عام جديد وتطلعات مشرقة لنظامنا التعليمي العربي

  • 1/29/2022
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

مع‭ ‬إطلالة‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬الميلادي‭ ‬الجديد،‭ ‬الذي‭ ‬يتطلع‭ ‬العالم‭ ‬والبشر‭ ‬فيه‭ ‬واليه‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬الأمل‭ ‬والتطلع‭ ‬والإنجاز‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المستويات،‭ ‬وقد‭ ‬أعدوا‭ ‬له‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الخطط‭ ‬والآمال‭ ‬والتطلعات،‭ ‬لنموهم‭ ‬وتطورهم‭ ‬وتطور‭ ‬مجتمعاتهم‭ ‬ونموها‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الأصعدة‭ ‬والمجالات‭.‬ يحدونا‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬نتطلع‭ ‬إلى‭ ‬نظامنا‭ ‬التعليمي‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬الأمل‭ ‬والتفاؤل‭. ‬لأنه‭ ‬عماد‭ ‬التنمية‭ ‬لجميع‭ ‬المجتمعات‭ ‬المتقدمة‭ ‬وحصان‭ ‬السبق‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬التنموية،‭ ‬به‭ ‬يتطور‭ ‬المجتمع‭ ‬وينمو،‭ ‬ومن‭ ‬خلاله‭ ‬تحدث‭ ‬الطفرات‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬والمجتمعات‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬اجمع‭ ‬عليه‭ ‬الاولون‭ ‬والآخرون‭ ‬المفكرون‭ ‬والفلاسفة‭ ‬والتربويون،‭ ‬حتى‭ ‬بات‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬المسلمات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬عناء‭ ‬في‭ ‬الإثبات‭ ‬والتأكيد‭.‬ ‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬دور‭ ‬التربية‭ ‬وانظمتنا‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬وبناء‭ ‬المجتمعات،‭ ‬فإلى‭ ‬ماذا‭ ‬نتطلع‭ ‬من‭ ‬انظمتنا‭ ‬التعليمية‭ ‬والتربوية‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬الجديد،‭ ‬لتأخذ‭ ‬مكانها‭ ‬الفاعل‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬وبناء‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المجالات‭. ‬اننا‭ ‬نتطلع‭ ‬من‭ ‬انظمتنا‭ ‬التعليمية‭ ‬الى‭ ‬ما‭ ‬يلي‭:‬ أولا‭ - ‬تبني‭ ‬الاتجاهات‭ ‬الجديدة‭:‬ ففي‭ ‬ظل‭ ‬التطورات‭ ‬التعليمية‭ ‬والتربوية‭ ‬الهائلة،‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مجالات‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم،‭ ‬من‭ ‬تصميم‭ ‬للمناهج‭ ‬الدراسية‭ ‬والنظريات‭ ‬التربوية‭ ‬والاتجاهات‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التدريس‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬التعليم‭ ‬والتعلم،‭ ‬وفي‭ ‬تجدد‭ ‬وتنوع‭ ‬أنماط‭ ‬التقويم‭ ‬التربوي، اننا‭ ‬نتطلع‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬انظمتنا‭ ‬التربوية‭ ‬ان‭ ‬تتابع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جديد‭ ‬وفعال‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬فتأخذ‭ ‬به‭ ‬وتتبناه‭ ‬لتحقيق‭ ‬التطور‭ ‬المنشود‭ ‬لأنظمتنا‭ ‬التربوية‭.‬ فمثلا‭ ‬نحن‭ ‬نعيش‭ ‬اليوم‭ ‬عصر‭ ‬الثورة‭ ‬التكنولوجية‭ ‬الهائلة،‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬تعاملا‭ ‬مختلفا‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬واعداد‭ ‬انظمتنا‭ ‬التعلمية،‭ ‬فنظريات‭ ‬الامس‭ ‬التربوية‭ ‬التي‭ ‬نستخدمها‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مناهجنا‭ ‬الدراسية‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تصلح‭ ‬لمواكبة‭ ‬التغيرات‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬اليوم،‭ ‬بل‭ ‬علينا‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬النظريات‭ ‬النفسية‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬تناسب‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬عصر‭ ‬الثورة‭ ‬الرقمية‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭. ‬والتي‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭:‬ النظرية‭ ‬المعرفية‭ ‬لتعلم‭ ‬الوسائط‭ ‬المتعددة‭ (‬2004‭)‬،‭ ‬النظرية‭ ‬التوصيلية‭ ‬Connectivism‭ ‬theory‭ (‬2005‭)‬،‭ ‬نظرية‭ ‬التعلم‭ ‬التعاوني‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ (‬2014‭)‬،‭ ‬نظرية‭ ‬التصميم‭ ‬العاطفي‭ ‬للتعلم‭ ‬باستخدام‭ ‬الوسائط‭ ‬الرقمية‭ (‬2016‭)‬،‭ ‬نظرية‭ ‬العبء‭ ‬المعرفي‭ (‬2019‭). ‬ ومن‭ ‬الاتجاهات‭ ‬الحديثة‭ ‬كذلك‭ ‬توظيف‭ ‬الذكاء‭ ‬الصناعي‭ ‬واستخداماته‭ ‬المتعددة‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية‭ ‬التعلمية،‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬الاتجاهات‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬توظيف‭ ‬واستخدام‭ ‬أدوات‭ ‬وتطبيقات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬والتعلم‭ ‬مثل‭: ‬استخدام‭ ‬أسلوب‭ ‬التلعيب،‭ ‬الواقع‭ ‬الافتراضي،‭ ‬الواقع‭ ‬المعزز،‭ ‬الطباعة‭ ‬الثلاثية‭ ‬الابعاد،‭ ‬القصة‭ ‬الرقمية،‭ ‬متصفح‭ ‬ثلاثي‭ ‬الابعاد‭.‬ هذه‭ ‬امثلة‭ ‬لبعض‭ ‬الاتجاهات‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعليم‭ ‬وهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الاتجاهات،‭ ‬التطورات‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬وهناك‭ ‬اليوم‭ ‬ثورة‭ ‬معرفية‭ ‬هائلة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العلوم‭ ‬التربوية‭ ‬والأنظمة‭ ‬التعليمية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإصدارات‭ ‬والأبحاث‭ ‬العلمية‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬عن‭ ‬مراكز‭ ‬الأبحاث‭ ‬التربوية‭ ‬والجامعات‭ ‬العريقة‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬بالألوف،‭ ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬سنويا،‭ ‬والتي‭ ‬علينا‭ ‬الاخذ‭ ‬بها‭ ‬ونتبناها‭ ‬وهذا‭ ‬يتطلب‭ ‬وجود‭ ‬مراكز‭ ‬أبحاث‭ ‬ومتخصصين‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬في‭ ‬متابعة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جديد‭ ‬وفحصه‭ ‬والتدقيق‭ ‬فيه‭ ‬وتحديد‭ ‬مدى‭ ‬الاستفادة‭ ‬منه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬متابعة‭ ‬الدراسات‭ ‬والبحوث‭ ‬المنشورة‭ ‬وكذلك‭ ‬اعداد‭ ‬دراسات‭ ‬محلية‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬الموضوعات‭. ‬ ثانيا‭ - ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭:‬ تتعرض‭ ‬هويتنا‭ ‬الوطنية‭ ‬اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬سابق،‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬موجات‭ ‬التشويه‭ ‬والتحريف،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحملات‭ ‬الإعلامية‭ ‬المفتوحة‭ ‬والانفتاح‭ ‬العالمي‭ ‬والعولمة‭ ‬التي‭ ‬نعيشها‭ ‬اليوم،‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬ولعل‭ ‬آخرها‭ ‬وأبرزها‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬الحملات‭ ‬المشبوهة‭ ‬لمحاربة‭ ‬الدين‭ ‬والعقيدة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الترويج‭ ‬للإلحاد‭ ‬والتسويق‭ ‬له‭ ‬بين‭ ‬أبنائنا‭. ‬وكذلك‭ ‬نشر‭ ‬موجات‭ ‬الانحلال‭ ‬الأخلاقي،‭ ‬والترويج‭ ‬للمثلية،‭ ‬وإبراز‭ ‬النموذج‭ ‬الغربي‭ ‬للشخصية‭ ‬كأنه‭ ‬هو‭ ‬المثال‭ ‬والقدوة‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬الوصول‭ ‬اليه‭ ‬والاحتذاء‭ ‬به،‭ ‬بل‭ ‬والتشكيك‭ ‬في‭ ‬هوياتنا‭ ‬وأوطاننا،‭ ‬ما‭ ‬حدا‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬شبابنا‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الاوطان‭ ‬العربية‭ ‬للتفكير‭ ‬في‭ ‬الاحتذاء‭ ‬بذلك‭ ‬النموذج،‭ ‬والتفكير‭ ‬بجد‭ ‬للهجرة‭ ‬الى‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬يرونها‭ ‬القدوة‭ ‬والنموذج‭ ‬والأمل‭.