تحقيق: محمود محسن أكد عدد من التربويين والمعلمين في الميدان التربوي، أهمية المناهج المتطورة لجميع المراحل الدراسية، لمواكبة المتغيرات العالمية المتسارعة في قطاع التعليم، لاسيما أن الارتقاء بالمستوى التعليمي بات مصدر اهتمام القيادة الرشيدة للدولة وعلى رأس أولوياتها، فضلاً عن بناء أجيال متسلحة بالعلم والمعرفة، تسطيع الإمارات أن تعول عليهم في مجابهة تحديات المستقبل، وتحقيق التنافسية العالمية في القطاعات كافة. الواقع قد يفرز بعض التحديات التي تواجه العناصر التربوية كافة في الميدان، أبرزها ضعف الطلبة في القراءة والكتاب، لاسيما اللغة الإنجليزية، الأمر الذي يسهم في صعوبة اكتساب الطلبة ثقافة تطوير المناهج، فضلاً عن احتياجات بعض المعلمين للتدريب المستمر الذي يواكب المناهج المطورة ومساراتها وأهدافها في المرحلة المقبلة. رصدت الخليج من مختلف إمارات الدولة، عدداً من الاقتراحات حول وسائل تدريس المناهج المطورة ومدى تأثرها في مخرجات التعليم في شتى المراحل الدراسية. معاناة طفل صغير تقول ولية الأمر أم عبد الرحمن يعاني طفلي في الصف الثالث الابتدائي قرار تغيير المناهج والمقررات المتعلقة بمدارس الغد، والتي صارت تدرس باللغة العربية، خاصة بعد أن اعتاد على دراسة المواد العلمية كالرياضيات والعلوم باللغة الإنجليزية، منذ بداية التحاقه في المراحل الابتدائية، وتكمن المعاناة لديه في الكتابة، إذ تحولت الدراسة في المواد العلمية للاعتماد على كتابة الأرقام حرفياً لا رقمياً، ما يشكل لديه عائقاً كبيراً. وأضافت اللغة الإنجليزية مهمة وضرورية مستقبلاً في مجالات عدة ومختلفة، ولمست ذلك خلال دراستي في المرحلة الجامعية خاصة عندما واجهتني الصعوبات في اجتياز اختبارات اللغة الإنجليزية التوفلوالأيلتس، وهو ما جعلني حريصة على تعليم أبنائي منذ الصغر اللغة الإنجليزية في وقت مبكر وتأسيسهم جيداً، وكانت فكرة مدارس الغد في غاية الصواب ومتماشية مع ما رغبت فيه، لذا لم ألجأ للمدارس الخاصة وتوجهت للمناهج الوزارية التي تعنى باللغة الإنجليزية، ولكن بعد قرار تغيير مناهج مدارس الغد لتصبح الدراسة باللغة العربية، أفكر جدياً في نقل ابني إلى مدرسة خاصة ذات المناهج الأجنبية لاستكمال دراسته. صعوبة استيعاب المقرر وفي الإطار ذاته تحدث (ط. أ) قائلاً: منذ الإعلان عن تحويل المناهج لتدرس باللغة العربية في بداية العام الدراسي، وأنا أتابع على مدار 3 أسابيع، بما لا يقل عن 3-4 زيارات أسبوعيا ً مع إدارة المدرسة التي التحق بها ابني قبل عدة سنوات لكونها من المدارس النموذجية، لمعرفة ما إذا كان سيستمر المنهج باللغة العربية أم أنها مدة مؤقتة وسيعود النظام كما هو عليه، إلا أن التذبذب والتخبط لدى إدارة المدرسة يعيق حصول أولياء الأمور على الجواب الشافي. وتابع يعاني ابني صعوبة بالغة في استيعاب المقرر الجديد، ما تسبب له في حالة نفسية صعبة لكونه يجد نفسه غير قادر على الفهم والتعاطي مع المعلمين خاصة في مادة