يطرح إعلان ألوية العمالقة الجنوبية عن نهاية العمليات العسكرية في جنوب محافظة مأرب الاستراتيجية والعودة إلى محافظة شبوة جنوب غرب اليمن تساؤلات حول الوجهة المقبلة لهذه القوات المدعومة من الإمارات والتي أثبتت في الأسابيع الأخيرة قدرة قتالية كبيرة في مواجهة المتمردين الحوثيين. وكانت ألوية العمالقة نجحت في السيطرة مؤخرا على مدينة حريب التابعة لمأرب والمتاخمة لمديرية العين في شبوة، وأحرزت تقدما على خط مديريتي الجوبة والعبدية. ويرى مراقبون يمنيون أن الإعلان عن نهاية العملية العسكرية كان متوقعا بعد أن نجحت هذه القوات في السيطرة على كل محافظة شبوة وتأمين حدودها الجنوبية من أي اختراق حوثي يمكن أن تتعرض له المحافظة مستقبلا. وقالت قوّات “ألوية العمالقة” في بيان إنّها “استكملت (…) عملية إعصار الجنوب والتي تكللت بتحرير مديريتي بيحان في محافظة شبوة وحريب في محافظة مأرب من قبضة الميليشيات الحوثية”. ويحاول المتمردون منذ أشهر التقدم نحو مدينة مأرب مركز المحافظة التي تحمل الاسم ذاته للسيطرة عليها ووضع أيديهم بذلك على كامل الشمال اليمني، لكن عملية “العمالقة” التي انطلقت من شبوة جنوب مأرب ألحقت خسائر فادحة بهم وشكّلت تهديدا لحملتهم. ألوية العمالقة لم تكن منذ البداية تخطط للتقدم أكثر في مأرب حيث يتطلب تحرير هذه المحافظة ترتيبات عسكرية أخرى وبعد استعادة مديريتي بيحان وحريب والإعلان عن “تأمين شبوة”، بدا وكأنّ “ألوية العملاقة” ستواصل تقدمها لاستعادة المناطق التي سبق وأن سيطر عليها المتمردون جنوب مدينة مأرب، لكنّهم أوقفوا حملتهم الجمعة. ويقول المراقبون إن ألوية العمالقة لم تكن منذ البداية تخطط للتقدم أكثر في مأرب حيث أن تحرير هذه المحافظة يتطلب ترتيبات عسكرية أخرى من بينها حشد الألوية التابعة للجيش اليمني والخاملة لسنوات في محافظات الجنوب على غرار المنطقة العسكرية الأولى المتمركزة في المهرة وحضرموت. وبحسب البيان فإنّ الألوية قامت “بإعادة تموضع لقواتها في محافظة شبوة بعد تحرير مديريتي بيحان وحريب وتأمينها لمحافظة شبوة بشكل كامل من ميليشيات الحوثي”. وأضاف البيان “بعد النجاح الكبير التي حقّقته قوات ألوية العمالقة الجنوبية في عملية إعصار الجنوب، بدأت بنقل ألويتها إلى عرينها”، في إشارة إلى عتق مركز محافظة شبوة. ويقول المراقبون إن عودة قوات العمالقة إلى شبوة بدلا من محافظة الحديدة الواقعة في الساحل الغربي تحمل مؤشرات عن الوجهة المقبلة لهذه القوات التي ستكون حضرموت أو البيضاء، لكن طبعا لن يكون هناك استعجال في إطلاق عملية عسكرية جديدة حيث أن الأمر يفترض ترتيبات جديدة. ويشير المراقبون إلى أن المشاركة في تحرير محافظة البيضاء على سبيل المثال والتي تربطها حدود بأربع محافظات شمالية وأخرى جنوبية، تتطلب إجراء إصلاحات إدارية وعسكرية في المحافظة من بينها تعيين إدارة محلية فاعلة وتشكيل قوات عسكرية وأمنية حقيقية على الأرض بدلا من القوات الحالية التي يشير المراقبون إلى أنها مجرد أسماء وهمية على قوائم محور البيضاء في الجيش الوطني. وشُكلت ألوية العمالقة في أواخر العام 2015 في منطقة الساحل الغربي، وقد درّبتها الإمارات العضو في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن دعما للحكومة ضد الحوثيين. وقد سحبت الإمارات في 2019 قوّاتها من البلد الفقير الغارق في نزاع مسلّح منذ 2014، لكنّها لا تزال لاعبا مؤثرا فيه. وبدأت قوات ألوية العمالقة التحرك من مقر عملياتها الرئيسي في غرب اليمن جنوب محافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر نحو مناطق أخرى في نوفمبر، بينما كان المتمردون يتقدمون نحو مدينة مأرب، آخر معاقل الحكومة في الشمال. إعلان ألوية العمالقة عن نهاية العمليات العسكرية يطرح تساؤلات حول الوجهة المقبلة لهذه القوات التي أثبتت قدرة قتالية كبيرة في مواجهة المتمردين الحوثيين وفي السابع والعشرين من ديسمبر أعلنت ألوية العمالقة أنها أرسلت قوات عسكرية باتجاه محافظة شبوة بهدف “تحرير المديريات التي سقطت بأيدي ميليشيات الحوثي في محافظة شبوة”. وكان تقدّم ألوية العمالقة في محافظة شبوة الغنية بالنفط ومحافظة مأرب المحاذية لها من جهة الشمال سببا رئيسيا في مهاجمة المتمردين للإمارات في الأسبوعين الأخيرين، مطالبين الدولة الخليجية الثرية بوقف تدّخلها في الصراع. وأعلنت أبوظبي الإثنين الماضي أنّ دفاعاتها اعترضت ودمّرت صاروخين باليستيين في هجوم وقع بعد أسبوع من مقتل ثلاثة أشخاص في هجوم بطائرات بدون طيار وصواريخ على أبوظبي، في أول هجوم دام على أراضي الإمارات أكد الحوثيون مسؤوليتهم عنه وأعلن عنه الإماراتيون. ويقول متابعون إن إعلان العمالقة عن انتهاء العمليات العسكرية في مأرب لا صلة به بهجوم الحوثيين على الإمارات ذلك أنه ومنذ البداية كان الغرض من التقدم صوب هذه المحافظة تأمين المنطقة المحاذية لشبوة. ويدور النزاع في اليمن بين حكومة يساندها منذ العام 2015 التحالف العسكري بقيادة السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء منذ 2014. وأسفر النزاع عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، بينهم عدد كبير من المدنيين، وفق منظمات إنسانية عدة.
مشاركة :