أصبحت ظاهرة الإدمان على ألعاب البلايستيشن ومشاهدة كرة القدم من المشكلات الأساسية التي تواجهها الكثير من العائلات، وقد تتزايد هذه المشكلات بالتزامن مع انطلاق الإحداث الرياضية البارزة ككأس أفريقيا للأمم أو كأس العالم، ما يحول بعض المنازل إلى ساحات نزاع وتوتر دائم. وتشتكي هدى العش الثلاثينية وربة البيت من هوس زوجها وتعلقه الشديد بمتابعة مباريات كرة القدم حتى لو لم يكن فريقه المفضل طرفا في هذه المنافسات. وقالت العش لـ”العرب” إن “المرور أمام التلفزيون أو التحدث بصوت عالٍ -أو حتى التحدث في الهاتف- أمر ممنوع عندما يكون (الزوج) بصدد متابعة المباراة. والويل كل الويل إذا تلقى فريقه هدفا من الخصم”. وأضافت العش أنها تواجه هذه الأمور بشكل شبه يومي أثناء المباريات. وتذكر أن كل هذه الأمور تحدث بسبب هوسه الشديد بكرة القدم وخاصة أثناء مباريات كأس العالم، وهنا تبدأ المعاناة الحقيقية، بحسب الزوجة. ولفتت إلى أنها في أغلب الأحيان تذهب رفقة ابنتها إلى بيت عائلتها تجنبا للمشاكل وخشية تشنج زوجها المبالغ فيه، خاصة إذا كانت موازين القوى بين الفريقين مختلفة وتوقعت نتيجة سلبية لفريق زوجها. الخبراء ينصحون الزوجة بالهدوء قدر الإمكان عند التعامل مع زوجها خلال وقت المباراة وبعد انتهائها، وألا تقابل ثورته بعصبية بدوره أشار حسن الشواشي (أربعيني) إلى هوسه الشديد بكرة القدم وتعلقه بفريقه المفضل. وقال الشواشي لـ”العرب”، “لا أريد أن أفقد أعصابي يوم المباراة لذلك أريد أن أكون بمفردي في البيت وخصوصا أمام التلفزيون”. وأكد أنه إذا فاز فريقه تعم البيت أجواء احتفالية أما إذا خسر فأجواء الحزن تصبح هي المسيطرة. ولفت إلى أن التشنج يسيطر عليه إذا أمر الحكم بضربة جزاء أو إذا انتهت المقابلة بالركلات الترجيحية. وأكد أنه دائما يحاول إقناع نفسه بوجوب التخلص من نوبة الغضب التي تنتابه كلما خسر فريقه، لكنه لا يقدر على ذلك. وقال أندريه غزيري خبير العلاقات الأسرية إن “بعض الأزواج يلجأون إلى متابعة المباريات الكروية من أجل الإحساس بالنشوة وبالقوة التي يشعر بها الشخص في فضاء الألعاب والتي يفتقدها في الواقع، وللقضاء على حالة الفراغ المادي والشخصي، والهروب من العالم الواقعي بمشاكله وهمومه إلى عالم الألعاب المرح، حيث يضحي مدمنو متابعة المقابلات الرياضية بأوقاتهم ومسؤولياتهم في سبيل الحصول على سعادة افتراضية يفتقدونها في حياتهم، وقد تكون السبيل لمن يعانون فراغا ويسعون لملء أوقات الفراغ بمتابعة الألعاب”. ويضيف أن ذلك قد يكون أيضا رغبة في إيجاد حياة اجتماعية لمن يفتقدها في المجتمع، ومع مرور الوقت يصبح الأشخاص انطوائيين ومنعزلين، ثم عاجزين عن الاندماج في المجتمع، ما يؤدي إلى وجود خلل في الحياة الاجتماعية. ومن أعراض الظاهرة التي يصاب بها الزوج التوتر واضطراب النوم والاكتئاب، وهو ما يبرر حالة العزلة وربما العنف ضد الزوجة. وعلى الزوج البحث عن أنشطة حياتية مفيدة كالرياضة والتقرب من الأهل لعلاج إدمان متابعة المباريات وأعراضه. وقال الدكتور محمد المهدي أستاذ الطب النفسي إن “الكثير من الأزواج مهتمون بمتابعة مباريات كرة القدم