الرياضيات، أقف عاجزاً عن التفكير والتصرف خاصة أن إدارة المدرسة لن تشعرنا مسبقاً بتغيير المنهج ولم تمنحنا الوقت الكافي قبل بداية العام الدراسي لتدبر أمرنا والتصرف بالانتقال إلى مدرسة أخرى، بل فوجئت في بداية العام الدراسي بتسلم ابني مقررات جديدة باللغة العربية على عكس السابق، وأصبح الأمر أكثر صعوبة بعد مرور 3 أسابيع على الدراسة ووقف القبول والتسجيل بالمدارس الخاصة. حمل الأقساط الشهرية بينما تقول أم محمد أبنائي بمدارس خاصة ذات المناهج الأمريكية، أدرك مدى ضرورة اللغة الإنجليزية لدى الأجيال القادمة وعلى هذا الأساس لم أتردد في اللجوء إلى تلك المدارس، إلا أنه في المقابل لا يمكن إنكار عبء تكاليفها، خاصة وأن لدي أكثر من طفل في مراحل مختلفة، ما يثقل من حمل الأقساط الشهرية، ومع انطلاق مدارس الغد وما تضمه من مناهج أشبه بالمناهج في المدارس الخاصة، مع تواجد مشرفين أجانب على المنهج، فكرت في نقل أبنائي إلى تلك المدارس. وتابعت مع حالة عدم الاستقرار الذي تشهده الأنظمة الدراسية في المدارس الحكومية، وتغيير المناهج بمدارس الغد، إذ أصبحت أفكر مراراً وتكراراً قبل نقلهم، وتكرار المآسي التي حدثت مع أصدقائنا وأقاربنا، فالطالب في حاجة إلى استحداث مناهج تجعله قادراً على استيعاب أي مستجدات تطرأ على العملية التعليمية. ووافقتهم الرأي ولية الأمر أم سعيد حيث قالت: لدي طفلان أحدهما في الثاني الابتدائي والآخر في الرابع الابتدائي، التحقا بمدارس الغد لقوة المناهج الدراسية بها وتركيزها بشكل مكثف على اللغة الإنجليزية، وكوني أشرف على دراستهما بين الحين والآخر، أجد أن مقرراتها لا تختلف كثيراً عن مقررات المناهج الأمريكية التي يتعلمها أبناء صديقاتي، الأمر الذي جعلني عازمة على الاستمرار في بقائهما بمدارس الغد التابعة للمناهج الوزارية، خاصة أن اللغة الإنجليزية أصبحت عنصراً أساسياً في التخصصات الجامعية، وما بعد الجامعة، إذ إن سوق العمل في الإمارات يتطلب إتقان اللغتين العربية والإنجليزية. وتابعت ولكن التغيرات الجديدة التي طرأت على المناهج وتغيرها لتدرس باللغة العربية، شكلت معاناة كبيرة لدى أبنائي، ومأساة في التأقلم على المنهج الجديد، إذ يجدون صعوبة بالغة في الكتابة والنطق باللغة العربية، كما أن المقررات الجديدة ما زالت تجريبية وصغيرة، إذ ما قورنت بما قبلها في العام الماضي، ولم يعد الاهتمام باللغة الإنجليزية كما كان مسبقاً، إذ قُلصت عدد الحصص إلى 5 حصص أسبوعياً على عكس مدارس الغد، الأمر الذي دعاني للقلق على مستقبل أبنائي، أرغب فعلياً بنقلهم وإلحاقهم بمدارس خاصة، إلا أن بعد المسافة وعدم توفر الوقت الكافي لتوصيلهم يقف حائلاً دون نقلهم. وأضافت عانيت كثيرا منذ بداية العام الدراسي وحتى يومنا هذا من الحصول على الزي المدرسي كاملاً لأبنائي، نواقص في مختلف الأنواع والمقاسات وتأخير في إحضارها لمراكز البيع بالإمارة، كما أن سوء التنظيم كان أحد أسباب عدم القدرة على إيجاد المقاسات