ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت في المعاملات الآسيوية أمس، واستقر الخام الأمريكي قرب أقل سعر في ثلاثة أشهر بعد أن أدى استمرار تخمة المعروض إلى تراجع الأسعار بما يصل إلى 13 في المائة منذ بداية الشهر الجاري. ووفقاً لـ "رويترز"، فقد صعد عقد أقرب استحقاق لخام برنت تسليم كانون الثاني (يناير) 12 سنتا إلى 44.30 دولار للبرميل إثر زيادته أربعة سنتات في الجلسة السابقة. واستقرت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي عند 40.54 دولار للبرميل بعد صعودها في المعاملات المبكرة، وكان الخام أغلق منخفضا 21 سنتا عند 40.54 دولار للبرميل أمس الأول. وقال دانييل آنج المختص النفطي في"فيليب فيوتشرز"، "إن أسواق النفط تتحرك داخل نطاق ضيق والسبب الرئيسي هو أن العوامل الأساسية لم تتغير بعد"، مشيراً إلى أن الأسواق متوجسة بعض الشيء من قدوم النفط الإيراني. واستمرت حالة وفرة المعروض في التأثير بشكل واسع في السوق لتحد من محاولات السوق التعافي والحفاظ على مكاسب متنامية، وقد ساعد على استمرار هذه الحالة ارتفاع الصادرات السعودية في الشهر الماضي واعتزام إيران ضخ مستويات مرتفعة من الصادرات النفطية في محاولة لاستعادة حصتها السوقية التي فقدتها بسبب العقوبات الاقتصادية. وتعززت الإمدادات الوفيرة في السوق بزيادة صادرات النفط السعودية في أيلول (سبتمبر) 113 ألف برميل يوميا إلى 7.111 مليون برميل يوميا من 6.998 مليون برميل يوميا في الشهر السابق. وما زالت السوق في حالة ترقب مع بدء العد التنازلي لعقد الاجتماع الوزاري لمنظمة أوبك في 4 كانون الأول (ديسمبر) المقبل الذي من المرجح أن تكون له تأثيرات واسعة في السوق وأن يشهد حالة من الجدل الواسع من المنتجين بشأن قضية خفض الإنتاج التي أصبحت مصدراً للانقسامات بين الأعضاء في ضوء رغبة عدد من المنتجين خفض الإنتاج دعما للأسعار. وكانت وكالة الطاقة الأمريكية قد أعلنت ارتفاع مخزونات الخام في البلاد بمقدار 0.3 مليون برميل للأسبوع المنتهي في 13 تشرين الثاني (نوفمبر)، في حين توقع المختصون ارتفاع مليوني برميل، في ثامن زيادة أسبوعية على التوالي، ليصل إجمالي المخزونات 487.5 مليون برميل وهو أعلى مستوى منذ نيسان (أبريل) الماضي. وزادت شركات الطاقة الأمريكية عدد منصات النفط العاملة للأسبوع الأول في 11 أسبوعا رغم استمرار هبوط أسعار الخام. وقالت شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية في تقريرها الذي يحظى بمتابعة واسعة "إن شركات الحفر أضافت منصتين إلى العمل في الأسبوع الماضي ليرتفع العدد الإجمالي للمنصات إلى 574". وبلغ عدد المنصات في الأسبوع المقابل من العام الماضي 1578 منصة عاملة، وأوقفت الشركات عمل 103 منصات نفطية خلال الأسابيع العشرة السابقة. وتشير هذه الإضافات إلى أن بعض الشركات على الأقل مستعدة لبدء الحفر مجددا حتى رغم تداول أسعار النفط الأمريكي دون 50 دولارا وذلك على أمل ارتفاع الأسعار في المستقبل. وأشار تقرير لإدارة المعلومات الأمريكية إلى أن مجموعة تتكون من 46 شركة أمريكية وعالمية عاملة في مجال النفط خفضت قيمة أصولها بأعلى وتيرة فصلية منذ عام 2008 على الأقل خلال الربع الثالث. ويؤثر تراجع أسعار النفط سلبا في قيمة أصول الشركات والتوقعات المستقبلية، وكذلك الإيرادات، وشهدت هذه الشركات خفضاً حادا بنحو 38 مليار دولار لقيمة أصولها خلال الأشهر الثلاثة حتى أيلول (سبتمبر) على الرغم من ارتفاع الإنتاج بالمقارنة مع نفس الفترة عام 2014. وأسهم تراجع الأسعار في انخفاض التدفق النقدي من العمليات بنسبة 33 في المائة على أساس سنوي، فيما خفضت الشركات إنفاقها الاستثماري بنسبة 34 في المائة. ويعد ما أعلنته شركة "شل" عن وقف مشروع للرمال النفطية في كندا، مما تسبب في خفض احتياطياتها المؤكدة بنحو 418 مليون برميل مثالاً صارخاً على التدهور الذي شهدته أصول هذه الشركات. ومن المعلوم أن تراجع قيمة الأصول يؤثر سلبا في أداء الشركات وإيراداتها المتوقعة، واحتياطيها النفطي، ومن ثم قيمتها في السوق. وتشير بيانات السوق إلى أن المتعاملين يستعدون لتراجع جديد في الأسعار بحلول آذار (مارس) 2016 حيث من المتوقع أن ينال شتاء دافئ على غير المعتاد من الطلب في الوقت الذي ستعود فيه صادرات الخام الإيرانية إلى الأسواق العالمية بعد رفع العقوبات. وفقدت العقود الآجلة للنفط بالفعل نحو 60 في المائة من قيمتها منذ منتصف 2014 مع زيادة المعروض عن الطلب بما يراوح من 0.7 مليون إلى 2.5 مليون برميل يوميا وهو ما أوجد تخمة في السوق، يقول مختصون إنها ستستمر في عام 2016. وقال بنك جولدمان ساكس إنه توجد مخاطر كبيرة "لهبوط حاد" في أسعار النفط، وأضاف قائلا "ربما يؤدي طقس شتوي معتدل على مدى الأشهر المقبلة إلى ضعف الطلب على وقود التدفئة في الولايات المتحدة وأوروبا". ومن المرجح أن يحفز ذلك على تعديلات في السوق الفعلية تدفع أسعار النفط إلى الانخفاض لتبلغ مستويات استرداد التكلفة التي نقدرها بنحو 20 دولارا للبرميل. ويرى "جولدمان ساكس" ومختصون نفطيون آخرون أن زيادة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة حيث لا يسمح للمنتجين بالتصدير ربما يتجاوز طاقة صهاريج التخزين الممتلئة بالفعل في مستويات قياسية من المخزونات. وقد تشهد السوق أيضا زيادة سريعة في صادرات النفط الإيراني بمجرد رفع العقوبات الذي يتوقع كثير من المختصين حدوثه في النصف الأول من 2016. ويتمثل أحد الخيارات في التعامل مع تخمة المعروض في استخدام ناقلات النفط في التخزين لكن ذلك يتطلب منحنى للسعر تكون فيه الأسعار الآجلة للخام أعلى كثيرا من أسعار البيع الفوري -وهي حالة للسوق تعرف باسم كونتانجو- حتى يمكن تغطية تكلفة التخزين. لكن ارتفاع رسوم الناقلات وثباتا نسبيا لمنحنى كونتانجو يجعل التخزين العائم أقل جاذبية الآن، ولهذا فإن محللين يقولون "إن الأسعار الفورية سيتعين أن تشهد مزيدا من الانخفاض بما يجعل تخزين النفط في سفن استراتيجية قابلا للتنفيذ في السوق".
مشاركة :