تقييم سياسة «بايدن» في الشرق الأوسط بعد عام من رئاسته

  • 2/4/2022
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بعد‭ ‬تنصيبه‭ ‬رئيسا‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬يناير2021‭. ‬أعلن‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬عادت،‭ ‬ووعد‭ ‬بتحول‭ ‬كبير‭ ‬عن‭ ‬سياسة‭ ‬أمريكا‭ ‬أولا،‭ ‬لسلفه‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬كما‭ ‬وعد‭ ‬بتنشيط‭ ‬علاقات‭ ‬واشنطن‭ ‬الثنائية‭ ‬ومتعددة‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭. ‬وخلال‭ ‬عامه‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬المنصب،‭ ‬واجه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬منها‭ ‬محاولة‭ ‬تصحيح‭ ‬الوجود‭ ‬العسكري‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬نزاعه‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬ووكلائها‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يحاول‭ ‬فيه‭ ‬التفاوض‭ ‬معها‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬لعام‭ ‬2015‭.‬ ومع‭ ‬انتهاء‭ ‬العام‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬تفاعلات‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬حاول‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬تقييم‭ ‬مدى‭ ‬فعالية‭ ‬وتأثير‭ ‬نهجه،‭ ‬خاصة‭ ‬أنه‭ ‬يواجه‭ ‬الآن‭ ‬انتقادات‭ ‬لعدم‭ ‬إحرازه‭ ‬تقدما‭ ‬على‭ ‬جبهات‭ ‬متعددة‭. ‬وتدور‭ ‬التعليقات‭ ‬حول‭ ‬التوجه‭ ‬الأمريكي‭ ‬المفترض‭ ‬نحو‭ ‬آسيا،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬المحادثات‭ ‬الأوسع‭ ‬نطاقا‭ ‬حول‭ ‬أولويات‭ ‬سياسته‭ ‬الخارجية،‭ ‬والتي‭ ‬أصبحت‭ ‬مرتبكة‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬العالمي‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬تساؤلات‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬محاولاته‭ ‬لتأكيد‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والتعددية‭ ‬قد‭ ‬جرى‭ ‬تقويضها؛‭ ‬بسبب‭ ‬الضرر‭ ‬الذي‭ ‬لحق‭ ‬بسمعة‭ ‬واشنطن،‭ ‬خلال‭ ‬عامه‭ ‬الأول‭ ‬بعد‭ ‬عدة‭ ‬أخطاء‭ ‬فادحة‭.‬ ووفقًا‭ ‬لـ«جوليان‭ ‬بورغر‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬الجارديان،‭ ‬فقد‭ ‬حقق‭ ‬بايدن،‭ ‬بعض‭ ‬النجاحات‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭. ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تعزيز‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬لكييف،‭ ‬وتطوير‭ ‬سياسة‭ ‬متماسكة‭ ‬تجاه‭ ‬موسكو،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬سياسته‭ ‬غير‭ ‬المكتملة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وقد‭ ‬نال‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬تعاطف‭ ‬بعض‭ ‬المحللين؛‭ ‬كونه‭ ‬واجه‭ ‬ظروفا‭ ‬صعبة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بتوليه‭ ‬المنصب‭ ‬بعد‭ ‬ترامب‭. ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق،‭ ‬رأى‭ ‬ليوناردو‭ ‬مازوكو،‭ ‬وكريستيان‭ ‬ألكسندر،‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬تريندز‭ ‬للبحوث‭ ‬والاستشارات،‭ ‬أن‭ ‬لديه‭ ‬إرثا‭ ‬معقدا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بموقف‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬نهج‭ ‬سلفه‭ ‬شديد‭ ‬العدوانية‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭. ‬ورغم‭ ‬انتقاده‭ ‬الكبير‭ ‬لنهج‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬فقد‭ ‬أقر‭ ‬دانيال‭ ‬برومبرج،‭ ‬من‭ ‬المركز‭ ‬العربي‭ ‬واشنطن‭ ‬دي‭ ‬سي،‭ ‬أن‭ ‬رؤيته‭ ‬للعالم‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬سلفه،‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭.