كثّفت قطر من تحركاتها في الفترة الأخيرة للمّ شتات المعارضة السياسية في سوريا، على أمل أن تتمكن من خلق كيان جديد يتم التسويق له لدى المجتمع الدولي الذي فقد الثقة في الكيانات السورية السابقة، وبات أكثر قابلية للقبول بنظام الرئيس بشار الأسد كسلطة أمر واقع بعد أن فشلت جميع جهود الإطاحة به. ويرى محللون خليجيون أن الدوحة تسعى لإطار سياسي واسع يساهم في إعادة توجيه أنظار المجتمع الدولي نحو الملف السوري، والأهم من ذلك قطع الطريق على جهود إعادة تعويم الأسد والتي بدأت تأخذ زخما أكبر لاسيما في ظل حالة اليأس الدولية من إمكانية إزاحة النظام عن السلطة. وقد سجلت في الفترة الأخيرة تحركات نشطة لبعض وجوه المعارضة السورية البارزة في العاصمة القطرية الدوحة، ومن بين هؤلاء الرئيس السابق لهيئة التفاوض ورئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب، ورئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة سالم المسلط، ورئيس جبهة السلام والحرية أحمد الجربا، ورئيس الائتلاف الأسبق معاذ الخطيب. وكشفت مصادر سورية مطلعة عن تحضيرات تجري لعقد مؤتمر لقوى المعارضة في الدوحة، مشيرة إلى أن الحديث يدور حول إعادة هيكلة الائتلاف السوري الحالي. ولفتت المصادر إلى أن السيناريو المطروح هو توسيع الائتلاف بحيث يمثل جميع السوريين مثلما جرى في العام 2013، أي بعد نحو عام ونصف العام على تأسيس الائتلاف. تحركات قطر تزامنت مع استئناف روسيا جهود الوساطة بين دمشق والرياض بواسطة مبعوثها ألكسندر لافرنتييف وكان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني التقى قبل أيام بكل من الجربا والمسلط. وقال سالم المسلط إن الهدف من الحوارات والمشاورات التي تجرى في الدوحة هو الاتفاق على “رؤية موحدة” لفصائل المعارضة السورية وتفعيل المسار السياسي في سوريا. وأشاد المعارض السوري بالموقف القطري من الأزمة السورية، وقال “لمسنا من الإخوة القطريين ثباتا على موقفهم الداعم للقضية السورية والشعب السوري”، واصفا اللقاءات مع المسؤولين القطريين بأنها كانت “مميزة وإيجابية”. ويرى مراقبون أن عودة اهتمام قطر بالملف السوري وحرصها عل جمع قوى المعارضة بمختلف أطيافها وتوجهاتها السياسية والأيديولوجية هي محاولة منها لضرب مسار إعادة تعويم الأسد الذي اتخذ منحى تصاعديا في الأشهر الأخيرة لاسيما مع إبداء عدد من الدول العربية رغبتها في كسر عزلة دمشق، وإعادة تفعيل العلاقات معها. وكانت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد في نوفمبر الماضي إلى سوريا ولقاؤه بالرئيس الأسد أعادا إحياء مسار التطبيع العربي مع دمشق. ويدفع عدد من الدول العربية ومن بينها مصر والعراق والأردن والبحرين صوب إعادة مقعد سوريا في الجامعة العربية خلال القمة المقبلة المرتقب إجراؤها في الجزائر. ويرى المراقبون أن لقطر وجهة نظر مختلفة عن باقي القوى العربية إزاء الأزمة السورية، وهذه الوجهة مرتبطة إلى حد بعيد بالتفاهمات بينها وبين تركيا، لافتين إلى أن حديث الدوحة المتكرر عن دعمها للشعب السوري لا يخلو من مغالطات وهو مجرد شعارات ترفع. Thumbnail ويشير المراقبون إلى أن الدوحة لعبت دورا سلبيا على مدى عمر الأزمة في هذا البلد من خلال دعمها للجماعات الجهادية والمتشددة، معتبرين أن محاولتها اليوم للمّ شمل المعارضة السياسية لن تأتي بنتيجة، لاسيما وأنها تقوم بتدوير ذات الوجوه التي أضحت محل رفض حتى من الشارع المعارض للنظام السوري. وتتزامن التحركات القطرية مع استئناف روسيا تفعيل خط الوساطة بين دمشق والرياض بواسطة مبعوثها لشؤون التسوية السورية ألكسندر لافرنتييف. وقام لافرنتييف الأسبوع الماضي بزيارة إلى الرياض حيث التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل أن يتوجه إلى دمشق للقاء الرئيس السوري. وتبدي الرياض ترددا حيال التطبيع مع دمشق لكن كثيرين يرجحون إمكانية أن تقطع المملكة مع سياسة المراوحة، خصوصا وأنه بات من الواضح أن لا بديل يمكن الرهان عليه في سوريا. وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في مارس الماضي إن“حل الأزمة السورية يتطلب توافق أطراف الأزمة”، معلنا دعم بلاده “لأي جهود تحقق الاستقرار في سوريا”.
مشاركة :