المناسبة، لجأت لتفصيل الثياب للالتزام بالزي الموحد، إلا أنني لم أجد التعاون من قبل أصحاب محال تفصيل الثياب، وذلك خوفاً من الوقوع في المخالفة والمقدرة ب500 درهم حسب قولهم، ما اضطرني إلى إجبار ابني على ارتداء ملابسه العادية، لحين وصول دفعات جديدة من الزي الموحد، ولم يكن طفلي الوحيد المخالف بالمدرسة ّإذ لاحظت وجود العديد من الطلبة المخالفين للزي والسبب هو نقصها وعدم توفرها. كميات لم تتوفر وتشاركها المعاناة أم عيسى حيث قالت: هناك نواقص عديدة في الزي المدرسي الموحد خاصة المقاسات الكبيرة وزي الرياضة لطلبة المرحلة الابتدائية، أبنائي الثلاثة في المرحلة الابتدائية وكل منهم لديه نواقص في زي ما، قبل بداية العام الدراسي توجهت إلى مراكز بيع الزي الموحد بالإمارة في الأيام الأولى لتفادي الوقوع في تلك المواقف ونفاد الكميات، إلا أن هناك العديد من الكميات لم تتوفر بالأساس، وبعد مرور أسبوعين من العام الدراسي اضطررت للتوجه إلى أحد المراكز في إمارة أخرى للحصول على حاجتي من الأزياء. أما أبو محمود فيقول: تعلم الطالب واكتسابه للمعلومة يأتي بالتجربة العملية وتراكم الخبرات، وبالتالي يصبح قادراً على استيعاب المزيد من المعلومات والمعرفة، إلا أن الأنظمة الجديدة التي تعتمد على استخدام الآلة الحاسبة، تجعل من عقل الطالب غير متجدد وغير متحفز لاستقبال الجديد من المعلومات، أو لإجراء العمليات الحسابية التنشيطية، كما أن استخدام الحاسوب والسهولة في استخراج المعلومات، يولد لدى الطلاب الشعور بالاعتماد على الغير في اكتساب المعلومة وعدم اللجوء للكتب والمراجع، للبحث من خلالها والتعرف الى المعلومات الجديدة. آراء الطلاب كما شاركت الخليج معاناة ومشاكل الطلاب في الميدان التربوي حيث قال الطالب فهد محمد خلفان: زيادة ساعات الدوام المدرسي صارت أمراً مهلكاً للطالب، لم يعد هناك الوقت الكافي بعد العودة من المدرسة لتناول وجبة الغداء وأخذ قسط من الراحة لمراجعة الدروس أو التحضير من أجل الاختبارات الشهرية، كما أن ارتفاع درجات الحرارة يلعب دوراً بارزاً في إنهاك الطالب قبل نهاية الموعد المحدد من الدوام الرسمي، وبالتالي يصبح من المستحيل تلقي أي معلومة جديدة أو محاولة حل أي معادلة حسابية. وشاركه الرأي الطالب عبد الله أحمد الشققي قائلاً: زيادة ساعات الدوام المدرسي أصبحت عبئاً لما تشكله من ضغوط على الطلاب، تكدس المعلومات طوال تلك الفترة الطويلة يجعل من الصعب على الطالب استيعابها بالشكل المطلوب، ما سينعكس على مستواه التعليمي خلال العام الدراسي. وأضاف: إدخال درجات كل من مادتي الحاسوب واللغة الإنجليزية على المجموع الكلي يضر بمصلحة الطلبة، ويؤثر في المجموع خاصة لدى طلبة الثاني عشر، سابقاً كانت الاختبارات غير وزارية وبالتالي فإن الطالب غير محاسب عليها في نهاية العام. معاودة الاختبار مكلفة بينما يقول الطالب حذيفة محمد طيب: إن العمل بنظام الفصول الدراسية الثلاثة، يفقد الطالب الكثير من الدرجات