‬ ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الانتقادات‭ ‬الموجهة‭ ‬إلى‭ ‬سياسته‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬تتزايد‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تركيز‭ ‬إدارته‭ ‬على‭ ‬الصين،‭ ‬والذي‭ ‬يُنظر‭ ‬إليه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬استنزاف‭ ‬للموارد،‭ ‬وتغيير‭ ‬في‭ ‬الأولويات‭. ‬ولاحظ‭ ‬برومبرج،‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬مقتنعون،‭ ‬بأن‭ ‬سياسة‭ ‬أمريكا‭ ‬تجاه‭ ‬المنطقة‭ ‬تعكس‭ ‬تحولاً‭ ‬استراتيجيا‭ ‬متعمدًا‭ ‬تجاه‭ ‬آسيا،‭ ‬وأن‭ ‬انخفاض‭ ‬المشاركة‭ ‬الأمريكية‭ ‬شكل‭ ‬مكافأة‭ ‬لمثيري‭ ‬الشغب‭ ‬الإقليميين‭. ‬وبالمثل،‭ ‬أكد‭ ‬دانييل‭ ‬ستريف،‭ ‬من‭ ‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية،‭ ‬أن‭ ‬لدى‭ ‬واشنطن‭ ‬توجها‭ ‬استراتيجيا‭ ‬في‭ ‬المنافسة‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬فيما‭ ‬يمثل‭ ‬تحولاً،‭ ‬بعيدًا‭ ‬لها‭ ‬عن‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭.‬ وكذلك،‭ ‬يرى‭ ‬مازوكو،‭ ‬وألكسندر،‭ ‬أن‭ ‬بايدن،‭ ‬قد‭ ‬أعطى‭ ‬الأولوية‭ ‬للمواجهات‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الأزمات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والسياسية‭ ‬الإقليمية‭ ‬العاجلة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬باليمن‭ ‬وسوريا،‭ ‬لم‭ ‬تتم‭ ‬معالجتها‭ ‬في‭ ‬الواقع‭.‬ وارتبط‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬بإحجام‭ ‬شديد‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬واشنطن،‭ ‬عن‭ ‬التعامل‭ ‬المباشر‭ ‬مع‭ ‬الأزمات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬بسبب‭ ‬خوفها‭ ‬من‭ ‬التورط‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬صراعات‭ ‬طويلة؛‭ ‬حاولت‭ ‬الإدارات‭ ‬المتعاقبة‭ ‬الخروج‭ ‬منها‭. ‬ووفقًا‭ ‬لـ«دانيا‭ ‬الخطيب‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬التعاون‭ ‬وبناء‭ ‬السلام‭ ‬للدراسات،‭ ‬فإنه‭ ‬مع‭ ‬انسحاب،‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج،‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬تتبنى‭ ‬سياسة‭ ‬الفوضى،‭ ‬ما‭ ‬يمنح‭ ‬الحرية‭ ‬لأي‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الأخرى‭ ‬أخذ‭ ‬زمام‭ ‬المبادرة‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬الشأن‭ ‬الإقليمي‭. ‬وعلق‭ ‬جوناثان‭ ‬فولتون،‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬قد‭ ‬خلق‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬نقاط‭ ‬الضعف‭ ‬مع‭ ‬حلفائها‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬والتي‭ ‬تبدو‭ ‬الصين‭ ‬نفسها‭ ‬راغبة‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬نقاط‭ ‬الضعف‭ ‬هذه،‭ ‬وخلق‭ ‬حالة‭ ‬احتكاك‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وشركائها‭ ‬الإقليميين‭.‬ وفي‭ ‬تأييد‭ ‬لهذا،‭ ‬أكد‭ ‬برومبرج،‭ ‬أن‭ ‬مشاكل‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬تنبع‭ ‬من‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لا‭ ‬تسترشد‭ ‬بفكرة‭ ‬شاملة‭. ‬ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظره،‭ ‬فإن‭ ‬منطق‭ ‬الارتجال‭ ‬قائم‭ ‬داخل‭ ‬إدارة‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬الحالية،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬فإن‭ ‬نهجها‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬وتحدياتها‭ ‬الأمنية،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُعزى‭ ‬إلى‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬العقيدة‭. ‬وبالمثل،‭ ‬قيمت‭ ‬كيرستن‭ ‬فونتروز،‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬أن‭ ‬سياسة‭ ‬بايدن‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬كانت‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬تفاعلية،‭ ‬وقصيرة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬ويعكس‭ ‬هذا‭ ‬النقص‭ ‬في‭ ‬الاهتمام،‭ ‬الذي‭ ‬أولته‭ ‬إدارته‭ ‬بالمنطقة‭.