‬ ‭ ‬بل‭ ‬ان‭ ‬حملات‭ ‬التشويه‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬هوياتنا‭ ‬الوطنية‭ ‬أكبر‭ ‬وأعمق‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬انها‭ ‬تستهدف‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحيط‭ ‬بالهوية‭ ‬وجذورها‭ ‬النفسية،‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬والعقدية،‭ ‬والانتماء‭.‬ ولقد‭ ‬كانت‭ ‬الأنظمة‭ ‬التعليمية‭ ‬والتربوية‭ ‬ومازالت‭ ‬هي‭ ‬السد‭ ‬المنيع‭ ‬امام‭ ‬كل‭ ‬الهجمات‭ ‬الشرسة‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬واعداد‭ ‬شخصيات‭ ‬الأبناء‭ ‬بحسب‭ ‬قيم‭ ‬وعادات‭ ‬ومعتقدات‭ ‬المجتمعات‭ ‬وهي‭ ‬اليوم‭ ‬مطالبة‭ ‬ان‭ ‬تلعب‭ ‬دورا‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬لكل‭ ‬تلك‭ ‬الهجمات‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المناهج‭ ‬الدراسية‭ ‬المتطورة‭ ‬بتجدد‭ ‬احتياجات‭ ‬المجتمع‭ ‬والتطورات‭ ‬العصرية‭ ‬المحيطة‭ ‬بنا،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬جميع‭ ‬الأنشطة‭ ‬اللاصفية‭ ‬وبالتعاون‭ ‬والتنسيق‭ ‬مع‭ ‬الاسرة‭ ‬والاعلام‭ ‬والمؤسسات‭ ‬المربية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬لتأخذ‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭. ‬ ثالثا‭ - ‬توظيف‭ ‬أكثر‭ ‬للتقانة‭: ‬ نتمنى‭ ‬من‭ ‬انظمتنا‭ ‬التربوية‭ ‬الإسراع‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬الثورة‭ ‬التقنية‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬نعيشها‭ ‬اليوم،‭ ‬وتوظيفها‭ ‬في‭ ‬منظوماتنا‭ ‬التعليمية،‭ ‬فنحن‭ ‬نعيش‭ ‬اليوم‭ ‬ثورة‭ ‬صناعية‭ ‬رابعة‭ ‬هائلة‭ ‬الابعاد‭ ‬والتأثير،‭ ‬يقول‭ ‬كلاوس‭ ‬شواب‭ - ‬المؤسس‭ ‬والرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬للمنتدى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬تقرير‭ ‬المخاطر‭ ‬العالمية،‭ ‬2017‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬نقف‭ ‬على‭ ‬شفا‭ ‬ثورة‭ ‬تكنولوجية‭ ‬كبيرة‭ ‬ستغير‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬نعيش‭ ‬بها‭ ‬ونعمل‭ ‬بها‭ ‬ونربط‭ ‬الأشياء‭ ‬بعضها‭ ‬بعضا‭. ‬ما‭ ‬نواجهه‭ ‬يختلف‭ ‬في‭ ‬الحجم‭ ‬والنطاق‭ ‬ومستوى‭ ‬التعقيد،‭ ‬سنشهد‭ ‬تحولا‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬ما‭ ‬شهدته‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬قبل‭. ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬كيف‭ ‬ستتكشف‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬أمرا‭ ‬واحدا‭ ‬واضحا‭ ‬وهو‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الاستجابة‭ ‬لهذه‭ ‬الثورة‭ ‬الرابعة‭ ‬متكاملة‭ ‬وشاملة،‭ ‬تشمل‭ ‬جميع‭ ‬أصحاب‭ ‬المصلحة‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬العالمي،‭ ‬من‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الأوساط‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني‮»‬‭.