أيهما أفضل: التركيز على جماليات كرة القدم أم الأشياء المثيرة للجدل؟

  • 2/2/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بعد 84 دقيقة و39 ثانية من المباراة التي فاز فيها ليفربول على كريستال بالاس يوم الأحد الماضي، ركض ديوغو جوتا نحو الكرة ولم يستقبلها بشكل جيد ثم وضع قدمه في طريق حارس كريستال بالاس، فيسنتي غوايتا. لقد استغرقت هذه اللعبة ثلاث ثوانٍ، لكن حكم اللقاء كيفن فريند شاهدها على ما يبدو 17 مرة عبر شاشة تقنية الفيديو المساعد (الفار) قبل أن يقرر منح ركلة جزاء لليفربول. لكن هذه الثواني الثلاث تم إعادتها وتحليلها بالطبع عن طريق قنوات وبرامج مثل «سكاي سبورتس» و«سكاي سبورتس نيوز» و«مباراة اليوم»، وعلى جميع وسائل التواصل الاجتماعي -شوهدت لقطة ركلة الجزاء نحو 400 ألف مرة على حساب «تويتر» التابع لقناة «سكاي سبورتس» بعد المباراة مباشرة. وإذا أضفنا إلى ذلك جميع المنشورات وصفحات المشجعين وكل الحسابات التي نشرت هذه اللحظة على كل المنصات، فهذا يعني أن ملايين منّا شاهدوا بشكل متكرر جوتا وهو ينزلق باتجاه حارس مرمى كريستال بالاس ويسقط على الأرض ويحصل على ركلة جزاء. وعلّق المهاجم الإنجليزي السابق ومحلل المباريات الحالي، آلان شيرار، على ما حدث قائلاً: «إنه قرار مشين للغاية، ويجعلني أشعر بالغضب». أما غلين هودل فقال: «إنه هراء. محض هراء». وقال نيل وارنوك: «الأندية الكبرى كثيراً ما يُحتسب لها مثل هذه الأشياء». واستخدم مارك كلاتنبيرغ وكيث هاكيت أعمدة الصحف الوطنية للحديث عن ركلة الجزاء المثيرة للجدل، التي كانت أيضاً مثار جدل كبير بين الكثيرين على مدار ساعات طويلة في مكالمات هاتفية أو قنوات على موقع «يوتيوب» أو مدونات صوتية. وعلى النقيض من ذلك، كانت الثواني الثلاث السابقة من المباراة شيئاً من الجمال التام، حيث قطع ترينت ألكسندر أرنولد الكرة ولعب تمريرة شبيهة بالسهم لمسافة 50 ياردة في اتجاه جوتا، الذي استقبل الكرة بمهارة استثنائية واتخذ قراراً في جزء من الثانية ووضع الكرة في المرمى بشكل رائع. في الحقيقة، يسلط هذا الضوء على سخافة كيفية استهلاكنا لكرة القدم -وقلة الوقت الذي نقضيه في الحديث عن الجزء الذي يلعب فيه اللاعبون الكرة، والذي يبدو في النهاية أنه جزء مهم جداً من القضية برمّتها. إنني أقترح أن نتوقف عن الحديث كثيراً عن الوقت المحتسب بدلاً من الضائع أو عن القرارات التحكيمية المثيرة للجدل في نهاية الأسبوع وأن نستبدل بذلك مثلاً الحديث عن أفضل 10 ركلات حرة في نهاية كل أسبوع. ويأخذنا هذا للحديث عمّا نقدّره حقاً في هذه اللعبة وما نريده منها. وقبل محاولة ادّعاء أي شكل من أشكال المبادئ الأخلاقية العالية في كل هذا، أود أن أشير إلى أنني مذنب بنفس القدر، لأنني أنا أيضاً بدأت المدونة الصوتية (بودكاست) يوم الاثنين بالحديث لمدة خمس دقائق كاملة عن ركلة الجزاء المثيرة للجدل التي احتُسبت لغوتا، ثم أشرت سريعاً إلى التمريرة الاستثنائية لألكسندر أرنولد، قبل الانتقال للحديث عن المباراة نفسها. ومن الواضح أن هناك ميزة في مناقشة القرارات التي تغيّر نتائج المباريات، وتقنية «فار» والبشر الذين يقفون وراء تلك التقنية. إننا نرى من حين لآخر بعض اللمحات المهارية الاستثنائية التي تأسر عقولنا وتجعلنا نتوقف عن الحديث عن أي شيء آخر ونركز عليها فقط، مثل تسديدة تياغو ألكانتارا الخرافية أمام بورتو في دوري أبطال أوروبا، والتي كانت تشبه لوحة فنية مرسومة بدقة فائقة. ويجعلنا هذا نطرح السؤال التالي: كيف يمكن للاعب أن يأرجح قدمه بهذا الشكل الرائع ليجعل شخصاً آخر على بُعد أميال يحصل على الشعور بالمتعة وإطلاق صرخة سعادة لا إرادية وهو يجلس على الأريكة؟ إنها بالتأكيد إثارة ومتعة وجمال كرة القدم! من المؤكد أن المشجعين المختلفين يريدون أشياء مختلفة، لكن أنا شخصياً لا شيء يسعدني أكثر من مشاهدة توم هادلستون، نجم خط وسط هال سيتي حالياً، وهو يركض بالكرة في جميع أنحاء الملعب برشاقة كبيرة. هناك من يريدوننا أن نتحدث عن كرة القدم فقط، لكن اتضح أنه من الصعب للغاية عدم الحديث عن الظلم الملحوظ والأجندات المختلفة والغضب من قرارات الحكام، أو حتى عن قَصّة شعر لاعب معين. لا يوجد نقاش حول الركلة الخرافية لتياغو ألكانتارا، ولم نرَ سجالاً بين روي كين وغرايم سونيس على الهدف الرائع الذي سجله يوسف مشنغاما لمنتخب جزر القمر في مرمى الكاميرون، أو الهدف الاستثنائي الذي سجله غابادينهو مهانغو لمنتخب مالاوي في مرمى المغرب. لقد كانت هذه مجرد تسديدات رائعة. وبمجرد أن تصفها بتلك الكلمات، ما الذي يمكنك إضافته أكثر من ذلك؟ وتؤدي الخلافات (الحقيقية) إلى تحليل أكثر إثارة للاهتمام. من الأسهل بكثير إثارة الجدل حول الحاجة إلى الفطرة السليمة والاتساق، لتحميل الحكم الإنجليزي الشهير مايك رايلي المسؤولية عن جميع المشكلات في اللعبة. إنني أتساءل: كم منّا يريد بالفعل أن يكون كل قرار صحيحاً، أم أننا لاشعورياً نريد أن نشعر بأن العالم بأسره يقف ضدنا؟ هناك شعور حقيقي بأن بعض المشجعين مصممون على إيجاد «دليل» قاطع على وجود أجندة ضد فرقهم. كما أن الشعور بالظلم يجمع المشجعين معاً. إنه يوحّدنا. أنا شخصياً ما زلت منزعجاً بعض الشيء من عدم حصول ديفيد أوليري على البطاقة الحمراء بعد إسقاطه لجون تايلور لاعب كامبريدج بينما كان في طريقه للانفراد بالمرمى في ربع نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي عام 1991! وفي التسلسل الهرمي للأشياء المهمة في الواقع، فإن فن لعب الكرة يعد بعيداً جداً عن الجوانب الأخرى من اللعبة ويتلقى الحد الأدنى من التغطية الإعلامية بالمقارنة مع حكم الفيديو المساعد والحكام. وليس لدينا التوازن الصحيح عندما يتعلق الأمر بمناقشة الأمور السهلة، وتغطية الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان والعنصرية وكراهية النساء. إنها قائمة محبطة ومتنامية. لكن عندما يتعلق الأمر بهذه الأشياء السهلة، فعندما نحلل مباراة كرة قدم، بغضّ النظر عمّا إذا كانت في استوديو تلفزيوني أو في حانة، فإننا نتخذ جميعاً قرارات تحريرية. أيُّ جزء من تلك اللعبة أثار اهتمامنا أكثر؟ وما أهم اللحظات؟ وما الأشياء التي استمتعنا بها؟ وما الذي جعلنا نشعر بالغضب؟ وما الذي جعلنا نضحك؟ وما الذي جعلنا نبكي؟ أنا شخصياً أستمتع بالحديث عن كل ذلك، وأتساءل أحياناً عمّا إذا كان يتعين علينا قضاء المزيد من الوقت في الإعجاب بمدى براعة هؤلاء اللاعبين في فن كرة القدم -لأن هذا هو الشيء الذي يبدأ وينتهي عنده كل شيء! لكننا في نفس الوقت يجب أن نقدّر المشاعر التي انتابت باتريك فييرا، مدرب كريستال بالاس. فقد أثار قرار احتساب ركلة الجزاء في الدقائق الأخيرة بسبب المخالفة ضد جوتا بعد مراجعة طويلة من حكم الفيديو المساعد، غضب فييرا. وقال فييرا بعد المباراة: «القرار الخاطئ من الحكم كان له تأثير كبير على المباراة. يجب أن تطلب من الحكم التحدث إليك وشرح القرار بنفسه. أعتقد أن جوتا كان ذكياً حقاً. كرة القدم تتعلق بالاحتكاك. نعقد اجتماعات مع الحكام ويخبروننا بأن كرة القدم تتعلق بالاحتكاك، وأن هذا الاحتكاك جزء من المباراة». وأضاف المدرب الفرنسي: «والآن أخطأوا. أشعر بالإحباط حقاً من القرار. لقد رأيت اللعبة عدة مرات، لم تكن أبداً ركلة جزاء».

مشاركة :