أعلنت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد “نزاهة” السعودية الأربعاء إيقاف 234 متهمًا في جرائم تتعلق بالفساد المالي والإداري في ثماني وزارات حكومية مختلفة، من بينها وزارات سيادية. وتأتي هذه التوقيفات الجديدة امتدادا لتوقيفات سابقة طالت مستويات كبرى في الوزارات بما في ذلك الدفاع والداخلية. ويقول نشطاء سعوديون إن أرقام التوقيفات وانتشارها في وزارات سيادية يؤكدان جدية الحملة لكنها، هي وما سبقها من حملات وتوقيفات بالمئات، تشير أيضا إلى صعوبة المهمة وحجم تغلغل الفساد. ويلفت هؤلاء النشطاء إلى أن هذه الحملة تواجه شبكات محكمة ومتشعبة تم تكوينها منذ عقود، وتوجد بينها عناصر في مواقع حساسة ومتقدمة في الدولة تتقاطع مصالحها مع البيروقراطية، وتعارض أي تغيير أو إصلاح قد يمس من المزايا التي تحصل عليها والأموال التي تستخلصها لنفسها بعيدا عن أعين الرقابة. وقالت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في بيان لها إنها باشرت عددًا من القضايا الجنائية والإدارية خلال الشهر الماضي. وذكرت أنها “نفذت 4286 جولة رقابة وحققت في 634 قضية أسفرت عن ضبط جرائم رشوة واستغلال نفوذ وظيفي وإساءة استخدام سلطة وكذلك التزوير”. وأوضحت أن الجرائم كانت في وزارات الدفاع والداخلية والحرس الوطني والخارجية والصحة والعدل والشؤون البلدية والقروية والإسكان وكذلك وزارة التعليم، حيث تم إيقاف 234 شخصًا منهم من أطلق سراحه بالكفالة الضامنة. وكانت “نزاهة” السعودية أعلنت في السادس من شهر ديسمبر الماضي عن إيقاف أكثر من 250 شخصا متهمين بقضايا فساد في ست وزارات. وما يلفت النظر في هذه التوقيفات أنها تطال مختلف الوزارات ومسؤولين كبارا، بما في ذلك أسماء معروفة في وزارات سيادية، وهو ما يؤكد أن الحملة تحمل توجها رسميا يرعاه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يضع الحرب على الفساد كإحدى أولويات معركة الإصلاح التي يخوضها. وتحتاج إصلاحات الأمير محمد بن سلمان الاقتصادية إلى ضمانات، من بينها التزام الشفافية والنزاهة وتفكيك منظومة الفساد، ما يرسل إشارات إيجابية إلى الشركات الدولية والمستثمرين الأجانب مفادها وجود مناخ حقيقي ملائم للاستثمار في المملكة التي دخلت رهانات كبيرة تتطلب النأي عن المعيقات. ويقول النشطاء السعوديون إن وقوف ولي العهد وراء الحرب على الفساد هو الذي قاد إلى رفع الغطاء عن أسماء بارزة كانت تحتمي بنفوذها وشبكات علاقاتها، لافتين إلى أن الأبرز في هذه الحملة أنها لم تستثن وزارتي الدفاع والداخلية اللتين كانتا في السابق مكانا مغلقا لا أحد يقدر على الاقتراب منه. ومنذ أشهر قليلة تم الإعلان عن إعفاء مدير الأمن العام الفريق خالد بن قرار الحربي، وإحالته إلى التحقيق إثر اتهامه بـ”التزوير والرشوة واستغلال النفوذ”. وكانت إجراءات حكومية سابقة لمواجهة الفساد قد أفضت إلى إعفاء قائدَيْ الجبهة اليمنية الفريق فهد بن تركي بن عبدالعزيز آل سعود (المسؤول العسكري الأول عن ملف الحرب في اليمن) من منصبه وإحالته إلى التحقيق، وإعفاء الأمير عبدالعزيز بن فهد بن تركي بن عبدالعزيز آل سعود (نائب أمير منطقة الجوف) من منصبه وإحالته إلى التحقيق. وقبل ذلك أعلنت المملكة أنها بدأت تحقيقًا جنائيّا في فساد في وزارة الدفاع تصل قيمته إلى 325 مليون دولار. وشمل الاتهام 44 فردًا، منهم 18 رجل أعمال و19 من منتسبي وزارة الدفاع. وقالت وكالة الأنباء السعودية إنّه ثبت “تورط عدد من الضباط والموظفين المدنيين العاملين بوزارة الدفاع بالاشتراك مع آخرين في تعاملات مالية مشبوهة، وارتكابهم جرائم الرشوة، واستغلال النفوذ الوظيفي والتزوير، والتفريط في المال العام، وغسل الأموال، لتحقيق مكتسبات مالية غير مشروعة”.
مشاركة :