وضعت ألوية العمالقة الجنوبية الحكومة اليمنية في مأزق بعد أن أوقفت هجومها على الحوثيين عند حدود شبوة، وتركت مهمة تحرير مأرب للقوات الحكومية التي عجزت عن وقف تقدم المتمردين الموالين لإيران في السنوات الماضية. وأعلن مسؤول في ألوية العمالقة السبت أن “العمالقة أكملت مهمتها بتحرير مديريات شبوة وتأمينها وصولا إلى طرد الحوثيين من حريب جنوب مأرب على حدود شبوة”، وأن “ما تبقّى من مأرب وغير محرر مخولة به الحكومة ولديها جيش قوامه مئات الآلاف من الجنود، وحان دورها في طرد الحوثيين من مأرب”. واعتبر مراقبون يمنيون أن توقّف العمالقة عن التقدم إلى ما بعد شبوة وحدودها يحمل رسالة إلى الحكومة اليمنية بأنها لو كانت جادة لتقدمت على الجبهات ولأمكن لها هزيمة الحوثيين واستعادة الأراضي التي سيطروا عليه، مشيرين إلى أنها أقامت الحجة على قوات حكومية عجزت أمام المتمردين بالرغم من الدعم الذي حصلت عليه من التحالف العربي عسكريا وماليا وسياسيا. وفي الوقت الذي كانت فيه قوات العمالة تتقدم على الأرض، كانت أطراف من الشرعية تهاجمها إعلاميا، وخاصة حزب الإصلاح الإخواني الذي لم يخف انزعاجه من المكاسب التي حققتها تلك القوات في مناطق كان يخطط للسيطرة عليها على المدى البعيد. كما تثار شكوك كبيرة على تنفيذه انسحابات أمام الحوثيين ضمن تفاهمات سرية. وكان عدد من الضباط في شبوة قد أعلنوا انشقاقهم عن حزب الإصلاح، متهمين الحزب بالتواطؤ مع المتمردين الحوثيين، والسعي لتسليم بقية مديريات شبوة للحوثيين على غرار ما حدث في بيحان وعسيلان وعين قبل أن تستعيدها قوات العمالقة. وقال عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي سالم ثابت العولقي في تصريحات سابقة لـ”العرب” إن “جميع المؤشرات تؤكد توجه الإخوان وميليشياتهم إلى تسليم ما تبقى من مديريات شبوة للحوثيين”، وهو أحد الأسباب المباشرة التي دفعت العمالقة إلى التوجه إلى المحافظة ومنع سقوطها بالكامل بأيدي المتمردين. ويرى المراقبون أن نجاح العمالقة على الأرض وتوقفهم عند حدود شبوة وجها رسالة قوية إلى الحوثيين مفادها أن عليهم أن يتخلوا عن فكرة الحسم العسكري وأن يقبلوا بالحل التفاوضي ضمن المسارات التي أقرتها الأمم المتحدة، وكانوا هم أول من يخرقها. ويشير هؤلاء إلى أن تدخل العمالقة في المعارك كان بالتنسيق مع التحالف العربي، وأن توقفهم عند حدود شبوة كان رسالة من التحالف أيضا على أنه يدعم خيار التفاوض وأنه لو أراد الحسم العسكري فإن لديه من الإمكانيات ما يجعله قادرا على الحسم. ونفى مسؤول العمالقة الذي تحدث لوكالة الصحافة الفرنسية أن تكون قواته قد انسحبت من الجبهات قائلا “القوة التي أعادت التموضع لم تترك الجبهات، وإنما بدأت بوضع تحصينات دفاعية لصد أيّ هجمات عسكرية للحوثيين”. وكانت الألوية المؤلفة من عسكريين في الجيش اليمني السابق ومتطوعين أعلنت الجمعة انسحابها من محافظة شبوة الاستراتيجية (وسط) بعدما استعادتها من المتمردين في العاشر من يناير. وقالت القوّات في بيان إنّها “استكملت عملية إعصار الجنوب والتي تكللت بتحرير مديريات بيحان في محافظة شبوة ومديرية حريب في محافظة مأرب من قبضة الميليشيات الحوثية”. وبعد استعادة مديريتي بيحان وحريب، والإعلان عن “تأمين شبوة”، بدا وكأنّ ألوية العمالقة ستواصل تقدمها لاستعادة المناطق التي سبق وأن سيطر عليها المتمردون جنوب مدينة مأرب، لكنّهم أوقفوا حملتهم الجمعة. وبحسب البيان، فإنّ الألوية قامت “بإعادة تموضع لقواتها في محافظة شبوة بعد تحرير مديريات بيحان وحريب وتأمينها لمحافظة شبوة بشكل كامل من ميليشيات الحوثي”. وأضاف “بعد النجاح الكبير الذي حقّقته قوات العمالقة الجنوبية في عملية إعصار الجنوب، بدأت بنقل ألويتها إلى عرينها”. المتمردون الحوثيون يشنون هجماتهم باستخدام طائرات دون طيار من صنع إيراني وبدأت ألوية العمالقة التحرك من مقر عملياتها الرئيسي في غرب اليمن جنوب محافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر نحو مناطق أخرى في نوفمبر، بينما كان الحوثيون يتقدمون نحو مدينة مأرب، آخر معاقل الحكومة في الشمال. وفي السابع والعشرين من ديسمبر أعلنت هذه القوات أنها أرسلت قوات عسكرية باتجاه محافظة شبوة بهدف “تحرير المديريات التي سقطت بأيدي ميليشيات الحوثي في محافظة شبوة”. وتأسّست ألوية العمالقة في أواخر العام 2015 في منطقة الساحل الغربي، وتضم 15 ألف مقاتل على الأقل، وهي مدعومة إماراتيا. وقد دفعت خسارة الحوثيين لشبوة المتمردين إلى مهاجمة الإمارات بصواريخ باليستية. واعتبر مراقبون سياسيون الهجوم الحوثي على الإمارات وتوسيع دائرة التوتر في المنطقة خطأ استراتيجيا سيغير مسار الحرب اليمنية على الصعيد العسكري والسياسي والدبلوماسي وسيسهم في تحجيم الميليشيات الحوثية، مشيرين إلى أن استهداف الإمارات كان بمثابة مغامرة انتحارية خاصة أن الحوثي يدرك جيدا أن الإمارات تعمل في الميدان بآليات مختلفة وجديدة هو غير قادر على اختراقها أو التصدي لها. كما ساعد هذا في إنضاج موقف إقليمي ودولي برزت أولى نتائجه من خلال الإجماع الذي حظي به قرار مجلس الأمن لإدانة “الأعمال الإرهابية” التي ارتكبها الحوثيون باستهدافهم للأعيان المدنية في أبوظبي، كما جاء في بيان المجلس.
مشاركة :