‬ نعم‭ ‬إنها‭ ‬ثورة‭ ‬هائلة‭ ‬بكل‭ ‬مقايس‭ ‬البشرية‭ ‬لم‭ ‬تمر‭ ‬على‭ ‬البشرية‭ ‬ثورة‭ ‬هائلة‭ ‬مثلها‭ ‬في‭ ‬سرعة‭ ‬التطور‭ ‬والتأثير‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬المجتمعات‭ ‬والأمم،‭ ‬وهذا‭ ‬يمثل‭ ‬أكبر‭ ‬تحد،‭ ‬ولكنه‭ ‬أعظم‭ ‬فرصة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬أمام‭ ‬أنظمتنا‭ ‬التعليمية‭. ‬فإما‭ ‬ان‭ ‬نستسلم‭ ‬لها‭ ‬ونتجاهلها‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬سيوجد‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الانفصال‭ ‬بين‭ ‬حياة‭ ‬طلبتنا‭ ‬المستقبلية‭ ‬وواقعهم‭ ‬وبالتالي‭ ‬تعميق‭ ‬وزيادة‭ ‬هوة‭ ‬التراجع‭ ‬والتأخر‭ ‬لمجتمعاتنا‭ ‬او‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬واستيعاب‭ ‬هذه‭ ‬الثورة‭ ‬في‭ ‬انظمتنا‭ ‬التعليمية‭ ‬لتسريع‭ ‬تبني‭ ‬التنمية‭ ‬وتطوير‭ ‬مجتمعاتنا‭.‬ ولكي‭ ‬نستفيد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬في‭ ‬أنظمتنا‭ ‬التعليمية‭ ‬علينا‭ ‬القيام‭ ‬بثلاث‭ ‬خطوات‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬وهي‭: ‬التوظيف؛‭ ‬والإعداد؛‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬التطوير‭. ‬ويمكن‭ ‬الكلام‭ ‬بإيجاز‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬خطوة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الخطوات‭: ‬فأولا‭- ‬الاعداد‭: ‬والمقصود‭ ‬بالإعداد،‭ ‬هو‭ ‬إعداد‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬العام‭ ‬وفي‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬والجامعات‭ ‬تحديدا،‭ ‬لتوظيف‭ ‬واستخدام‭ ‬منتجات‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الرابعة‭ ‬والتأقلم‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬حياتهم،‭ ‬وفي‭ ‬تعليمهم،‭ ‬ليعيشوا‭ ‬واقعهم،‭ ‬ويتكيفوا‭ ‬مع‭ ‬عصرهم‭. ‬وهذا‭ ‬يحتم‭ ‬علينا‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬مناهجنا‭ ‬الدراسية‭ ‬وفي‭ ‬طريقة‭ ‬اعداد‭ ‬معلمينا‭ ‬وفي‭ ‬مؤسساتنا‭ ‬التعليمية‭ ‬لتستوعب‭ ‬ذلك‭ ‬وتعد‭ ‬الطلبة‭ ‬على‭ ‬أساسه‭.‬ وثانيا‭- ‬التوظيف‭: ‬والمقصود‭ ‬من‭ ‬التوظيف‭ ‬هو‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬منتجات‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬وتوظيفها‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية،‭ ‬فهناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مكونات‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬توظيفها‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬مثل‭ ‬تحليل‭ ‬البيانات‭ ‬الضخمة،‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬إنترنت‭ ‬الأشياء،‭ ‬والطباعة‭ ‬ثلاثية‭ ‬الأبعاد،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الرابعة‭.‬ وثالثا‭- ‬التطوير‭: ‬وهو‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬وتطوير‭ ‬أدوات‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الرابعة‭ ‬المتعددة‭ ‬والدخول‭ ‬في‭ ‬مجالاتها‭ ‬المختلفة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نكون‭ ‬مستهلكين‭ ‬فقط‭ ‬لما‭ ‬ينتجه‭ ‬الآخرون‭ ‬وإنما‭ ‬مساهمون‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬المعرفة‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬من‭ ‬أوسع‭ ‬أبوابها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإمكانيات‭ ‬المادية‭ ‬والبشرية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تعج‭ ‬بها‭ ‬جامعاتنا‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬وخاصة‭ ‬مراكز‭ ‬الأبحاث‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭.