تأخر بيان نقيب المهن التمثيلية أكثر من 48 ساعة، كان كفيلا بكشف هؤلاء المتربصين بالحياة المدنية، ولا أقول فقط الفنية، تلك الأصوات التى تتدثر عنوة بالدين، ومع الأسف يحصرون الدين فى الإسلام، وكأن لا وجود فى مصر للديانة المسيحية، وبعد أن يطمئنوا إلى تحقيقهم هذا الهدف، فلا بأس من أسلحة أخرى (تعزيزية) مثل جرعة الفاكسين الثالثة، ولهذا يلقون بورقة أين الأخلاق الحميدة وعاداتنا الشرقية، وهم يقصدون أيضا الدين الإسلامى، ولهذا جاء قرار النقابة مفحما وقاطعا، ولا يحتمل أدنى شك ليس فقط فى الدفاع عن الفن، ولكن قبله الدفاع عن مدنية الدولة. صمت أشرف فى البداية هو الذى منح البعض إحساسا كاذبا بأن هذا هو رأى الدولة، أشرف ليس بعيدا عنها، وهكذا وجدنا أكثر من نائب يقدم استجوابا لمجلس الشعب وأكثر من بلاغ للنيابة وقرروا الزج باسم وزارة الثقافة، والغريب أن بعضهم يعمل بالقانون، ولا يدركون أنه لا ولاية للدولة على الأعمال الدرامية على منصة (نتفلكس) وغيرها، لم يحصلوا حتى على تصريح بالتصوير فى مصر، الفيلم تم إعداده كاملا فى بيروت والأحداث أيضا فى بيروت والشخصيات والحوار بالأغلب لبنانية. لديكم أيضا هذا النائب الذى أمسك بنحو 20 لفظا، فى فيلم (أصحاب ولا أعز) اقتطاع كلمات بعيدا عن سياقها، من أجل أن يضع الجميع تحت طائلة القانون، الغريب أنه يعمل بالصحافة، ويدرك أن توظيف الكلمة بعيدا عن التتابع قد يحيلها إلى لفظ نابٍ. الدرس الذى أتمنى أيضا أن يصل لنقابة السينمائيين التى التزمت الصمت رغم أن أحد المنتجين المشاركين فى العمل الفنى (محمد حفظى) ينتمى إليها، ثم إن الأحداث تجاوزت الخاص إلى العام، نتابع ضربات دامية وطعنات بالساطور موجهة للفن، بعد أن أسقط حتى بعض من يمارسون المهنة الخط الافتراضى بين الوهم والحقيقة، صار الفنان أمام الكاميرا يعبر عن قناعاته وآرائه وليس الشخصية الدرامية، وهكذا صمت نقيب السينمائيين، ونام قرير العين، وتركهم يشعلون الحرائق فى بيت الجيران، ولم يعبأ بألسنة اللهب التى أمسكت بجلبابه. أشرف زكى (نقيب المهن التمثيلية) أكثر إيجابية من مسعد فودة، نقيب السينمائيين، الأخير أغلق كل وسائل الاتصال، من الصعب الوصول إليه، وهذا يجنبه التورط فى الإدلاء بأى رأى. مثلا مسعد لم يكن مرحبا بسعى هانى شاكر للحصول على الضبطية القضائية، كان يرى أن هذا ليس دور النقابة على الإطلاق، هذا ما كان يصرح به همسا لأصدقائه، إلا أنه لم يعلن ذلك، صحيح أنه لم يطالب بها فى أى حوار إلا أنه لم يجهر أيضا برفضها. النقابات الفنية ليست صدى ولا جزءا من الدولة، وتلك الاستقلالية هى التى تمنحها القوة، مع الأسف هناك من ينتظر ضوءا أخضر، لكى يحدد اتجاه البوصلة، نكتشف، فى العديد من الممارسات، أن الدولة تركت الكرة فى ملعب النقباء، ولم تحدد اتجاها، لكنهم قرأوا الرسالة خطأ. الدرس هو ألا نصمت وألا نتأخر فى اتخاذ القرار الملائم فى التوقيت الحاسم، من حق، بل واجب، النقيب أن يرد الاعتبار لمن أضيروا، أدعو أشرف، بعد هذا البيان المنصف، ألا يتأخر بعد ذلك أبدا، وأن يعطى درسا عمليا لمن يتربصون بالحياة المدنية فى مصر (المحروسة)!!. المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).
مشاركة :