بعد سبع سنوات من الصراع في اليمن وصلت صواريخ الحوثيين إلى أبوظبي وغيرت مسار المواجهة، وجعلت الإمارات تقود مساعي حثيثة لتدويل قضية الحوثيين وتصنيفهم على قائمة الإرهاب، مما يفتح باب التساؤلات حول توقيت هذا التحرك الأممي للإمارات والغاية منه، وعن احتمال بحث هذه الأخيرة عن تحرك دولي في اليمن ينهي تمرد الحوثيين ويقضي على نفوذ إيران جنوب منطقة الخليج. يبدو أن الأوضاع التي تمر بها منطقة الخليج اليوم تؤكد أن الحرب في اليمن تشهد تسارعا للأحداث، قد يذهب إلى الحسم في الأسابيع القادمة، حيث تزايد الضغط على الحوثيين على الأرض، وتلقوا ضربات موجعة في محيط شبوة وما جاورها وفشل هجومهم على مأرب، وهذا ما أدى بهم إلى ردة فعل عنيفة دفعتهم إلى إطلاق صواريخ في اتجاه العاصمة الإماراتية لأول مرة، في محاولة منهم لتنفيذ تهديد يخلط الأوراق ويجعل الإمارات تتراجع عن تقدمها في الجبهة. لقد أصبحت إيران متخوفة من سقوط الحوثيين أكثر من أي وقت مضى، مما جعلها تحاول توجيه المعركة نحو عواصم الخليج وتهدد أمن المنطقة برمتها، في محاولة أخيرة لتفادي سقوط وكيلها في اليمن، الذي تؤكد المعارك الدائرة داخله أنه في تقهقر مستمر. وبما أن الإمارات قد استشعرت الخطر المحدق بها في حال ما استمر دعم إيران للحوثي بطائرات مسيرة قادرة على الوصول إلى أبوظبي، أصبح البحث عن إدراج الحوثيين في قائمة الإرهاب، أمرا مهما، إذ أنه كفيل بأن يعطي الشرعية للقوات الأميركية بالدخول في الحرب الدائرة لحسمها، تحت ما يسمى الحرب على الإرهاب، وربما لممارسة الضغط على إيران وتهديدها بجملة من العقوبات الاقتصادية الجديدة في حال ما تعرضت الإمارات لهجمة جديدة. هنا ستجد إيران نفسها مجبرة على إعادة حساباتها وقراءة المشهد بصورة مغايرة إذ أن مصالحها ستكون عرضة لعقوبات الأمم المتحدة والولايات المتحدة التي لن تتسامح مع تعريض حلفائها في المنطقة للخطر. خطوة ذكية من الإمارات لقلب المعادلة في المراحل الأخيرة من الحرب، ولحماية نفسها ضد أي محاولة إيرانية لإنقاذ الحوثيين عن طريق تحويل الحرب إلى حرب إقليمية، وإن كانت إيران تحاول الابتعاد عن الشبهة وتطالب بوقف الحرب في اليمن كما جاء على لسان وزير خارجيتها إلا أنها تدرك تماما أن دول الخليج لن تستسلم أمام التهديدات التي يطلقها الحوثيون بطائراتهم المسيرة وصواريخهم الإيرانية. وسيشكل هذا التصنيف على لوائح الإرهاب صدمة كبيرة لإيران لأنها ستكون تحت طائلة المحاسبة الدولية بتهمة دعم وتمويل الإرهاب في حال ما تكرر أي استهداف لأراض إماراتية أو سعودية بصواريخ إيرانية. وحتى وإن كان بايدن غير مستعد للدخول في حرب جديدة قد تكلفه سقوط شعبيته، إلا أنه سيستغل الفرصة لابتزاز إيران وتوريطها بعقوبات جديدة رادعة، مما يزيد الضغط عليها في مسألة مفاوضات النووي. سقوط الحوثيين ونجاح العمليات العسكرية في اليمن، سيكون بمثابة الضربة القاضية لمصالح إيران في المنطقة بعد أن تراجعت هيمنتها في العراق، أما إذا استمرت الحرب، فسيكون مصير اليمن التحول إلى أفغانستان جديدة، تزدهر عبره تجارة السلاح والمخدرات ومعسكرات التدريب الإرهابية التي سيتم من خلالها استهداف عواصم أوروبية وربما الولايات المتحدة، حينها سيكون الندم على عدم التعامل مع الوضع غير مجد وسيحتاج جهودا ضخمة كان من الممكن تفاديها لو تمت معالجة الوضع مبكرا.
مشاركة :