يواجه الموظفون العائدون إلى مكاتبهم في ظلّ استمرار الجائحة، الكثير من الأسئلة المستجدة: ما الإجراءات الصحية الاحترازية المفروضة؟ ما مدى الازدحام في المقصف؟ ما غرف الاجتماعات المتوفّرة؟ وكيف يحصل الزوّار على أذونات الدخول إلى المبنى؟ لتسهيل هذه التغييرات، عمد عددٌ متزايد من المديرين إلى استخدام تطبيقات إلكترونية تزوّد العاملين بالإجابات التي يبحثون عنها. تطبيقات المباني تُصمم تطبيقات المباني لتأمين تواصل شاغلي المكاتب مع أقسام الصيانة والأمن والأنظمة اللوجيستية وبرامج بناء المجموعات. بدأت هذه التطبيقات باكتساب الشعبية عام 2018 كوسيلة لتعزيز فاعلية المكاتب، وزاد انتشارها خلال الجائحة في ظلّ محاولات أرباب العمل حثّ الموظّفين على العودة إلى المكاتب من خلال تعزيز سلامة وسهولة أداء المهام. رأت ميغان روني، النائب الأوّل لرئيس قسم العمليات في شركة «جي إل إل» العالمية المتخصصة في تجارة العقارات، أنّ «فيروس كوفيد سرّع دون شكّ تطوير هذه التطبيقات، وسرّع ووسّع حالات استخدامها». تتيح هذه التطبيقات تخصيصها لتناسب كلّ موقع وكلّ مستأجر، بالإضافة إلى إمكانية توسيعها قدر المستطاع. يستطيع الموظفون استخدام التطبيق للدخول إلى المبنى وحجز غرف المؤتمرات وطلب الصيانة، بالإضافة إلى الحصول على المعلومات الضرورية لسلامتهم بسرعة كتلك الخاصة بالطوارئ أو الكوارث الطبيعية في المبنى. كما يستطيع مديرو المبنى من خلالها مراقبة استخدام غرف العمل وغيرها من المساحات. تسهم هذه التطبيقات خلال الجائحة أيضاً في تعزيز الشعور بالسلامة في المكاتب من خلال نشر المعلومات الصحية في جميع أنحاء المبنى وتقليل التفاعل الجسدي. إلا أن انتشار هذه التطبيقات التي تتعقّب العاملين في مكان عملهم يؤدّي أيضاً إلى تزايد التحذيرات من المدافعين عن الخصوصية. وتلفت روني إلى أنّ «المعيار المعتمد في الصناعة بات امتلاك كلّ مبنى تطبيقه الخاص، إذ لا تخلو المحادثات مع المستثمرين اليوم من السؤال عن أفضل تطبيق في هذا المجال». زادت شركة «جي إل إل» استثماراتها في منصّة «إتش كيو أو» الخاصة بتطبيقات الأبنية من خلال جولة لجمع التبرعات العام الماضي. وتوجد شركات أخرى تركّز اليوم على تطوير تطبيقات المباني وأبرزها «كوهيغن» و«رايز بيلدينغز» و«هيلو». وفي مجمّع «شيكاغو لوب»، بدأت 15 شركة في برجٍ مكتبي اسمه «77 ويست ويكر» باستخدام «تطبيق ترانس ويسترن هاب TranswesternHub building app» من تطوير «كوهيغن» في يوليو (تموز) الماضي. أتاح هذا التطبيق لروزالين غريفن، مديرة في البنك الاستثماري «روتشيلد آند كو»، استخدام هاتفها للقيام بمهام بسيطة كالتقدّم بطلبات للصيانة أو تلقي إشعارات تفيد بوصول الزوار، ما يمنحها المزيد من الحرية لمغادرة مكتبها. ولكنّ الميزة المفضّلة بالنسبة لها في التطبيق هي إمكانية طلب المصعد بواسطته عند دخولها إلى المبنى. وصفت غريفن الأمر على الشكل التالي: «تتجاوز هذه الزاوية وتجد المصعد حاضراً. الأمر سهلٌ جداً». يستفيد موظفون آخرون في المبنى من التطبيق أيضاً، ولا داعي لقلق أحد من نسيان أو خسارة بطاقة المفتاح، حتّى إنّ أولئك الذين يعملون حتّى ساعات متأخرة أو خلال عطلة نهاية الأسبوع يستطيعون التحكّم بدرجة حرارة المكتب وحجز غرف للمؤتمرات. مزايا الصحة والسلامة خلال الجائحة، أصبحت مزايا الصحّة والسلامة الهاجس الأوّل في أثناء تطوير هذه التطبيقات وأبرزها بروتوكولات الحد من فيروس «كورونا»، ومعلومات تعقّب الاحتكاك، وإنذارات الطوارئ. وقد كشفت آني بانتيلي، رئيسة قسم العمليات في برج «بيشوبسغيت 22» المكتبي الذي يتألّف من 62 طابقاً وافتُتح عام 2020 في حي لندن المالي، أنّهم «لا يحتاجون للتواصل مع كلّ شركة للحصول على معلومات