بسبب تفاوت توزيع الدرجات، خاصة بين الفصلين الثاني والثالث، كما أن معاودة الاختبار في المواد التي تم اجتيازها في الفصل الثاني مرة أخرى في الفصل الثالث تكاد تكلف الطالب الكثير من الوقت والجهد، إذ إنه من الصعب على الطالب بعد إنجاز كمية من المقرر تذكرها ودراستها مجدداً. وتابع أدرك تماماً أهمية اللغة الإنجليزية في حياتنا العلمية والعملية، لذا كان واقع قرار تقليص عدد الحصص الدراسية لمادة اللغة الإنجليزية من 10 حصص أسبوعياً ل6 حصص أمراً غير مرضٍ، إذ إنها مادة مطلوبة، و10 حصص أسبوعياً كانت مناسبة للطلبة. ويتفق الطالب جعفر علي معه قائلاً: إضافة مواد الفصل الدراسي الثاني على الفصل الثالث ليس بالأمر السهل، خاصة أنه يتراكم على الطالب كمية كبيرة من المقرر يصعب إنجازها قبل الاختبار النهائي، ما يولد لدى الطالب التوتر والقلق من إمكانية إنهاء المواد و اجتياز الاختبار بالشكل المطلوب، كما أن الاستيقاظ المبكر والقدرة على مواصلة الدوام المدرسي الطويل، عامل آخر في صعوبة إلمام الطالب بالمواد كاملة في ظل قصر مدة الإجازة المقررة قبل الاختبارات. فيما يقول الطالب عبد الله علي الشالوبي: عانينا في السنوات الماضية عدم تناسق توزيع الدرجات خاصة في الاختبارات النهائية، كما كانت بعض الاختبارات في غاية الصعوبة وتحمل بعض الأخطاء، وبعد التصحيح يقر بوجود أخطاء بالاختبارات دون تعويض الطلبة عنها، الآن لا مجال للخطأ أو فقدان الدرجات، خاصة وأننا في مرحلة الثاني عشر وأحوج إلى كل درجة، وعليه يجب مراعاة الطلبة في توزيع الدرجات. الشهرية كانت فرصة للتعويض الطالب راشد خلفان محمد يقول: كانت اختبارات التقويم الشهرية فرصة للطالب للتعويض والحصول على الدرجات في حال تعثره في الاختبارات الفصلية وخسارته بعض العلامات. إلا أن القرارات الجديدة المتعلقة بتوزيع الدرجات قننت من درجات اختبارات التقويم، وبالتالي قللت من فرصة التعويض وصار الاعتماد الكلي على الاختبارات النهائية، ما يستدعي من الطلبة التركيز بشكل أكبر خلال التحضير للاختبارات النهائية، وهو بالأمر الصعب خاصة لدى بعض الطلبة الذين يعانون رهبة الاختبارات النهائية حتى وإن كانوا من المتميزين على مستوى المدرسة. الحصص النقاشية أو التفاعلية الطالب شوقي عبد الناصر دياب يقول: الفصول الدراسية الثلاثة زادت من الأعباء والمتطلبات المفروضة على الطلبة، إذ إنه أصبح على الطالب أن يقدم خلال كل فصل عدداً من المشاريع والتقارير التي تكلف الطالب الكثير من الوقت والجهد على حساب دراسة المواد الأخرى، وبالتالي قد تؤثر سلباً في معدل الدرجات وأعمال السنة. وأضاف: كوني في مدارس الغد بالمرحلة الثانوية فإن عدد حصص اللغة الإنجليزية زاد ليصبح 10 حصص أسبوعياً، تمنيت لو أن الزيادة حملت الكثير من الحصص النقاشية أو التفاعلية، إلا أن الظاهر هو زيادة كَمية في عدد الحصص دون جديد في الطرق والأساليب التدريسية، فصارت الزيادة فقط لعدد الدروس في اليوم الواحد.
مشاركة :