فاحت رائحة الحرب في اليمن فنضب العسل

  • 1/28/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يحافظ العسل اليمني على قيمته الرفيعة عالميا بسبب طبيعة الأرض وتنوّع المراعي التي يجني منها النحل طعامه الذي يُعد ثروة طبيعية غنية في البلد الفقير والمدمّر بحرب طال أمدها. والجودة العالية التي يتمتع بها العسل اليمني جعلت منه أحد المقوّمات الاقتصادية المهمة للبلد الذي كان يُصدّر منه الآلاف من الأطنان قبل الحرب التي تدور رحاها منذ سنوات. ويُنتج العسل في مختلف مناطق اليمن، إلا أن أجوده هو عسل السدر الذي يُعرف في وادي دوعن بمحافظة حضرموت جنوبي اليمن، والذي يتغذى نحله على أشجار السدر فقط. كما تنتشر أشجار السدر في مناطق يمنية عدة، ما يجعلها مناطق ملائمة لتربية النحل وإنتاج العسل الصافي ذي الجودة العالية. وللعسل اليمني قيمة غذائية كبيرة، إذ يعد علاجا للكثير من الأمراض، ويُكْسب الجسم نشاطا وطاقة عالية. ويأتي تميز العسل اليمني من تميّز التضاريس التي يرعى فيها النحل، كالجبال الشاهقة والوديان الممتدة والهضاب الواسعة والسواحل الطويلة التي يزخر بها البلد ذو المناخ الفريد الذي أسهم في جودة غطائه النباتي على مدار السنة، وهو ما أدى إلى التنوّع الكبير في الأزهار والثمار، وبالتالي اختلاف أنواع العسل. كما يتميز العسل اليمني عن سواه بأن النحلة هي التي تبني خلايا العسل بنفسها دون تدخل الإنسان في صنعها، لذلك يحافظ العسل على خواصه الطبيعية من حبوب اللقاح وغذاء الملكات وغذاء النحل، ما يجعله ذا قيمة علاجية فائقة، فضلاً عن قيمته الغذائية العالية، إلى جانب مذاقه اللذيذ ونكهته الطيبة ذات اللون الداكن والجميل. خبرة متوارثة خبرة متوارثة ويمتهن الآلاف من اليمنيين مهنة تربية النحل وإنتاج العسل، ويتنقلون من منطقة إلى أخرى بحثا عن المراعي المناسبة لإنتاج “الذهب السائل” وتطوير خلايا النحل. إلا أنه مع استمرار الحرب التي تجاوزت عامها السابع تراجع إنتاج العسل بنسبة تصل إلى خمسين في المئة، بعد تقييد حركة النحالين الذين يواجهون صعوبة في التنقل من منطقة إلى أخرى، فضلاً عن فقدان المئات منهم الكثير من خلايا النحل بسبب النزوح والصراع ورش الأراضي الزراعية بالمبيدات الحشرية بشكل عشوائي. ويشغل أبو عبدالرحمن علي محلّا متخصصا بالعسل في صنعاء ويربّي النحل منذ سنوات طويلة، ولا يزال يمارس مهنته بشغف وحب على الرغم من الصعوبات التي يواجهها، سواء في عملية تربية النحل أو في تصديره إلى الخارج. ويملك أبو عبدالرحمن، الذي ورث هذه المهنة عن أجداده، المئات من خلايا النحل وينتج الكثير من العسل، إلا أن إنتاجه تراجع في الآونة الأخيرة بسبب تحييد بعض المناطق عن عملية الرعي بعدما صارت مناطق اشتباكات، وكذلك ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، بالإضافة إلى عراقيل تصدير العسل إلى الخارج. ويقول أبو عبدالرحمن “مستوى الدخل تراجع بنسبة كبيرة عما كان عليه قبل الحرب إلى نحو خمسين في المئة بالنسبة إلى بيع العسل داخليا. أما التصدير فتراجع بشكل كبير جدا”. ويوضح أبو عبدالرحمن أن الحرب والحصار أغلقا الأبواب