تستعد بعثة الأمم المتحدة في السودان “يونيتامس” لجولة جديدة من المشاورات الأولية للعملية السياسية مع الأطراف السودانية الأسبوع المقبل، فيما يزداد الوضع تعقيدا في السودان مع تصاعد موجة الاحتجاجات ضد العسكريين وتتالي الانتقادات الغربية لقائد الجيش عبدالفتاح البرهان. وأفاد بيان صادر عن البعثة الأممية الخميس أن رئيس البعثة فولكر بيرتس يستعد إلى جانب فريق “يونيتامس” لجولة جديدة من المشاورات مع المزيد من ممثلي الطيف السياسي السوداني الأسبوع المقبل. وأكد البيان استمرار هذه المشاورات في توفير مساحة لأصحاب المصلحة السودانيين لعرض رؤاهم ومقترحاتهم حول سبل المضي قدما في عملية الانتقال الديمقراطي. ونقل البيان عن بيرتس قوله “لا نريد توقع نتائج، ستوجه هذه المشاورات الأولية خطواتنا التالية”. وأوضح أن الأسبوع الثالث من المشاورات شهد توسعا في مشاركات مجموعات سودانية مختلفة، من بينها مجموعات نسوية سياسية ومدنية وحزب البعث العربي الاشتراكي والتجمع الاتحادي (من كتل قوى إعلان الحرية والتغيير)، ولجنة المعلمين السودانيين (أبرز مكونات تجمع المهنيين السودانيين). ويدور جدل بين المكونات السياسية في السودان بشأن المبادرة الأممية؛ هل هي سعي للتطبيع مع العسكر وتقدم مخرجا لهم أم أنها بارقة أمل للخروج من الأزمة الحالية؟ وفي الوقت الذي حظيت فيه المبادرة الأممية بترحيب دولي وإقليمي، إذ رحبت بها كل من الولايات المتحدة وقطر والسعودية ومصر إضافة إلى جامعة الدول العربية ومجلس السيادة السوداني، فإن العديد من القوى التي تقود الحراك في الشارع السوداني ما تزال تنظر إليها بتوجس، وترى أنها تسعى لتوفير مخرج للنخبة العسكرية المأزومة في البلاد بفعل استمرار التظاهرات الرافضة لها في الشارع. ويرى محللون أن توجس القوى السياسية الرافضة للمبادرة يرتكز بشكل أساسي على اعترافها ضمنيا بالواقع القائم في السودان بعد انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، وتسليمها بضرورة الشراكة مع المكون العسكري في إدارة بقية المرحلة الانتقالية، وهو ما يبدو متعارضا بوضوح مع ما تطرحه لجان المقاومة وتجمع المهنيين السودانيين في الشارع تحت شعار “لا شراكة، لا تفاوض، والردة مستحيلة”. فولكر بيرتس: لا نريد توقع نتائج، ستوجه هذه المشاورات خطواتنا التالية وفي المقابل يشير هؤلاء إلى أن أبرز نقاط قوة مبادرة المشاورات التي أطلقتها بعثة الأمم المتحدة في السودان أنها غير مباشرة وبالتالي لا تفرض على أي طرف الجلوس مع الآخر. ويقول أستاذ العلوم السياسية مصعب محمد علي إن ما طرحته البعثة الأممية بخصوص المشاورات غير المباشرة يمكن أن ينجح في جذب الأطراف الرافضة للحوار مع العسكريين، لافتا إلى أن هذه الأطراف بالمقابل تتمسك بمطالبها بضرورة ابتعاد العسكريين عن السلطة. ويضيف محمد علي أن المشاورات غير المباشرة قد تنجح في تقريب وجهات النظر بين الأطراف ووضع نقاط مشتركة يتم الحوار حولها حال الوصول إلى مرحلة طاولة الحوار المستديرة، وأنها أيضا قد تقلل وقتها من الخلافات الحادة التي يمكن أن تجعل طاولة الحوار خلافية ولا تفيد في حل الأزمة. ومنذ الثامن من يناير الجاري تجري “يونيتامس” مشاورات “أولية” لعملية سياسية شاملة بين الأطراف السودانية؛ بهدف التوصل إلى حل للأزمة التي تفاقمت عقب قرارات اتخذها البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021. ومنذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي يشهد السودان احتجاجات ردا على إجراءات استثنائية اتخذها البرهان أبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وهو ما تعتبره قوى سياسية “انقلابا عسكريا”، في مقابل نفي الجيش. وفي أكثر من مناسبة نفى البرهان قيام الجيش بانقلاب عسكري، وقال إن هذه الإجراءات تستهدف “تصحيح مسار المرحلة الانتقالية”، وتعهد بتسليم السلطة إلى حكومة انتقالية.
مشاركة :