وجاءت تسمية السوق بسوق الغزال الواقع بمنطقة الشورجة بين جامع الخلفاء ومنارته الشهيرة التي تعود لنحو سبعة قرون وكنيسة السيدة العذراء أقدم الكنائس في بغداد، نسبة إلى اتخاذه من قبل تجار النسيج والغزل إبان العهد العثماني مكانا لتسويق بضائعهم، وبقي على هذه الحال عقودا طويلة من الزمن حتى تحول قبل أكثر من 50 عاما إلى سوق لبيع الطيور والحيوانات البرية والداجنة بمختلف أنواعها. وعند الوصول إلى موقع السوق ترى حشودا من الناس يتجمعون عند مداخل السوق، حيث يعرض العديد من البائعين حيواناتهم وطيورهم في أقفاص بأكشاك متناثرة على الرصيف الضيق لشارع الجمهورية قبل أن يتوسع السوق ليشغل جميع الأجزاء الفرعية للأزقة المجاورة. وقال محمد حسين (52 عاما) وهو يقف وسط عشرات أقفاص طيور الحب داخل محله وسط السوق لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن هذا السوق ليس فقط لبيع وشراء الحيوانات ولكنه فرصة للعائلات للاستمتاع والتعرف على أنواع مختلفة من الحيوانات". وأضاف "هناك أنواع كثيرة من الحيوانات بما في ذلك الحيوانات الأليفة والحيوانات المفترسة "، مبينا أن بعض أصحاب المتاجر لديهم مزارع لتربية النعام والغزلان. وهذا السوق التقليدي ليس فقط مكانا للمتعة بالنسبة للعراقيين بل هو أيضا خطوة فريدة للعثور على فرصة عمل في ظل انتشار البطالة في البلاد والعقبات الاقتصادية الشديدة التي تفاقمت بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2003 وانتشار جائحة كورونا مؤخرا في البلاد، حيث ارتفعت نسبة الفقر بين العراقيين. وتابع حسين أن "السوق أصبح نقطة جذب لكثير من العراقيين سواء من محبي الحيوانات أو ممن يريدون كسب عيشهم من خلال بيع وشراء الحيوانات والطيور". ووصف حسين سوق الغزال بأنه "منتدى ثقافي" للبائعة والهواة ومربي الحيوانات، مبينا أن الطيور في السابق كانت فقط من داخل العراق أما حاليا وبعد فتح الاستيراد توفرت طيور أوروبية وأسترالية وأفريقية ومن مختلف الأماكن الأمر الذي زاد من إقبال الناس على السوق. أما محمد عبد الحميد (33 سنة) وهو أحد المهتمين بتربية أسماك الزينة والقيام بأعمال تجارية لجني الأرباح للتغلب على الصعوبات الاقتصادية لعائلته والذي يرتاد السوق كل يوم جمعة ويستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للبيع. وقال عبد الحميد، وهو أحد رواد السوق "أحضر إلى سوق الغزال كل يوم جمعة ولدي هواية تربية أسماك الزينة وأملك حوالي ستة أحواض مائية في المنزل كل منها لنوع معين من الأسماك". ويتردد عبد الحميد على هذا السوق دائما بحثا عن نوع جديد وفريد من الأسماك قد يجذب العملاء للشراء. وأضاف "في بعض الأحيان أبيع أسماك الزينة على صفحتي على (الفيسبوك) كما أبيع الأسماك أو أقوم بمبادلتها مع أصحاب المتاجر في السوق". وفي محاولة لإظهار شغفه بتربية أسماك الزينة، قال عبد الحميد: "الاحتفاظ بأسماك الزينة أمر رائع للغاية وأشعر أنني أمارس هواية تمنحني راحة نفسية عندما أنظر إلى الأسماك في المنزل". يذكر أن المحال في سوق الغزال تفتح أبوابها طيلة أيام الأسبوع، لكن الذروة فيها تبلغ يوم الجمعة، حيث يحضر العديد من الناس من مختلف مناطق العاصمة والمحافظات العراقية الأخرى من عشاق تربية الطيور والحيوانات بمختلف أنواعها ومن يبحث عن كسب العيش والتجارة. من جهته قال علي الكعبي (40 عاما) ، الذي اعتاد القدوم كل يوم جمعة من حي الدورة جنوب بغداد إلى سوق الغزال لبيع وشراء الطيور "إن الكثير من الناس يحبون اصطحاب أطفالهم إلى منطقة سوق الغزال الفريدة من أجل الاستمتاع بمشاهدة الحيوانات الفريدة التي تعرض في السوق". وتابع الكعبي "يأتي الناس من الصباح الباكر حتى بعد الظهر لممارسة الأعمال التجارية لكن معظمهم يأتون فقط لمشاهدة أنواع الحيوانات المختلفة في السوق والاستمتاع برؤيتها". وبعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 تعرض سوق الغزال المكتظ بالناس للعديد من الهجمات الإرهابية من قبل تنظيم القاعدة الإرهابي، التي تستهدف الأسواق والتجمعات البشرية، أسفرت عن مقتل وجرح المئات من العراقيين. وتعتبر قوات الأمن الحضور الهائل للناس في البازار تهديدا أمنيا يستلزم إجراءات أمنية إضافية للسيطرة على منطقة الاكتظاظ وتجنيب أرواح المدنيين للخطر. وشكا رعد محمود (55 عاما) صاحب محل لبيع الطيور من القيود الأمنية التي تعرقل نشاط السوق خاصة يوم الجمعة وهي أفضل فرصة للبائعين للقيام بعمل ممتاز في البازار. وقال "إن قوات الأمن تغلق مداخل السوق الساعة 11:00 صباحا كل يوم جمعة لمنع المزيد من الناس من دخول البازار لتأمين المكان، لكن البازار يستمر حتى بعد الظهر فقط لمن يدخل باكرا قبل الساعة 11:00 صباحا". وأضاف محمود "هناك ظروف معيشية صعبة لذلك نتمنى أن تمدد الأجهزة الأمنية فترة فتح أبواب السوق إلى ما بعد الساعة 2:00 ظهرا للسماح للناس بالتسوق خلال يوم الجمعة من كل أسبوع كون بعض الناس يأتون لكسب الرزق".
مشاركة :