سامي خياط لـ «الشرق الأوسط»: قلقي على اللبنانيين أكبر من خوفي على البلاد

  • 1/26/2022
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

تنفصل عن العالم الذي تعيش فيه وأنت تتحدث مع المسرحي الظريف سامي خياط. فهو يزودك بطاقة إيجابية وبابتسامة تحتاجها في هذه الأيام، بمجرد أن يلقي عليك التحية. فمهارته في اللعب على الكلام، من خلال استخدامه عبارات تخلط ما بين العربية والفرنسية لا تقتصر فقط على عروضه المسرحية، بل هو أسلوب يعتمده في حديثه معك الذي يضج بالحيوية. «مرحبا أستاذ سامي لقد اتصلت بك منذ قليل ولكنك لم تجب!» يرد عليك بسرعة: «كنت منشغلا باتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي بايدن لا تؤاخذيني». وطلب مني أن أقلي له البيض. ننطلق معاً في حديث طويل حول مسرحيته الجديدة «ولو» التي تبدأ عروضها على «مسرح مونو» في 27 الجاري. لقد أطلت الغياب؟ «كان غيابا قسرياً فرضته علينا الجائحة والأوضاع المتأزمة في لبنان. اليوم عاد الناس يتنفسون الحرية من جديد ويخرجون من بيوتهم، فاستغنمت الفرصة محاولا التخفيف من همومهم». رغم كل الطرافة التي يتمتع بها سامي خياط أحد المسرحيين الكوميديين الرائدين في لبنان، فإنه عندما يعود إلى الجدية بعيداً عن المزاح ينطق بفلسفته الخاصة. «لقد تغير كل شيء. الدنيا لم تعد على حالها وحسرتنا اليوم باتت تدور في فلك سنوات قليلة. في الماضي كنا نستذكر السبعينات والثمانينات ونحن نردد كلمة «رزق الله». اليوم بتنا نقول العبارة نفسها، ولكن عن فترة قصيرة وبالتحديد التي تفصلنا عن عام 2019». في عمله المسرحي الجديد «ولو» يأخذنا سامي خياط إلى قطعة فنية تعرف بلغة الفن بـ«وان مان شو». فهو سيقف وحيداً على الخشبة ومن دون ديكورات ومؤثرات صوتية أو فريق عمل يتعاون معه. «هو أمر معتاد عليه وسجلته في أول مشواري المسرحي. نعم سأكون الممثل والكاتب والراقص وعازف آلات موسيقية بصوتي فقط. حركة جسدي سترافق الاسكتشات التي أقدمها. فأتنقل في هذا الملعب الذي أحب وحيداً وبذلك سيركز الجمهور أكثر على أدائي». تتناول مسرحية «ولو» التي يستغرق عرضها نحو 75 دقيقة موضوعات ترتبط ارتباطاً مباشراً بحياة اللبناني اليوم. وبسخريته المعهودة المجبولة بالكوميديا وبوضع النقاط على الحروف، سيحكي خياط عن كل ما يدفع بالمواطن إلى الصراخ بصوت عال «ولو». «كل ما نعيشه اليوم كان مفاجئا لنا لم نستطع استيعابه للوهلة الأولى. كارتفاع سعر صرف الدولار ووقفات الذل على محطات الوقود وانقطاع التيار، وغيرها من الأمور التي نصادفها اليوم وكأننا عدنا إلى الوراء عشرات السنين». ويؤكد خياط في سياق حديثه أن كل ما نشهده اليوم يؤلف حقبة لم يسبق أن عشناها من قبل. «إنها المرحلة الأصعب، منذ بداية مشواري الفني، أي من 62 عاما. تخيلي أنها المرة الأولى التي أغيب فيها عن الخشبة لمدة سنتين. كان من المفروض أن أحتفل في عام 2020 بمرور 60 عاما على رحلتي المسرحية. كنت أخطط لعرض مسرحي ضخم يليق بهذه المناسبة. لكن مع الأسف تراجعت الأمور بشكل هستيري، وعلقت جميع مشاريعي حتى إشعار آخر». لكن لماذا تقف وحيداً على المسرح نحن الذين تعودنا على مسرحياتك الغنية بالمواهب والموسيقى والأغاني؟ يرد: «هي ليست المرة الأولى كما ذكرت آنفا وأعتبر مسرحيتي هذه المرة حرفية أكثر. أقصد أني قمت بكل تفاصيلها بأسلوب يتطلب جرعات حرفية كبيرة. عملي المسرحي يتأثر عادة بالظروف التي نمر بها وبمزاجي المسرحي. وقوفي وحيداً على الخشبة يتماشى مع إجراءات الحد من الجائحة بحيث لا فريق أتخالط معه. وفي الصالة ستكون المقاعد متباعدة ويلتزم الجميع بوضع الكمامة طيلة العرض. ولا تنسي أن هناك ظروفاً اقتصادية متردية فرضت نفسها على أي إنتاجات فنية. في الماضي كنت ألون مسرحياتي بطائرة مروحية أو بصحون طائرة وبفريق غنائي وبلوحات راقصة. كل هذا صار مكلفا جداً، ويتطلب ميزانية مادية كبيرة غير متوفرة في ظل الأزمة الاقتصادية التي نعيشها». يتحدث خياط عن مدى حاجة الناس إلى الضحك وأنه يقدم مسرحيته اليوم في الوقت المناسب، كي يخفف من هموم اللبنانيين بقليل من الضحك ولو لوقت محدد. «تسألين إذا صار من الصعب إضحاك الناس؟ لا الأمر ليس كذلك بل على العكس، خصوصاً أن رواد مسرحي يثقون بقدرتي على إضحاكهم. فهم لا يترددون في الانخراط والبسمة على وجوههم. إنهم يتخبطون بظروف صعبة ومن الندرة أن يصادفوا موقفا مضحكاً. يأتون مسرحي عن سابق تصور وتصميم، لأنهم يعرفون أن كمية من الكوميديا الساخرة في انتظارهم». ينتظر اليوم سامي خياط ثلاث سنوات كي يطبق ما حلم به من احتفال بيوبيله الستين وقد تخلى عنه بسبب الأوضاع. «بمناسبة مرور 65 عاما على مشواري الفني سأقيم حفلاً كبيراً فيه الكثير من الموسيقى واللوحات الاستعراضية شبيهة إلى حد كبير بفنون مسارح لاس فيغاس. حتى أني أنتظر تطورات إيجابية يشهدها لبنان قريباً لأقدم مفاجأة مسرحية أخطط لها أيضاً. سيكون عملاً يحمل مزيجاً من الألاعيب والمؤثرات الصوتية ولباس التنكر». أنت إذن متفائل بمستقبل لبنان؟ «لا أخاف على لبنان بل على اللبنانيين بشكل خاص. أنا على يقين بأن بلدي سينهض من جديد. فهو مر بأزمات صعبة في الماضي وتخطاها. لكن اللبناني تبدل تبدلاً جذرياً، وتغيرت معالم حياته وشخصيته. فهو لم يعد كريماً كما عرفناه دائماً، كان محباً للآخر فصار يميل إلى الكراهية أكثر. كما كان شخصاً يتضامن مع أخيه وصديقه ويسهم في تأمين مصالحهم، اليوم صار أنانياً لا يفكر إلا بنفسه. وكل هذا التغيير في المشهدية اللبنانية تسببت بها الأزمات الأخيرة. لذلك أخاف على اللبنانيين، لأن هذا الأمر سيؤثر على أجيال قادمة، لأنهم لن يتذكروا القيم المعنوية والاجتماعية والخدماتية التي عُرف بها أجدادهم». يطل سامي خياط هذه المرة محدثاً تبديلاً حتى في شكله الخارجي، فهو مسح أثار الزمن عن وجهه وبدا أكثر شبابا. لماذا أقدمت على هذا التغيير الخارجي؟ «الباطن يبقى كما هو، ولكن من المسلي مرات أن نغير ونطور في شكلنا الخارجي (مش غلط). أصلاً، جميعنا نتوق إلى التغيير على الصعيد السياسي والفردي والاجتماعي أيضا». يرى خياط أن فرصه مع التلفزيون كانت خجولة، وبالكاد قدم في تجربة سابقة عبر محطة «إل بي سي» برنامجا، ولكنه مر مرور الكرام. «لدي نصوص جاهزة لبرنامج تلفزيوني، ولكني أنتظر الفرصة من قبل محطة تهتم بالكوميديا. كما أن الناس تمضي معظم وقتها اليوم أمام الشاشة الصغيرة في ظل تراجع تنظيم نشاطات ترفيهية. وعلى فكرة في مسرحيتي الجديدة (ولو) أقدم اسكتشا طويلاً عن التلفزيون، ستضحكون معه كثيراً». اللبنانيون على موعد مع الضحك ابتداء من 27 الجاري في مسرحية لسامي خياط يرتكز فيها على مواهبه في لغة الجسد وفي التعبير بنص كوميدي يلامسهم عن قرب. «حركات جسمي وتفكيري وحيويتي ستسيطر على عملي (ولو). لاقوني على (مسرح مونو) في الثامنة والنصف، ابتداء من 27 يناير (كانون الثاني) الجاري».

مشاركة :