‬ وأكد‭ ‬برومبرج،‭ ‬أن‭ ‬بايدن،‭ ‬حاول‭ ‬مواجهة‭ ‬عدد‭ ‬لا‭ ‬يحصى‭ ‬من‭ ‬اللاعبين‭ ‬الإقليميين‭ ‬والعالميين‭ ‬المتشابكين‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التقليد‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬ممارسته‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مستشاريه‭ ‬والمتمثل‭ ‬في‭ ‬مجرد‭ ‬التخبط‭.‬ ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬دافع‭ ‬آخرون‭ ‬عن‭ ‬السجل‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬لإدارة‭ ‬بايدن‭. ‬وحذر‭ ‬ستيفن‭ ‬كوك،‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬اتهام‭ ‬الإدارة،‭ ‬بأنها‭ ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬استراتيجية،‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬الاختلافات‭ ‬الآيديولوجية‭ ‬لدى‭ ‬المنتقدين‭ ‬مع‭ ‬الإدارة‭ ‬الحالية،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الغياب‭ ‬الفعلي‭ ‬للاستراتيجية،‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬لديها‭ ‬استراتيجية‭ ‬للشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬حيث‭ ‬يقوم‭ ‬بايدن‭ ‬وفريقه‭ ‬بتحليل‭ ‬المشاكل‭ ‬الإقليمية،‭ ‬وكيف‭ ‬تتقاطع‭ ‬مع‭ ‬مصالح‭ ‬أمريكا،‭ ‬وما‭ ‬الموارد‭ ‬المتاحة‭ ‬لديهم،‭ ‬وما‭ ‬تكاليف‭ ‬اتباع‭ ‬مجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬السياسات؟‭. ‬وبالمثل،‭ ‬أوضحت‭ ‬ناتالي‭ ‬توتشي،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬الشؤون‭ ‬الدولية،‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬إعادة‭ ‬التوجيه‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬تجاه‭ ‬الصين،‭ ‬طورت‭ ‬الأولى،‭ ‬استراتيجية‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الشركاء‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬وآسيا،‭ ‬والاعتماد‭ ‬بشكل‭ ‬أقل‭ ‬على‭ ‬الأداة‭ ‬العسكرية؛‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية‭. ‬وفي‭ ‬تقرير‭ ‬نشره‭ ‬مركز‭ ‬التقدم‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وصف‭ ‬برايان‭ ‬كاتوليس،‭ ‬وبيتر‭ ‬جول،‭ ‬نهج‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬بأنه‭ ‬مشاركة‭ ‬براغماتية،‭ ‬ومحاولة‭ ‬تجنب‭ ‬الوعود‭ ‬الزائدة،‭ ‬وتأكيد‭ ‬الخيار‭ ‬الدبلوماسي‭.‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الجدل‭ ‬الدائر‭ ‬حول‭ ‬استراتيجية‭ ‬بايدن‭ ‬الإقليمية،‭ ‬فإن‭ ‬اقتحام‭ ‬إدارته‭ ‬الديمقراطية‭ ‬لهذا‭ ‬النمط‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬الدولية،‭ ‬قد‭ ‬جعلها‭ ‬تواجه‭ ‬مشاكل‭ ‬كبيرة‭. ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬ستريف‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬سجل‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬يقترح‭ ‬نهجًا‭ ‬طويلا‭ ‬يشجع‭ ‬على‭ ‬لغة‭ ‬الخطابة،‭ ‬ويقتصر‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬تغيير‭ ‬حاسم،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ربط‭ ‬مقاربته‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية،‭ ‬بتنشيط‭ ‬التعددية‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬القيم‭ ‬الديمقراطية‭.‬ وعلى‭ ‬نطاق‭ ‬واسع،‭ ‬تم‭ ‬الاستشهاد‭ ‬بالانسحاب‭ ‬من‭ ‬أفغانستان،‭ ‬باعتبارها‭ ‬كارثة‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬سياسته‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭. ‬والتي‭ ‬تنعكس‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬قيادته،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أن‭ ‬الانسحاب‭ ‬المضطرب‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬2020‭. ‬يمثل‭ ‬أكبر‭ ‬خطأ‭ ‬في‭ ‬سجله‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭. ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬علاقاته‭ ‬مع‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬قد‭ ‬ترك‭ ‬الشركاء‭ ‬الإقليميين‭ ‬يشعرون‭ ‬بالانزعاج‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬أكدت‭ ‬ليزا‭ ‬كورتيس،‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬الأمن‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجديد،‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬الانسحاب‭ ‬المتسرعة،‭ ‬وعمليات‭ ‬الإجلاء‭ ‬الفوضوية،‭ ‬تركت‭ ‬وصمة‭ ‬عار‭ ‬على‭ ‬جبين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وصورتها‭ ‬العالمية‭.‬ ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬أفغانستان‭ ‬ألقى‭ ‬بظلاله‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وفي‭ ‬غياب‭ ‬أي‭ ‬نجاحات‭ ‬كبرى‭ ‬قد‭ ‬تحققت‭ ‬من‭ ‬ورائه،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬تتضاءل‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬أبرز‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬مازوكو‭ ‬وألكسندر،‭ ‬كيف‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬تنصيبه،‭ ‬لم‭ ‬تتحقق‭ ‬تلك‭ ‬الوعود‭ ‬والتوقعات‭ ‬بحدوث‭ ‬تحول‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬واشنطن‭ ‬حيال‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وعلق‭ ‬كلاهما‭ ‬أن‭ ‬المخاوف‭ ‬الداخلية،‭ ‬مثل‭ ‬جائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬والاقتصاد‭ ‬المنهك،‭ ‬قد‭ ‬هيمنت‭ ‬على‭ ‬أجندة‭ ‬أعماله‭ ‬الرئاسية،‭ ‬تاركةً‭ ‬رأس‭ ‬مال‭ ‬دبلوماسي‭ ‬وموارد‭ ‬محدودة‭ ‬تقود‭ ‬أجندة‭ ‬سياسته‭ ‬الخارجية‭. ‬وبالتالي،‭ ‬تابعت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬بـحذر،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬تقرره‭ ‬واشنطن‭ ‬إزاء‭ ‬دورها‭ ‬الذي‭ ‬ستلعبه‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬تلك‭ ‬المخاوف‭.‬ ويتوقف‭ ‬النجاح‭ ‬النهائي‭ ‬لعمليات‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬المتعلقة‭ ‬بإدارة‭ ‬ملف‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬لبايدن‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬نتيجة‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬علي‭ ‬حرب،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬فورين‭ ‬بوليسي،‭ ‬بـ‮«‬مبادراته‭ ‬الرئيسية‮»‬،‭ ‬والمتعلقة‭ ‬بالمحادثات‭ ‬النووية‭ ‬الجارية‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬فيينا،‭ ‬وجهوده‭ ‬لجلب‭ ‬الصراع‭ ‬باليمن‭ ‬إلى‭ ‬نهايته‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين،‭ ‬بشأن‭ ‬الجهود‭ ‬الأمريكية‭ ‬حيال‭ ‬تلك‭ ‬المبادرات‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬قد‭ ‬تواجه‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأزمات،‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬إيران‭ ‬ووكلائها،‭ ‬والتي‭ ‬كافحت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬حتى‭ ‬تاريخه‭ ‬لاحتوائها‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬وفي‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬التعليق‭ -‬سالف‭ ‬الذكر‭- ‬حول‭ ‬التوجه‭ ‬الأمريكي‭ ‬نحو‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬محور‭ ‬آسيا،‭ ‬قال‭ ‬ستيفن‭ ‬والت،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬هارفارد،‭ ‬إن‭ ‬المخاوف‭ ‬المستمرة‭ ‬بشأن‭ ‬المحادثات‭ ‬النووية،‭ ‬تعني‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬بايدن،‭ ‬أراد‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬منطقة‭ ‬آسيا‭ ‬ومكافحة‭ ‬ظاهرة‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬وتداعياتها،‭ ‬ربما‭ ‬سيكرس‭ ‬وقتًا‭ ‬واهتمامًا‭ ‬أقل‭ ‬للشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ولكن‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬تجاهله‭ ‬تمامًا‭. ‬ ومع‭ ‬بداية‭ ‬عام‭ ‬2022‭. ‬أوضح‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬كاتوليس،‭ ‬وجول،‭ ‬أن‭ ‬نهج‭ ‬بايدن‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬دائرة‭ ‬النقاشات‭ ‬السياسية،‭ ‬التي‭ ‬يهيمن‭ ‬عليها‭ ‬حالة‭ ‬التردد‭ ‬والاختيار،‭ ‬إما‭ ‬بين‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬أو‭ ‬الانسحاب‭ ‬والتركيز،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬الثابتة‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التحديات،‭ ‬والفرص‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬التي‭ ‬يصعب‭ ‬تجاهلها‭. ‬وعند‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬مستقبل‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬اقترح‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬مازوكو،‭ ‬وألكسندر،‭ ‬أن‭ ‬إدارته‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتعلم‭ ‬دروسًا‭ ‬قيمة‭ ‬من‭ ‬إخفاقات‭ ‬إدارة‭ ‬أوباما‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬بشعور‭ ‬اللاعبين‭ ‬الإقليميين‭ ‬بأنهم‭ ‬مستبعدون‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬التفاوض‭ ‬بشأن‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي،‭ ‬وأوصى‭ ‬كلاهما‭ ‬بأن‭ ‬على‭ ‬واشنطن‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬لحلفائها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬تطمينات‭ ‬موثوقة،‭ ‬بشأن‭ ‬التزاماتهم‭ ‬تجاه‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭.‬ على‭ ‬العموم،‭ ‬فإنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬بايدن،‭ ‬قد‭ ‬ورث‭ ‬وضعًا‭ ‬صعبًا‭ ‬عالميا‭ ‬قد‭ ‬خلفه‭ ‬سلفه،‭ ‬فإن‭ ‬سياسة‭ ‬إدارته‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬تفتقر‭ ‬بوضوح‭ ‬إلى‭ ‬التركيز،‭ ‬وتعد‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬عالقة،‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬انتقالية‭ ‬بين‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬النُهج‭ ‬المتباينة‭ ‬للعلاقات‭ ‬الدولية‭. ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الإشارات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالتحول‭ ‬نحو‭ ‬الاهتمام‭ ‬بآسيا‭ ‬والانسحاب‭ ‬من‭ ‬أفغانستان،‭ ‬قد‭ ‬أضرّت‭ ‬بعلاقات‭ ‬واشنطن‭ ‬مع‭ ‬حلفائها‭ ‬الإقليميين،‭ ‬لدرجة‭ ‬تساؤل‭ ‬البعض‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬لدى‭ ‬الرئيس‭ ‬وإدارته‭ ‬استراتيجية‭ ‬من‭ ‬الأساس‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬سعى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬إلى‭ ‬لفت‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬تركيزه‭ ‬على‭ ‬مبادئ‭ ‬التعددية،‭ ‬والحلول‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬كوسيلة‭ ‬لتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭. ‬ ويبقى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022‭. ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بإمكان‭ ‬بايدن‭ ‬وإدارته‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬أعذار‭ ‬تحول‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬لتبرير‭ ‬قراراتهم،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬المحادثات‭ ‬النووية‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق،‭ ‬وستستمر‭ ‬الانتقادات‭ ‬لسياسته‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬طالما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تحقيق‭ ‬إنجازات‭ ‬ملموسة‮»‬‭.‬

مشاركة :