جيب بوش يضيّع فرصة ذهبية في خطابه للأميركيين

  • 11/21/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

في يوم الأربعاء، ضيّع جيب بوش فرصته، ففي أعقاب هجمات باريس انتهج كثيرون في حزبه «الأهلانية» (نهج سياسي يقوم على حماية مصالح أهل البلاد الأصليين وتقديمها على مصالح المهاجرين)، الهجوم على خطة الرئيس الأميركي باراك أوباما المتواضعة لإعادة توطين 10 آلاف لاجئ سوري في الولايات المتحدة. وفي غضون ذلك، عمل الرئيس أوباما بسياسة التصيد للجمهوريين بدلاً من صياغة استراتيجية متماسكة لدحر مرتكبي فظائع باريس. كانت هذه فرصة جيب بوش لإظهار الجانب الهادئ والثابت له أمام بلاده، والتحلي بالفضيلة من الكاريكاتير الذي صنعه دونالد ترامب له هذا الصيف، فقد قدم بوش خطابًا لطيفًا لا يختلف كثيرًا عن خطابه الأخير عن السياسة الدفاعية الذي ألقاه في مكتبة «ريغان» في أغسطس (آب) الماضي. ويكمن الجزء الأكثر تخييبًا للآمال في خطاب بوش في احتوائه على كلام مبتذل كثير، فقد دعا بوش إلى إرسال قوات برية للقتال ضد تنظيم داعش، لكن كان هناك تحذير: «ينبغي أن يحدث ذلك بالتعاون مع حلفائنا، وينبغي أن يتوازى نطاقها (القوات) مع ما يوصي به الجنرالات العسكريون بأنه ضروري لتحقيق هدفنا». هل هذا يختلف بصفة جوهرية عما يفعله أوباما بالفعل؟ فقد أرسلت الولايات المتحدة نحو 3500 عنصر قوات خاصة إلى العراق وسوريا. وتقوم تلك القوات بتدريب العراقيين، وأحيانًا تخوض قتالاً جنبًا إلى جنب مع جنود من حلف شمال الأطلسي وآخرين في المنطقة. ويصر الرئيس على أن جنرالاته يعتقدون أن هذا العدد كافٍ. هذا لا يعني القول إن جيب بوش لا يميز نفسه عن أوباما بشأن مسائل أخرى، فقد دعا بوش إلى زيادة الإنفاق العسكري أكثر من أوباما. وكذلك الحال بالنسبة إلى جميع مرشحي الرئاسة الجمهوريين، باستثناء راند بول. ودعا أيضًا إلى فرض منطقة حظر جوي في سوريا، وهو الخيار الذي غضت الولايات المتحدة الطرْف عنه عقب التدخل الروسي في الحرب في سوريا سبتمبر (أيلول) الماضي. وبالطبع، قال بوش لشبكة «سي إن إن»، الأحد الماضي، إنه ينبغي علينا التركيز على جعل دخول المسيحيين السوريين - الذين يستهدفهم تنظيم داعش غالبًا بسبب دينهم - إلى البلاد أولوية. وأخبر شبكة «بلومبيرغ»، الثلاثاء الماضي، أنه ينبغي على أميركا الالتزام بتقاليدها النبيلة المتمثلة في الترحيب باللاجئين، رغم أن حملته بدت في نفس اليوم تؤيد خطة تسعى لوقف السماح لهؤلاء اللاجئين بدخول البلاد، مراعاة لمخاوف «المحافظين» حيال عملية الفحص. وساء الأمر صباح يوم الأربعاء عندما سأله مذيع شبكة «فوكس نيوز» ثلاث مرات عما إذا كان قد غير موقفه. ويتمثل المجال الوحيد الذي ميز بوش نفسه فيه بوضوح عن أوباما في تصنيف العدو، فقد استنكف أوباما ومعظم الديمقراطيين عن قول «المسلمين الراديكاليين» عندما سئل عمن يواصل الهجوم علينا في الغرب. وانتهز بوش هذا الاختلاف اللغوي قائلا: «هذه هي الحقيقة التي لن تسمعها من رئيسنا. نحن في حالة حرب مع الإرهاب الراديكالي» (هل هذا عكس الإرهاب المعتدل؟). وكما كتبت سابقا، يقول شقيق جيب - الرئيس السابق جورج دبليو بوش - أيضًا «الإسلام الراديكالي»، وكان لديه سبب وجيه. وتستلزم الحرب على الإرهابيين الراديكاليين دعم كثير من المسلمين غير الإرهابيين. ويعتقد معظم المسلمين على سبيل المثال أن الشريعة ينبغي أن تكون القانون السائد للبلاد، لكنهم لا يوافقون على الانتحاريين، وتتمثل الاستراتيجية منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 في فصل المجموعة الواسعة من الإسلاميين المتدينين عن الإرهابيين المتطرفين المستعدين لإراقة الدماء في سبيل تحقيق آيديولوجيتهم. وقد يمكن لجيب بوش أن يفسر كيف أن هذا النهج - الذي فضله شقيقه وأوباما - فشل. كان يمكن له أن يقول إنه على دراية بالاستراتيجية القديمة، لكن كان ينبغي أن يقول أيضًا إن أميركا لديها واجب الانخراط في حرب الأفكار داخل الإسلام، وكان يمكن أن يكون محددًا حول عدد القوات البرية اللازمة لهذه الحرب الجديدة، وكان يمكن أن يطالب تجديد «الكونغرس» تفويضه لحرب مطولة ضد الإرهابيين مثلما فعل عقب هجمات 11 سبتمبر، وكان بإمكانه أن يوضح موقفه بشأن اللاجئين السوريين بدلاً من تفويت فرصته.

مشاركة :