أثار عرض رسوم بعضها كاريكاتيري للرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات في متحفه داخل المقاطعة وقرب ضريحه موجة من النقد والاستنكار في حركة فتح، واعتبره البعض انتقاصا وسخرية من الرمز الراحل حتى أن ناطقا باسم حماس استغل الفرصة في غزة، وانتقد ذلك، متجاهلا أن عناصر حماس داسوا على صورة عرفات عندما اقتحموا بيته في غزة في أثناء الانقلاب وأشبعوه شتما وقدحا حتى تاريخه، واعتقلوا قبل فترة طلبة جامعيين، لأنهم ارتدوا كوفيته وأوجعوهم ضربا وتكسيرا. المعرض الفني جاء في غير وقته، وفكرته غير موفقة كاريكاتيريا، صحيح أن إدارة مؤسسة عرفات طلبت من رسامين محليين وأجانب أن يبدوا تضامنهم مع القضية الفلسطينية في أعمالهم منذ سنوات، ووصل بعضها قبل إقصاء الدكتور ناصر القدوة من رئاسة مؤسسة عرفات، إلا أن التعاطي مع الفكرة كان خاطئا. فالمسيحي الهندي يرسم المسيح عليه السلام كهندي والياباني كذلك والإفريقي يرسمه أسود والسويدي أشقر إلخ، إلا أن الرسم الكاريكاتيري بأثر رجعي هو الخاطئ، لأن الكاريكاتير هو السخرية بالرسم ولا يجوز من وجهة نظري استخدام هذا الأسلوب مع شخصية راحلة. لو كان عرفات حيا لزار المعرض وابتسم، فالكثير من الرسومات الكاريكتيرية طالت شخصيته، وهو حي ولم يكن ينزعج منها بل يبتسم لها، وكما قلت تم التعاطي مع الفكرة بشكل خاطئ، وكان حريا اعتماد رسامين ينتهجون أسلوبا فنيا آخر في الرسم وليس المدرسة الساخرة. وقد تحملت إدارة مؤسسة عرفات المسؤولية عن الخطأ بعد أن دافعت اللجنة المختصة عن الرسوم، وهي برئاسة أم جهاد بحسن نية، ذلك أن لا أحد يستطيع التشكيك في مقدار تقدير أم جهاد للرمز الفلسطيني الراحل، رفيق درب زوجها الشهيد أبو جهاد. بيت القصيد هنا أن حركة فتح حركة شعبوية بلا أيديولوجية فكرية، وكانت فكرتها الكفاح المسلح بداياتها وجمعت الفلسطينيين من شتى المشارب والمآرب والمناصب، فيهم الأكاديمي والمثقف والمتعلم وشبه المتعلم وحتى الأمي ودرجة الثقافة بين أنصارها دون المتوسط، لأنها تنبثق من بيئة شعبها، ولذلك وصفتها ذات سنة في الثمانينات بأنها طاردة للمثقفين عندما تم إسقاط الشاعر الكبير معين بسيسو في انتخابات اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين في بيروت، وتم تنجيح مرشح ليس له أي إنتاج أدبي. والله من وراء القصد.
مشاركة :