حذَّر عدد من المتخصصين في الشؤون العقارية والاقتصادية من أن يتحايل أصحاب الأراضي على قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، من خلال تسوير الأراضي، وتقسيمها لمساحات صغيرة. معتبرين أن فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، لن يسهم بشكل كبير في حل مشكلات الإسكان. وحدّدوا 3 حلول رئيسة لحل أزمة السكن، وهي: "قيام وزارة الشؤون البلدية والقروية، وأمانات المدن بإعادة النظر في إجراءات اعتماد المخططات السكنية، وتوسيع دائرة النطاق العمراني لكل مدينة بما يتناسب مع التطوّر الطبيعي لعدد السكان. وإيجاد التمويل الكافي". كيفية احتساب الرسوم ويرى المهندس باسم عبدالعزيز الأنديجاني "عضو تدريس بكلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة أن قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء من الناحية الاقتصادية إيجابي، فزيادة العرض عن الطلب في السوق سيكون لها دور في انخفاض الأسعار، إلاّ أن الهاجس الذي نعاني منه هو التلاعب بالأنظمة، والتفنن في إيجاد الثغرات. ولا يخفى أن محاولة إيجاد المخارج قد بدأت من الآن، فهذا يقسم أرضه ويحول ملكيتها لأبنائه، وآخر يسور أرضه، وثالث يبني بناء محدودًا عليها لتخرج من إطار الأراضي البيضاء، وهلمّ جرا. وكون النظام البشري يظل ناقصًا مهما تناهت دقته، دأبت كبريات المنظمات على تبني مفهوم التحسين المستمر للأنظمة والإجراءات. فلنفترض أن المعارضين للقرار تهربوا وبطريقة ما من دفع الرسوم، حينها لسنا بحاجة إلى الانتظار سنين أخرى لإيجاد نظام جديد كليًّا لسدّ تلك الثغرات. بل الأنسب أن يتم تحديث اللائحة وتطويرها بين الحين والآخر وفقًا لما يخدم الهدف الذي وُضع من أجله النظام لمجابهة أيّ نوع من تلك الممارسات حتى نصل إلى مرحلة يصعب على المتهرّب فيها إيجاد ثغرة أو تحوير بند. وأكد الأنديجاني أن إنهاء أزمة الإسكان لن تحل بمجرد تطبيق الرسوم بالشكل الصحيح، حيث إنها ليست السبب الأوحد للأزمة التي نمر بها. فتعقيد الإجراءات، وعدم التكامل بين الجهات ذات العلاقة، وعدم وضوح الرؤية التنموية كلها أسباب أخرى جوهرية كان -وما زال- يعاني منها المواطن. لكن دعني أتفاءل بأنه تم وضع اليد على العشرين بالمئة من الأسباب التي ستؤثر على ثمانين بالمئة من النتائج. وكلنا أمل بأن تتكاتف كل الجهود لإنجاح هذا الملف التنموي الكبير الذي سيكون نقلة نوعية نحو مستقبل مشرق. ويرى الأنديجاني أن الحلول التنفيذية المقترحة بخصوص الرسوم على الأراضي البيضاء تتفاوت، فما بين تحفظ الملاك واندفاع المستهلكين نحو القرار، كما أصبحت الخطط التنفيذية محلّ تجاذب بين الضبابية والتعميم تارة، وما بين الصرامة المبالغ فيها. لذا يجب تحديد المساحة التي يُجمع في غالب الظن على أنها تزيد عن حاجة المالك، ولا أجد الخلاف هنا جوهريًّا كونها خمسة آلاف متر مربع فأكثر، أو عشرة آلاف متر مربع فأكثر، فالأنسب لتحديد هذا الرقم هي اللجان المكلفة لذلك بناء على المعلومات الإحصائية التي لديهم مع ملاحظة أن تكون المساحة المعتبرة عبارة عن مجموع ما يملكه الفرد من تلك الأراضي ضمن نطاق جغرافي معيّن "مدينة جدة مثلاً" لا إجمالي مساحة الأرض الواحدة فقط. وأمّا بالنسبة للموقع والخدمات، فلا يختلف شخصان بأن الأراضي التي تقع ضمن النطاق العمراني هي بالأخص تشكّل نقطة ألم رئيسة للأزمة التي نمر بها سواء كانت تلك الأراضي مطوّرة أم لا. كما أن فرض رسوم على أحد النوعين دون الآخر سيكون له تأثير سلبي في فترة لاحقة من خلال ارتفاع أسعار الأراضي غير الخاضعة للرسوم لندخل في دوامة أخرى لا تقل ضررًا عن الوضع الحالي. أكد الشريف منصور أبو رياش -رئيس اللجنة العقارية بغرفة مكة المكرمة- أهمية إعادة النظر في إجراءات التراخيص للمخططات السكنية، وإعطاء مهلة لأصحاب المخططات الحالية لتصحيح أوضاعهم، ومن ثم تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء، مؤكدًا أن إجراءات التراخيص المتبعة حاليًّا عائق كبير في سبيل اعتماد المخططات، إذ تحتاج إلى سنوات، كما أن إلزام صاحب المخطط بتوفير خدمات البنية التحتية من كهرباء وماء هاتف واستقطاع 33% من المساحة لصالح المرافق الخدمية أدّت إلى ارتفاع الأراضي بشكل كبير، وبالتالي عجز شريحة كبيرة من المواطنين عن شراء أراضٍ وبناء مساكن عليها. المهلة يجب ألاّ تزيد عن عام واحد وأكد عبدالرحمن الغامدي "رجل أعمال" أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء هو الحل الجذري لمشكلة عدم توافر مساحات للبناء عليها، ومن المنتظر أن ينخفض سعر متر الأرض مقارنة بكلفة البناء، حيث وصل إلى 25% من تكلفة البناء، لكن لابد من إعطاء مهلة لملاك الأراضي البيضاء من أجل توفيق أوضاعهم على ألاّ تزيد المهلة عن عام، وهي مدة كافية لإثبات حسن النوايا وتأكيدها على أرض الواقع، خاصة وأن الهدف هو استغلال هذه الأراضي "المجمّدة" بغرض البيع والربح، وأن المساحات التي يجب أن تُعفى من الرسوم تقدر بمساحة ما تقدمه وزارة الإسكان للراغبين في السكن على أن يراعى عدد أبناء مالك الأرض، ولا يحق لهم المطالبة بأراضٍ من الدولة وغيرها، هذه المساحات لابد أن تخضع للرسوم، فصندوق التنمية العقاري يحتاج لدعم بمبلغ 30 مليار ريال سنويًّا لتمويل 60 ألف قرض سنويًّا، ولمدة 10 سنوات، وقروض الصندوق هي قروض حسنة. وأكد ضيف الله القرشي "رجل أعمال" أن فرض الرسوم على الأراضي البيضاء لن يحل المشكلة؛ لأن المواطن يريد مسكنًا، ولا يريد أرضًا، فوجود الأرض وحدها بدون تمويل كافٍ لن يسهم في توفير المساكن، ونتخوّف من أن يتحايل أصحاب الأراضي على القرار من خلال تسوير الأراضي، وتقسيمها لمساحات صغيرة، مؤكّدًا على أهمية إعادة النظر في إجراءات تخصيص المخططات، وقيام الدولة ممثلة في الأجهزة الخدمية بتوفير خدمات البنية التحتية، وتوصيلها للمخططات الجديدة لأنها تحصل رسوم شهرية من المواطنين مقابل هذه الخدمات. المزيد من الصور :
مشاركة :