تحدى مجلس النواب الأميركي تهديد الرئيس باراك أوباما باستخدام حق النقض (الفيتو) ووافق بغالبية كبيرة أول من أمس على تشريع يدعمه الجمهوريون بتعليق برنامج الرئيس لاستقبال عشرة آلاف لاجئ سوري العام المقبل وتشديد عمليات الفحص الأمني لهم. وجاء ذلك في وقت أعرب «الائتلاف الوطني السوري» المعارض عن شعوره بالصدمة للتصريح الذي أدلى به المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية بن كارسون والذي شبّه السوريين الهاربين من بلادهم بـ «الكلاب المسعورة». وجاء تصريح كارسون، جرّاح الأعصاب المتقاعد والمرشح لانتخابات الرئاسة الأميركية في العام 2016، خلال توقفه في ولاية الاباما (جنوب). وقال كارسون «علينا التمييز بين الأمن والإنسانية»، في معرض حديثه عن استقبال لاجئين سوريين في الولايات المتحدة. وأضاف: «إذا كان هناك كلب مسعور في الحي فعلى الأرجح لن ترى فيه خيراً كما أنك ستبعد أولادك عن طريقه، لكن ذلك لا يعني انك تكره الكلاب». ودعا كارسون إلى «اعتماد آليات تدقيق لتمييز الكلاب المسعورة». وأوردت «شبكة شام الإخبارية» أمس تصريحاً لـ «الائتلاف الوطني السوري» اعتبر فيه أن أقوال كارسون «تفتقر إلى اللباقة والحسّ الإنساني السليم الذي يستدعي إدانة ديكتاتور سورية بشار الأسد الذي تسبّب في قتل ٤٠٠ ألف مدني وتهجير ما يزيد عن نصف الشعب السوري، وليس المسّ بضحاياه». ودعا «الائتلاف» إدارة أوباما والكونغرس والحزبين الجمهوري والديموقراطي إلى إدانة تصريحات كارسون والمواقف المماثلة لما أدلى به و «التمييز بين الهاربين من طغيان الأسد والجهات التي تستغل معاناة الشعب السوري للقيام بأعمال إرهابية مُدانة». ويأتي تعليق كارسون في اليوم نفسه الذي صوّت فيه مجلس النواب الأميركي على قرار بتعليق استقبال لاجئين سوريين وعراقيين في الولايات المتحدة إلى أن يتم تطبيق آليات تدقيق أكثر صرامة. وأقر النص بتأييد الغالبية الجمهورية مدعومة بعدد من الديموقراطيين وحصل على 289 صوتاً مقابل 137 على أن يُطرح على مجلس الشيوخ. ويعكس التصويت على النص موجة رفض اللاجئين السوريين التي عمت البلاد إثر اعتداءات باريس التي أوقعت 130 قتيلاً في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) في خضم حملة الانتخابات التمهيدية إلى الرئاسة الأميركية. وصرح رئيس مجلس النواب بول رايان وهو جمهوري بأن التشريع سيوقف البرنامج الذي أعلن عنه البيت الأبيض في أيلول (سبتمبر) للسماح بدخول عشرة آلاف لاجئ سوري خلال العام المقبل. وقال إن من الضروري التحرك بسرعة «حين يكون أمننا القومي في خطر». وصرحت لوريتا لينش وزيرة العدل الأميركية بعد تصويت مجلس النواب بأن عمليات الفحص هذه غير عملية ومستحيلة. وقالت لينش في إفادة صحافية مع جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الاتحادي «أن تطلب مني أن أجعل مدير مكتب التحقيقات الاتحادي وأعضاء آخرين في الإدارة يقدمون ضمانات شخصية سيوقف فعلياً البرنامج تماماً». وجاء التصويت وانشقاق بعض الديموقراطيين على سياسة البيت الأبيض رغم المناشدة الأخيرة التي أطلقها كل من وزير الأمن الداخلي جيه جونسون وكبير موظفي البيت الأبيض دينيس مكدونو لتوحيد أصوات الديموقراطيين. كما جاء عقب تراشق عصيب بين المشرعين وآن ريتشارد مساعدة وزير الخارجية لشؤون السكان واللاجئين والهجرة حيث رد الجمهوريون بتشكيك في تأكيدها أن احتمال أن يكون أي من اللاجئين السوريين «إرهابياً» احتمال «ضئيل للغاية». وقال بعض الجمهوريين إن بعض اللاجئين ربما يكونون متشددين عازمين على تنفيذ هجمات بالولايات المتحدة مستشهدين بتقارير ذكرت أن واحداً على الأقل من منفذي هجمات باريس ربما تسلل إلى أوروبا بين مهاجرين سجلوا في اليونان. ويعطي التصويت مشروع القانون غالبية الثلثين التي يحتاجها المجلس للتغلب على حق النقض الذي يملكه الرئيس الأميركي. غير أن التشريع سيحال الآن إلى مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون أيضاً لكن بغالبية أقل. ويتعين حصول المجلسين على غالبية الثلثين لتجاوز حق النقض الذي يتمتع به أوباما. وكان البيت الأبيض قد قال إن مشروع القانون يفرض «متطلبات غير ضرورية وغير عملية» ستعرقل جهود الولايات المتحدة لمساعدة بعض الأشخاص الأكثر عرضة للمخاطر في العالم.
مشاركة :