أمام الزوار والسياح من خارج اليمن، بالإضافة إلى عرقلة عمليات التصدير، إذ كان يصدر العسل قبل الحرب إلى دول عدة عبر مطار صنعاء أو عبر المنافذ البرية بسهولة. ويقول خبير نحل يمني إن منتجي وبائعي العسل يواجهون صعوبات كثيرة تحد من تنقلهم وتقلل من كميات إنتاجهم، ومن أهمها الاحتطاب الجائر وقطع الأشجار ذات الفوائد العالية للنحل بسبب انعدام مادة الغاز التي تستخدم للطهي، ما دفع الكثير من العائلات إلى البحث عن بدائل كاستخدام الحطب وجذوع الأشجار. الآلاف من اليمنيين يمتهنون تربية النحل وإنتاج العسل الآلاف من اليمنيين يمتهنون تربية النحل وإنتاج العسل واهتم اليمنيون بتربية النحل وإنتاج العسل على مدى عصور وتوارثوا ذلك أبًا عن جد واكتسبوا خبراتهم في معرفة أنواع وطوائف النحل ومراعيها ونوعية كل منتج من عسل النحل، حتى صار كل نوع من أنواع العسل يعرف بطبيعة الأرض والأزهار والأشجار التي يرعى منها النحل، كما تحدد جودته وفق نوع الأشجار والمنطقة. وقد تراكمت خبرات النحالين اليمنيين حتى صاروا على دراية كافية بمواعيد تكاثر النحل ومواسم تقسيمه ومواسم إنتاج العسل وكيفية رعاية طوائف النحل على مدار العام. ويعرف النحالون اليمنيون مواعيد إزهار المراعي في المناطق البيئية المختلفة، فتجدهم ينقلون طوائف النحل من واد إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى بحثا عن مصدر الغذاء (رحيق، حبوب اللقاح…). 100 ألف نحال في اليمن ينتجون ما يقارب 1.580 طن من العسل سنويّا، يصدر منها 840 طنا ويمتلك اليمن الكثير من أنواع العسل، ومنها عسل السدر (العلب)، وهو النوع الذي يحظى بشهرة واسعة ومكانة مرموقة جعلته من أشهر أنواع العسل في العالم وأغلاها سعرا. وعسل السُمر (الطلح)، وهو العسل المستخلص من أشجار شوكية تسمى السمر، وتنتشر بكثافة عالية في أرجاء اليمن، كحضرموت وبعض المناطق الجبلية في محافظة إب وذمار وصنعاء وتعز، وهو معروف بفوائده الكثيرة لمرضى السكري، لأنه يخلو تماماً من السكر ويحتوي على أنسولين نباتي ينشط في البنكرياس ويتحول إلى أنسولين بشري يخفض معدل السكر في الدم. كما أن لعسل السُمر فوائد كثيرة لمرضى الكبد وقرحة المعدة. ويستعمل في علاج فقر الدم وأمراض البرد. وعسل الصال (الأثل)، وهو العسل المعروف بطعمه اللاذع الذي يترك حرقة في الحلق تدوم مدة طويلة (ساعات) بعد تناوله. وهذا النوع من أحسن الأنواع العلاجية، وفق خبراء. وعسل السلام (السلم)، ويستخرج عبر النحلة من أزهار أشجار السلم في منطقة تهامة على سواحل البحر الأحمر (غرب اليمن)، ومن جبال محافظة المحويت. والعسل الجبلي الذي يستخرجه النحل من زهور عدة شجيرات وحشائش جبلية، ويعرف بتجمده السريع. وعسل المراعي، وهو نوع ينتج في معظم أيام السنة، ويجنيه النحل من أشجار وأزهار متعددة، وهو عسل ذو جودة لا بأس بها ويتميز بأسعاره المناسبة. ويندرج العسل اليمني ضمن المحاصيل التي يهتم اليمنيون بتنميتها وتطويرها. ويوجد في اليمن نحو 100 ألف من النحالين الصغار، ينتجون ما يقارب 1.580 طن من العسل سنويا، ويصدر منها 840 طنا، وفق تقرير الأمم المتحدة لعام 2020.

مشاركة :