تلعب المحيطات دورًا هامًا في السيطرة على ظواهر الاحتباس الحراري، حيث تحتوي 90% من الحرارة الزائدة التي شهدتها الأرض مؤخرًا. وعلى مر السنين لاحظ الباحثون تغيراً في درجة حرارة المحيط، فكلما امتصت البحار حرارة الأرض أكثر زادت الموجات الحرارية في مياه المحيط نفسه. وعلى مدار 150 عامًا كانت السفن تقيس درجة حرارة مياه المحيط، وتحليل بيانات درجة حرارة السطح، ليقارن الباحثون بين حدوث الموجات الحرارية المرتفعة بين عامي 1870 و1920، وبين 1920 و2019. وأظهر تقرير نشره موقع wired أن الفترة الأولى من المقارنة شهدت تصاعداً طفيفاً في درجات الحرارة، بنسبة 2% فقط من سطح المحيط بعض هذه الموجات المرتفعة، واعتبرها العلماء حينئذ ظواهر متطرفة نادرة الحدوث. ولكن عند مقارنة الفترة التالية بين عامي 1920 و2019 كانت النتائج صادمة، حيث سجل سطح المحيط ارتفاعًا في درجات الحرارة بنسبة 57%، وأصبحت الموجات شديدة الحرارة هي الحالة الطبيعية في الكثير من المواقع عبر العالم. ما كان متطرفًا أصبح طبيعيًا وبحسب التقرير فإنه بسبب الاحتباس الحراري، أصبحت الموجات الحرارية تحدث بصفة مستمرة، وتطول مدتها على عكس الماضي، عندما كانت ظاهرة نادرة الحدوث، وبدأ الباحثون في التحذير من الأمر بقولهم إن ما كان متطرفًا أصبح طبيعيًا الآن. وتأثرت بعض الأماكن في المحيط قبل غيرها، فعندما كان المحيط يسجل أعلى درجات حرارة وصل إليها في عام 2014، كان جنوب المحيط الأطلسي قد وصل إلى هذه الدرجة مسبقًا في عام 1998. وتبدأ الموجات الحرارية في غزو مواقع المحيط المختلفة تباعًا، وتختلف هذه الدرجات بين فصول السنة، حيث تشهد درجات الحرارة تراجعًا في الشتاء. ويثير ارتفاع درجات حرارة المحيط قلق العلماء، حيث استمرت الموجات الحرارية في الزيادة وأصبحت أكثر حدة، وكل عام منذ 2014 تزيد الوتيرة، حتى سجل الباحثون عام 2021 كسادس أكبر عام من حيث الموجات الحرارية. الشعاب المرجانية في خطر وقال التقرير إن الموجات الحرارية لا تمهل الكائنات البحرية فرصة للتكيف، أو الهجرة من المواقع الحارة إلى أماكن أكثر برودة، وخاصة الشعاب المرجانية وكل العناصر الثابتة في قاع المحيط، فلا يمكن لها أن تغير موقعها، وعلى مر السنين سيفقد المحيط الكثير من الشعاب المرجانية بسبب الموجات الحرارية المتلاحقة. حيث تتغذى الشعاب المرجانية على الطاقة التي تطلقها كائنات التمثيل الغذائي أو العوالق النباتية، وبدون هذه الطاقة تفقد الشعاب المرجانية حياتها، وبسبب الحرارة المرتفعة تفشل العوالق النباتية في توفير الغذاء اللازم للشعاب المرجانية، الأمر الذي سيجعل الفترة المقبلة بمثابة انتحار جماعي للكثير من الكائنات البحرية. وسيترتب عليه الكثير من العواقب الوخيمة مثل نفوق الطيور البحرية التي تتغذى على الأعشاب البحرية، ويستمر النظام البحري في التداعي، وسيستغرق الأمر سنوات للتعافي والتأقلم مع درجات الحرارة الجديدة، وكل هذا يدق ناقوس الخطر ويستدعي المزيد من الإجراءات الحاسمة لمواجهة الاحتباس الحراري.
مشاركة :