عن موظفيها». وكان البرج قد تعاون مع شركة «سمارت سبيسز» لتطوير تطبيق خاص للمبنى. تشير آني بانتيلي إلى أنّ مستأجري هذا النوع من المباني يسعون إلى زيادة العمليات «الخالية من الاحتكاك». حسناً، توفّر تطبيقات المباني بعضاً من هذه المزايا كإمكانية حجز الزوار مسبقاً لزيارتهم وتلقّي رمز الاستجابة السريعة لمسحه عند الدخول بدل تسجيل الدخول في مكتب الأمن. وتشرح بانتيلي أنّ «المبنى لا يزال يملك فريقاً من الموظفين في الرواق ولكنّهم يعملون كعناصر للترحيب». يضمّ تطبيق «ترانس ويسترن هاب» أبواباً آلية تفتح وتقفل دون لمسها لمرآب السيارات ومدخل المبنى والمصعد وغرف المؤتمرات والحمامات. ويعد هذا النوع من التطبيقات «أداة تقنية مهمّة تساعد النّاس على الشعور بالأمان بعد عودتهم إلى العمل في المكاتب»، على حدّ تعبير ميرنا كورونادو – بروكوفر، نائبة المدير الأولى في شركة الخدمات «ترانس ويسترن» المتخصصة في تجارة العقارات، والتي ساعدت في الإشراف على تقديم التطبيق في المبنى. تتيح تطبيقات المباني أيضاً مراقبة استخدام غرف المؤتمرات والمقاهي ووحدات ركن السيارات بهدف تحسين العمليات. يعدّ جمع البيانات هذا جزءاً من خطوة أكبر باتجاه «التقنية العقارية»، وهي عبارة عن مبدأ خاص بالعقارات يتيح للشركات مراقبة عدد الأشخاص الموجودين في كلّ قسمٍ من المبنى، ما قد يساعد في توفير تكاليف التدفئة والتبريد والإضاءة في المساحات غير المستخدمة. ولكنّ الناشطين المتخصصين في حماية الخصوصية لا يُخفون قلقهم من جمع البيانات الشخصية الخاصة بالموظفين. من جهتها، رأت لوري فيث كرينور، أستاذة الهندسة والسياسة العامّة في جامعة «كارنيغي ميلون» ومديرة مختبر «ساي لاب يوزابل برايفسي آند سيكيوريتي لابوراتوري»، أنّ الشركات تتعقّب استخدام موظفيها للهواتف والكومبيوترات ولكنّ هذه التطبيقات «تنقل مراقبة الموظفين إلى مستوى جديد». وشرحت كرينور أنّ هذه التطبيقات قد تسبب التوتر للموظفين الذين يشعرون أن تحرّكاتهم في العمل مُراقبة خصوصاً إذا كانت هذه الأنظمة تسجّل معلومات شخصية كإمضاء الموظفين الذي لا يعملون معاً وقتاً في مكتب الآخر أو عندما يستخدم أحدهم الحمّام بشكلٍ متكرّر. التعقّب والشفافية يجب على الشركات أن تعتمد الشفافية فيما يتعلّق بالمعلومات التي تتعقّبها، وكيفية استخدامها لها، وكيف ولماذا تصل إليها. وتشير كرينور إلى أنّ ممارسات الخصوصية يجب أن تختلف حسب أنواع البيانات التي تُجمع مع مراعاة مبدأ تشديد عملية الوصول إلى البيانات كلّما زادت خصوصيتها. وللمساعدة في تخفيف مخاوف الخصوصية، يجب على الشركات التي تستخدم تطبيقات الأبنية أن تُخفي هوية أصحاب البيانات عند الإمكان، حسب د. روهميير، أستاذ محاضر في معهد «ستيفنز إنستيتيوت للتقنية». وأضاف أنّ الكشف عن هويات الأفراد قد يكون ضرورياً عند تعقّب الاحتكاك بين الموظفين المصابين أو عند التحقيق في جريمة ارتُكبت في العقار، ولكنّ الوضع الغيابي للنظام يجب ألّا يكشف هوية الأشخاص دائماً. ورأى الأخير أنّ برنامج التعقّب في تطبيقات الأبنية يجب أن يكون محدوداً لأسبابٍ أخرى أيضاً لأنّ القراصنة المتخصصين في التجسّس على الشركات قد يتمكّنون من تحديد أنواع العمليات التجارية أو أنواع الاتفاقات والصفقات قيد الدّرس من خلال تعقّب الأشخاص الذين يجتمعون معاً مثلاً أو من خلال مراقبة العادات اليومية لمديري الصف الأوّل. وأضاف روهميير أنّه على الشركات مراعاة نوع البيانات المخزّنة ومدّة تخزينها. فقد يُصار مثلاً إلى الاحتفاظ ببيانات الحركة الخاصة بالموظفين لأسبوعٍ واحد لتعقّب إصابات الفيروس، بينما تُحفظ الإحصاءات المجهولة الهوية لزيارة واستخدام المقصف على قاعدة بيانات. * خدمة «نيويورك تايمز»
مشاركة :