‬ رابعا‭ - ‬التعلم‭ ‬الحقيقي‭:‬ أصبح‭ ‬التعلم‭ ‬الحقيقي‭ ‬هو‭ ‬المطلب‭ ‬الملح‭ ‬لتنمية‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬وتطورها،‭ ‬وليس‭ ‬مظاهر‭ ‬التعلم‭ ‬أو‭ ‬قشوره‭ ‬الخارجية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬الاحتفالات‭ ‬الخادعة‭ ‬او‭ ‬المبالغات‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأرقام‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬الحصول‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بعض‭ ‬المنظمات‭ ‬او‭ ‬المسابقات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬الاعداد‭ ‬لها‭ ‬مسبقا‭ ‬وتدريب‭ ‬الطلبة‭ ‬عليها،‭ ‬للافتخار‭ ‬بما‭ ‬حصلت‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬درجات‭ ‬عالية‭ ‬او‭ ‬ترتيب‭ ‬متقدم‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المجالات‭. ‬وفي‭ ‬الحقيقة‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الا‭ ‬درجات‭ ‬مزيفة،‭ ‬وتضليل‭ ‬للمجتمع‭ ‬بانها‭ ‬مقياس‭ ‬التقدم‭ ‬والتطور‭.‬ ‭ ‬أو‭ ‬تباهي‭ ‬بعض‭ ‬المجتمعات‭ ‬بتضخم‭ ‬الدرجات‭ ‬ونسب‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬الامتحانات‭ ‬التي‭ ‬تعقدها‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬لخريجيها‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬التعليمي‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تتجاوز‭ ‬95‭%‬‭ ‬وتعتبرها‭ ‬دليلا‭ ‬على‭ ‬كفاءة‭ ‬وفعالية‭ ‬أنظمتها‭ ‬التعليمية‭.‬ ولقد‭ ‬عبر‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬تقرير‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬لعام‭ ‬2019م‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬معظم‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ (‬فقر‭ ‬التعليم‭) ‬ويقصد‭ ‬بهذا‭ ‬المصطلح‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬دون‭ ‬العاشرة‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬قراءة‭ ‬نص‭ ‬صغير‭ ‬مناسب‭ ‬لهم‭ ‬وفهمه،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬قصور‭ ‬في‭ ‬تعلمهم‭ ‬وإعاقة‭ ‬تقدم‭ ‬بلدانهم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تكوين‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬البشري‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التحاق‭ ‬غالبية‭ ‬الأطفال‭ ‬بالمدارس،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬منهم‭ ‬لا‭ ‬تكتسب‭ ‬المهارات‭ ‬الأساسية‭. ‬فهناك‭ ‬59‭%‬‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬ممن‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬العاشرة‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬قراءة‭ ‬وفهم‭ ‬نص‭ ‬مناسب‭ ‬لأعمارهم‭. ‬وبالذات‭ ‬بين‭ ‬الذكور‭ ‬حيث‭ ‬بلغت‭ ‬نسبة‭ ‬فقر‭ ‬التعليم‭ ‬بينهم‭ ‬في‭ ‬منطقتانا‭ ‬العربية‭ ‬62‭%‬‭.‬ ما‭ ‬نتمناه‭ ‬ونتطلع‭ ‬اليه‭ ‬من‭ ‬انظمتنا‭ ‬التعليمية،‭ ‬هو‭ ‬واقع‭ ‬ملموس‭ ‬لمساهمة‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬المجتمعية‭ ‬الحقيقية‭. ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تخريج‭ ‬افراد‭ ‬يمتلكون‭ ‬المهارات‭ ‬الأساسية‭ ‬العقلية‭ ‬والأكاديمية‭ ‬واليدوية،‭ ‬مستعينين‭ ‬بأدوات‭ ‬العصر‭ ‬وتقنياته‭ ‬والتطورات‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬مع‭ ‬تأكيد‭ ‬هويتهم‭ ‬الوطنية،‭ ‬ليسهموا‭ ‬مساهمة‭ ‬فاعلة‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬النقص‭ ‬وسد‭ ‬الثغرات‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إليها‭ ‬مجتمعاتنا،‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الميادين‭ ‬للنهوض‭ ‬والتقدم،‭ ‬وبالتالي‭ ‬إحداث‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭.‬ هذه‭ ‬بعض‭ ‬الأمنيات‭ ‬التي‭ ‬نتمناها‭ ‬في‭ ‬أنظمتنا‭ ‬التعليمية‭ ‬لتنطلق‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التنمية‭ ‬المجتمعية‭ ‬وتؤدي‭ ‬التطور‭ ‬المطلوب‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬ khalidbq@gmail‭.‬com

مشاركة :