أكدت أستاذة التاريخ الحديث بجامعة القصيم الدكتورة فاطمة الفريحي، أن الحالة السياسية قبل عهد الإمام محمد بن سعود كانت مضطربة وتسودها الصراعات والنزاعات. وقالت: لم تكن هناك قوة تجمع وتوحد، فكانت شبه الجزيرة العربية مقسمة لإمارات متناحرة تتبع النظام القبلي، وكانت المنطقة تعاني من الضعف والتفكك وعدم الاستقرار، وكانت تسودها حالة من الفوضى نتيجة التفكك الاجتماعي والسياسي والديني. وأضافت: كان هناك اقتتال بين المدن نفسها وبين إمارات المدن وقبائل البادية، وما أن تولى الإمام محمد بن سعود إمارة الدرعية في عام ١١٣٩هـ، حتى قاد البلاد إلى مرحلة جديدة في تاريخ المنطقة وأسس الدولة السعودية الأولى، وأصبحت الدرعية ذات مركز قوي واستقرار داخلي، وحكم راسخ جعلها محط الأنظار ووجهة للعرب الآخرين، وهاجر إليه الكثيرون من مناطق مختلفة من جزيرة العرب بخلاف البلدان الأخرى المحيطة بها. وأردفت الدكتورة "فاطمة": تمكّن الإمام محمد بن سعود وبعده أبناؤه من أن يوحد جميع مناطق شبه الجزيرة، وينقلها إلى عصر جديد عنوانه الاستقرار، اتسم بالأمن وتطبيق الشريعة في كافة مناحي الحياة، ونتيجة لقيام الدولة السعودية الأولى واستقرار أوضاعها ظهر كثير من العلماء وازدهرت الناحية العلمية والاقتصادية، وأصبحت تتمتع بمكانة سياسية عظيمة نتيجة لقوتها ومبادئها الإسلامية واتساع رقعتها الجغرافية وسياسة حاكمها المتزنة المعتمدة على نصرة الدين الإسلامي. وتابعت: طبعًا من أهم أعماله قيامه بقيادة الحملات بنفسه أو إسنادها لأبنائه، واستطاع أن يوحّد معظم مناطق نجد، ومن ثم امتدت جهوده لتعم معظم أنحاء الجزيرة العربية، وقدرته على تأمين طرق الحج والتجارة وأصبحت نجد آمنة. كما عقد معاهدات مع القبائل والبلدان في طريق التجارة؛ حتى يأمن على سلامة الحجاج؛ مما أعطاه شهرة وازدهرت الحياة التجارية بالدرعية. وقالت الدكتورة "فاطمة": لقد نجح بالتصدي للحملات التي حاولت القضاء على دولته، وعمل على الاهتمام بالأمور الداخلية وتقوية مجتمع الدرعية وتوحيده من الفرقة إلى وحدة الصف، وأمر أيضًا ببناء حي جديد في سمحان وهو حي الطرفية، وانتقل إليه بعد أن كان في حي غصيبة، وهو مركز الحكم لفترة طويلة، وعمل على نشر الاستقرار، وشهدت استقرارًا كبيرًا، وكذلك ساد الاستقلال السياسي للإمام محمد بن سعود في ظل عدم ولائه لأي قوة، في حين أن بعض بلدان نجد كانت تدين بالولاء لبني خالد. وأضافت: حرص أيضًا على الاستقرار الإقليمي، ودليل هذا أنه أرسل أخاه مشاري للرياض لإعادة دهام بن دواس للحكم بعد أن تم التمرّد عليه، وهذا انعكس على الدرعية وأصبحت تتمتع بقوة سياسية، وتحولت من المدينة الدولة إلى الدولة بمفهومها الواسع تحت اسم "الدولة السعودية الأولى"، وامتازت بقوة اقتصادية وسياسية، وهذا شجّع على انتقال الشيخ محمد بن عبدالوهاب إليها وقدرتها على تحمل أعباء أعداد كبيرة من المهاجرين الذين انتقلوا إليها بعيد انتقاله. وأردفت: انتقال الشيخ إليها كان نتيجة طبيعية؛ لأنه سمع عن سياسة الإمام محمد بن سعود الذي عُرف بالتدين، وأخوَيْه ثنيان ومشاري، وابنه عبدالعزيز، كانوا على تواصل مع الشيخ محمد بن عبدالوهاب بالعيينة؛ مما دعاه للقدوم للدرعية بعد أن دعاه الإمام محمد؛ لأن الإمام محمد قادر على حماية هذه الدعوة بعد أن تخلى عنها أمير العيينة، فوجد دولة قادرة ومستعدة لحمايته. وتابعت: إعلان يوم التأسيس فرصة لنستذكر امتداد هذه الدولة السعودية لأكثر من ٣ قرون، تأسيس كيان سياسي حقق الوحدة والاستقرار، واليوم الوطني يختلف عن يوم التأسيس ولا يراد منه استبداله باليوم الوطني السعودي في ٢٣ سبتمبر، فالهدف من يوم التأسيس هو التذكير ببداية قيام الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود؛ فهو ليس بديلًا عن اليوم الوطني المتعلق بمناسبة توحيد المملكة العربية السعودية، وإنما مناسبة جديدة لاستذكار العمق التاريخي للمملكة العربية السعودية.
مشاركة :