الرياض الشرق أكد عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز آل الشيخ، أن العالم لا يريد حل أزمة الشعب السوري، الذي يئن منذ أكثر من 4 سنوات تحت وطأة الاحتلال والقهر، ولا يسعى إلى حلها مع سرعة التدخل في غيرها، وهذا حيف سياسي وعنصرية مقيتة. مشيراً إلى أن عدم حل هذه المشكلة يؤدي إلى تنامي الكراهية والعداوة بين الشعوب وانتشار الجماعات الإرهابية في هذه البلاد التي تستقطب شباب المسلمين من حدثاء الأسنان وسفهاء الأحلام لتجندهم وتقتلهم في معارك عبثية. وقال في خطبة الجمعة من جامع الإمام تركي بن عبدالله في الرياض إن أعداء الإسلام أدركوا معنى الإيمان وتأثيره في نفوس أتباعه فشنوا حرباً شعواء على الإسلام وأهله عن طريق المقالات والقنوات، وقاموا بنشر الشُّبَه والشهوات حتى بدرت بادرة الإلحاد؛ ففي كل يوم تسمع عن واقعة إلحادية وشبهة شيطانية في رتابة حتى يظن السامع أن هذا الأمر ليس قضاء بشريّاً ولكنه أمرٌ متعمد. وأشار آل الشيخ إلى أن الإلحاد آفة نفسية وليس قضية عملية، والله سبحانه وتعالى يأمر برابطة الإيمان وهؤلاء يَدَعونها ويَدْعون إلى العنصرية والقومية، والإسلام يحث على العفة والفضيلة وهؤلاء يدعون إلى الرذيلة وانتشار الفاحشة بين المسلمين حتى صار حماة الإسلام في آخر خطوط الدفاع. وأضاف: لما أرادت طائفة من المسلمين إعادة بعض عزها الديني والدنيوي بادر هؤلاء إلى دسِّ الدسائس ومنعهم من ذلك حتى إن أدى الأمر إلى التدخل العسكري، ضاربين عرض الحائط بحريات الاختيار وحريات الشعوب في الاختيار. وذكر أن البلسم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم هو البلسم الشافي فلا ترياق بعده، وأن خواء النفوس من الإيمان يعد كارثة عظيمة. وأضاف أن المداومة على الطاعة وترك المعصية من أعظم أسباب الثبات على الإيمان، مشيراً إلى أن الثبات على دين الله يحتاج إلى ملاحظة تامة ومراقبة مستمرة. وبيَّن أن المداومة على الأعمال الصالحة مما يثبت الإنسان على الإيمان، كذلك الإيمان بالقضاء والقدر من أعظم ما يثبت المسلم على دينه ويجعله واثقاً بنصر الله غير مُغترٍّ بالباطل وأهله، إضافة إلى الإلحاح على الله بالدعاء ومصاحبة الصالحين والعلماء الربانيين. وقال: لما أراد الله بالبشرية الخير بعث إليها محمداً صلى الله عليه وسلم، وأنزل عليها القرآن ليخرج الناس به من الضلال ويبصرهم به من العمى ويخرجهم من الظلمات إلى النور، فقامت أمة ونشأت حضارة وما ذاك إلا بوقود تُشحَذ به الطاقات ودافع تتغذى عليه الأمم. مشيراً إلى أن الإيمان أنشأ جيلاً لم يشهد التاريخ مثله وأنشأ حضارة لم يشهد التاريخ مثلها، عملٌ وجدٌّ وبناءٌ وعزم يهدُّ الجبال، الإيمان ليس نطقاً باللسان ولكنه إحساس بعظمة الله، (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ). وبيّن آل الشيخ أن الإيمان هو الذي جعل الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم -وكان في مرمى أعين المشركين- يقول يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما، قال ابن القيم: وإذا وصل اليقين إلى القلب امتلأ نوراً وإشراقاً وامتلأ محبة لله وخوفاً منه وتوكلاً عليه وشكراً له، يقول الله تعالى (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ ويُسَلِّمُوا تَسْلِيماً). قال ابن القيم: أي يسلموا لله من كل شبهة تعارض الإيمان ومن كل شهوة تعارض أمر الرحمن ومن كل سقطة تعارض القضاء والقدر. وأوضح أن الإيمان يصنع المواقف كما يصنع الرجال، وقد وصف الله موقف صحابته رضوان الله عليهم في المحن بقوله (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ)، ووصف الله امتثالهم لأوامره ونواهيه بقوله (إنَّمَا كَانَ قَولَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إلَى اللهِ وَرَسُولِه لِيَحْكُمَ بَيْنَهُم أنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأطَعْنَا.. الآية)، وقد ضرب الصحابة أروع الأمثلة في التضحية والإيثار بقول الله سبحانه وتعالى (إنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقَّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِالآية).
مشاركة :