومية. والسر في إدارتها يكمن في حصر ما نريد فعله وترتيبه من حيث الأولوية. فكيف لنا أن نعيش حياة متوازنة بدون إرهاق؟! هل مرَّ عليك نهاية يوم شعرت فيها بالإرهاق الذهني والجسدي، ثم في لحظة النوم قصفت بك الأفكار من كل جانب؛ ولم تتمكن من النوم جيدًا طوال تلك الليلة؟ هل ترى أنك تعمل في اللحظة الأخيرة؟ هل وقعت في خطر العمل 24 ساعة في اليوم سعيًا لتحقيق أهداف غير محدودة، ثم وجدت نفسك خاضعًا لضغوط الحياة المرهقة، وأصبحت سريع الانفعال؟ إذا كان الأمر كذلك فالمتوقع أنك لا تستمتع بحياتك، ولم تتمكن بعد من القيام بأفضل ما لديك؛ لذا جرب أن تقوم بتحليل وقتك على مدار 24 ساعة من أجل معرفة كيف يمضي وقتك، وما هو وقت الذروة في يومك؟! لو افترضنا أن أعمارنا 70 سنة وفقًا لحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين)؛ فإن كل 5 دقائق من عمر الإنسان تساوي 3 أشهر، وكل ساعة تساوي 3 سنوات. وإليك هذه النتيجة المحبطة لدراسة استمرت 20 عامًا عن كيف يقضي الإنسان العادي وقته في متوسط العمر العادي؛ إذ توصلت أن الإنسان العادي يمضي 7 سنوات في دورة المياه، 6 سنوات في الأكل، 5 سنوات انتظار الطابور، 3 سنوات في مقابلات، سنة يبحث عن أشياء مفقودة، 8 أشهر يفتح خطابات ورسائل غير مهمة، 6 أشهر انتظار إشارة المرور، 120 ساعة يغسل أسنانه، 4 دقائق يوميًّا يتحدث مع زوجته، 30 ثانية يوميًّا يتحدث مع أولاده! إن هذه النتيجة تؤكد أهمية تعلُّم كيف ندير نشاطاتنا ومهامنا اليومية من حيث وضع [نظام للأولويات]، وهذا لا يمكن بدون تخطيط ووجود أهداف محددة، تُحسِّن من جودة حياتنا وحياة مَن حولنا. ولعل هذه القواعد الثلاث تساهم في تحسين ذلك: أولاً: اعتمد على مصفوفة الأولويات في تحديد أولويات المهام على افتراض أن لدينا خطة سنوية، وأهدافًا شهرية، فإن ذلك يستلزم قضاء نصف ساعة بنهاية كل أسبوع (السبت) لكتابة نشاطات الأسبوع المطلوب تحقيقها لضمان السير ضمن إطار الأهداف الشهرية، التي بدورها تحقق الخطة السنوية. ونعتمد في كتابة ذلك على مصفوفة الأولويات المعروفة بمبدأ أيزنهاور، الذي اقترح ترتيب أولويات المهام إلى أربعة مستويات: (مهم عاجل، مهم غير عاجل، غير مهم عاجل، غير مهم غير عاجل). الجدير بالعلم أن الناجحين يعيشون في مربع (المهم غير العاجل) من خلال التخطيط المسبق؛ وذلك من أجل عدم السقوط في فخ مربع الطوارئ (المهم العاجل)، ويمارسون مهارات التفويض في مربع (غير المهم والعاجل)، ويتجنبون تمامًا مربع المشتتات (غير المهم غير العاجل). إذن، احرص على أن تكتب في مفكرتك أو على هاتفك المهام التي يجب عليك إنجازها كل أسبوع. وحين تقوم بعمل قائمة المهام ضع مهامك التي تخطط لعملها في العمود الأيمن، واحتفظ في العمود الأيسر بمهام تريد من الآخرين أداءها. ثانيًا: اتبع قاعدة باريتو 20/ 80 غالبًا نحن نعمل بجهد 80 % حتى نحقق 20 % من الأهداف، والمفترض أن نقوم بالعكس من خلال تطبيق قاعدة باريتو في حياتنا (ابذل 20 % من الجهد لتحقيق 80 % من الأهداف). وقد سبق هذه القاعدة ما شرحه البخاري في باب عمل صالح قبل القتال أثناء شرحه لحديث (عمل قليلاً وأجر كثيرًا). ثالثًا: استثمر التقنية في إدارة نشاطاتك ومهامك اليومية يمكن استخدام تقنية بومودورو Pomodoro التي تعتمد على تقسيم وتنظيم المهام إلى جلسات، مدة كل جلسة 25 دقيقة، مع استراحة لمدة 5 دقائق بينها. ولنفترض أنك تعمل على كتابة مقال فأنت تقدر أنك بحاجة إلى نحو 100 دقيقة لإكمال المهمة، ثم يتم تقسيم المهمة إلى 4 جلسات، مدتها 25 دقيقة، مع استراحة قصيرة بينها مدتها 5 دقائق. أيضًا تطبيق تريلو Trello مفيد في إدارة المهام والمشاريع، خاصة في إدارة فرق العمل، كما يمكن استثماره في إدارة الخطة السنوية كاملة لمن لا يفضل اقتناء المفكرات الورقية. ختامًا، احرص على تطوير عادة تدوين الخطة على المفكرة أو التقنيات البديلة لإنجاز المهام، وتأكد أن الذين يكتبون خططهم ينجزون أكثر من 70 % من خطتهم في البداية، ومع الاستمرار تصبح جزءًا لا يتجزأ من إدارة حياتهم اليومية. باختصار، (ارسم طريقك ثم اتبعه).
مشاركة :