وربما يقضون ساعات فى متابعة هذا النشاط الممتع بالنسبة إليهم، وربما يكون هذا مقبولا، ذلك أن عشاق الكرة يجدون متعة هائلة في مشاهدتها، خاصة مشاهدة المباريات المهمة كنهائيات الدوري أو الكأس أو نهائيات القارات أو مباريات كأس العالم، وهذا وارد فى كل أنحاء العالم”. Thumbnail وأضاف أن “المشكلة تأتي حين يقضي الزوج أغلب أوقاته أمام الشاشة يتابع المباريات الحالية والقديمة أيضا، وينعزل تماما عن زوجته وعن أفراد أسرته فلا يعرف عنهم شيئا ويقصّر في حقوقهم أو يمنحهم الحد الأدنى من تلك الحقوق، وبعض الأزواج تنتابهم حالة هوس المشاهدة أو الإدمان على مشاهدة مباريات كرة القدم”. والمرأة في الأغلب ليست بهذا القدر من الاهتمام بمتابعة مباريات كرة القدم، على الرغم من أنها ربما تهتم بمصاحبة ابنها إلى النادي للمشاركة في لعب كرة القدم أو السباحة أو غير ذلك من الرياضات، رغبة منها في أن يصبح سليما جسمانيا أو أملا في أن تكون لديه موهبة فيصبح بطلا رياضيا. ويقر المهدي بعدم وجود تناقض بين رفض الزوجة مكوث زوجها ساعات أمام المباريات وبين حرصها على ممارسة ابنها كرة القدم، ويقول “هناك فارق كبير وليس تناقضا لدى المرأة بين أن يمارس ابنها لعبة كرة القدم وأن يتفوق فيها وبين أن يقضي زوجها ساعات طوالا جالسا بلا حراك أمام شاشة التلفزيون لا يفعل شيئا سوى النظر إلى الشاشة والصياح الهستيري من وقت لآخر حين يسجل الفريق الذي يشجعه هدفا في مرمى الفريق الآخر”. خبراء ينصحون بأن تظل الزوجة هادئة قدر الإمكان عند التعامل مع زوجها أثناء المباراة وبعد انتهائها وينصح الخبراء الزوجة بألا تقوم بالأعمال التي يمكن أن تزعج زوجها أثناء مشاهدته لمباريات كأس العالم، كالمرور أمام شاشة التلفزيون، أو الاستماع للموسيقى بصوت عالٍ أو انتقاد الفريق الذي يشجعه زوجها في حالة انهزامه، فهذه الأمور قد تزعجه وبالتالي تؤدي إلى مشاكل هي في غنى عنها. كما يمكنها أن تستغل وقت المباراة في الجلوس بجوار زوجها، بعد تحضير طبق من الفواكه أو الوجبات الخفيفة لتشاهد المباراة معه. وعليها أن تحاول الاندماج معه بدلاً من الانعزال التام عنه، وتجعله يعلّمها بعض قواعد كرة القدم. ومن المستحسن محاولة معرفة معلومات عن المباراة التي يشاهدها وأسماء اللاعبين، وربما تبدو هذه الفكرة بسيطة ولكنها ستجعل زوجها متشوقا للمكوث بجانبها بل ستجعله أيضا متشوقا أكثر للتحدث معها بعد المباراة، وهذا يساعد في تقوية العلاقة بينهما. وينصح الخبراء الزوجة أيضا بأن تظل هادئة قدر الإمكان عند التعامل مع زوجها أثناء المباراة وبعد انتهائها، وإذا كان سريع الغضب فلا تقابل تشنجه بتوتر عصبي والصراخ في وجهه، بل عليها أن تحاول امتصاص غضبه والتعامل معه بحكمة وصبر، ثم تتحدث إليه بهدوء ولين في وقت لاحق عندما يهدأ تمامًا، وتخبره بما يزعجها من تصرفاته. كما يمكن للزوجة أن تستغل الموقف لصالحها، حسب الخبير غزيري، فأحيانًا تحتاج إلى المقايضة واستغلال الظروف بأن تطلب من زوجها أن يمنحها فرصة الخروج مع صديقاتها إلى التنزه أثناء المباراة، وأن يبقى رفقة الأطفال حتى تستطيع الاستمتاع بوقتها أيضا.
مشاركة :